وطنا اليوم – خاص- في الوقت الذي تسعى فيه الأحزاب الى ترتيب اوراقها والإلتزام بشروط القانون الجديد قبل إنتهاء المدة المقررة في 15 ايار القادم ، يبدو ان الأحزاب التي نجحت في عبور مرحلة الاعتماد قد بدأت تعيد تموضعها في الخارطة الديموغرافية والجغرافية الاردنية .
ثمة تحرك التقطته وطنا اليوم لحزب إرادة مؤخراً بدأ يتمدد في خارطة البلديات بعد إنضمام رئيس وبعض أعضاء بلدية سحاب ورئيس وبعض أعضاء بلدية الهاشمية فيما بلديات ام الرصاص والقطرانة والسلطاني أخر من انضموا لإرادة .
بالمقابل لا تزال عملية الاستقطاب هادئة في الحزب الوليد “الميثاق ” الذي يبدو انه لا يزال مُصر – وكما استمعت وطنا اليوم – على استقطاب النخب من مجلسي الأعيان والنواب أو من الذين يتوقع تصدرهم للمشهد الانتخابيي خلال المراحل القادمة ، فيما الميثاق وكما جاء على لسان قطب الميثاق قبل ايام يتباهى بانه يملك “ثلثي” أعضاء مجلس النواب .
في حين أن الاسلاميين يركزون على تطوير النمط الخطابي التقليدي ، حيث لاحظت وطنا اليوم مؤخرا في بيانات جبهة العمل الاسلامي وخلال المؤتمر العام للحزب -الذي اثار اعجاب المراقبين تنظيما وخطاباً- ، بروز التنوع في النمط الخطابي بكلمات توزعت بين العنصر الشاب والنسوي والمخضرمين في الحزب ،بعيداً عن سرديات النمط التقليدي بين الحمائم والصقور في الحزب، فيما بيانات الحزب بدت اكثر تطوراً وحداثة في تناول القضايا المعاصرة داخلياً واقليمياً.
ثمة ملاحظة اخرى رصدتها وطنا اليوم تتعلق بتمنع أحزاب اليسار أو بشكل ادق اعتكافها عن الظهور العلني، وتكتفي بالبيانات المشتركة التي تصدر عن ائتلاف الاحزاب القومية واليسارية، فيما حضور كثيف لليساريين والقوميين في المجموعات التواصلية، الملفت فيه انه حضور “صامت” كما وصفه احد المراقبين واستمعت له وطنا اليوم، ويقتصر عليهم كمراقبين للمشهد وليس كمشاركين في الطرح .
بالمحصلة وبعيدا عن السرد الحزبي النمطي وقريباً من المشهد الحزبي الاردني، يبدو أن حزبي الميثاق وإرادة وهما احدث الاحزاب ولادةً بعد قانون الاحزاب الجديد استشعروا خارطة التقسيمات الحزبية او بشكل ادق اتفقوا ضمنياً ضمن جهد هندسي مساعد على تقاسم مناطق او مناصب النفوذ، حيث ذهب إرادة الى البلديات ومراكز أقل ثقلاً في حين إتجهت بوصلة “الميثاق” نحو النخب في البرلمان والاعيان، هنا وليس بعيداً عن الترتيبات الرسمية يبدو ان كلا المولودين الجديدين قد بدأت مرحلة الفطام لهما مركزين بذلك على الغنائم الجاهزة او المواقع المعلبة .
ثمة إتجاه في تحركات إرادة والميثاق تشير الى أن الإستقطاب يركز على الاشخاص في المواقع المكررة والجاهزة ، بمعنى من يتلمس الحزب ان له حضور شعبي ادى الى نجاحه في الانتخابات البلدية – بالنسبة للإرادة- والانتخابات البرلمانية – بالنسبة للميثاق- يتم التركيز عليه واستقطابه، وهنا ثمة معوقات او أخطاء طارئة او مخاطرة قد تؤدي الى تحطيم الهيكل التنظيمي للحزب او تلغيم مسيرة الحزبين، إذا ما بني الاستقطاب فقط عمودياً وتجاهل الحزبين الاستقطاب الافقي، بمعنى بناء القواعد الشعبية التي تفرز منها اشخاص للمناصب وليس العكس وهنا قد يقع المحظور، حيث تلاحظ وطنا اليوم استنساخ لنفس تجربة حزب “العهد” السابق الذي تم هندسته إلا انه ونتيجة لإتباع نفس التكتيك ما لبث ان لقي حتفه في حادث مفاجئ لم يعرف بعد مصير اعضائه.
يبقى حضور اليساري والقومي بطيئاً او بشكل ادق تغلب عليه سمة التكتم (بعيدا عن نمطية العمل الحزبي السري) فيما الإسلاميين بالاصل تجاوزوا مراحل الاستقطاب ويعملون على “الغربلة” او الفرز مراقبين لكل التحركات بدقة متناهية ضمن حسابات دقيقة استعداداً لغنائم يريدون ان يكونوا قريبين منهم سواءً من خلال الاتفاقات الافقية او العمودية او من خلال هندسة قد تفرضها أدوات الدولة لتبيض صفحة اللجنة الملكية لتحديث منظومة الاصلاح السياسي.
مع كل ما سبق يبقى الحزب الاكثر اقناعا بين النخب المثقفة وتخشى الانضمام اليه بسبب تعقد المشهد هو حزب الشراكة والانقاذ