لماذا نقبل هذا الصمت؟

17 ديسمبر 2022
لماذا نقبل هذا الصمت؟

تمارا خزوز

منذ بداية أزمة إضراب سائقي الشاحنات وأصحاب وسائل النقل، كان واضحاً للمراقبين أن توتر الشارع حقيقي وتوسّع الإضراب وتطور الأحداث حتمي، ومع ذلك توالت التصريحات النيابية والتطمينات من قبل المصادر الحكومية أن الأمور في طريقها للحل لدرجة أن الناطق الرسمي باسم الحكومة قد صرّح في إحدى المقابلات أنها “أزمة وبتعدي”.

والحال أنه كلما زادت التطمينات توسّع الإضراب، وتغيرت مفردات الاحتجاج من “إضراب شاحنات وإضراب النقل” إلى “عصيان مدني” وهي جملة كفيلة بإرباك المسؤولين في أية دولة في العالم.

توالي التطمينات أوقع البعض في فخ الظن أن الإضراب موجّه لا بل قد تمت هندسته برعاية رسمية لسبب ما في نفس يعقوب على نحو سيناريوهات سابقة خاطبت الإقليم وليس الداخل.  

زاد من هذه الشكوك الصمت الحكومي في مستوياته العليا بعد أن تمخضت المشاورات وبدأت الحلول الحكومية تظهر على شكل تأجيل أقساط بنوك ورسوم جامعية. 

ثم حدث ما حدث ليلة الخميس لنستيقظ على خبر فقد الأجهزة الأمنية أحد مرتباتها برتبة عقيد في منصب حساس. تحوّل دراماتيكي للأحداث وسابقة خطيرة لها دلالات أمنية ورمزية غير مسبوقة في المشهد الأردني. 

بعيدا عن بيان الأمن العام المتوّعد بحق كل من تطاول على القانون وسيادته وعبث بأمن الوطن، لم يخرج أي بيان سياسي من قبل الدولة يفسر للناس ما حدث!  وجاء بعد ذلك المؤتمر الصحافي لوزير الداخلية ومدير الأمن العام ليترك الباب لمزيد من الأسئلة؟ 

فأين مسؤولية الدولة السياسية التي تتحملها الحكومة أمام المواطنين ونوابهم لتفسّر حيثيات الحادثة ولماذا فقدنا رجل أمن برتبة عقيد وحوالي ٤٩ إصابة في مرتبات الدرك والأمن العام؟ ماذا لو اندلعت أحداث بنفس الحجم والوقت في أماكن أخرى هل يعني ذلك مضاعفة أعداد الإصابات في مرتبات الأمن العام؟ من المسؤول عن تقدير الموقف على الأرض؟ 

هل تستطيع الحكومة تقديم تطمينات وضمانات للمواطنين العزل في بيوتهم أن هذا الكم الهائل من السلاح المتداول بين المواطنين سواء كان مرخصاً أم غير مرخص هو فعلاً تحت السيطرة ولا يشكل خطورة على الأمن والسلم المجتمعي؟ 

كل الأجهزة الأمنية في العالم ومهما كانت قوتها تحتاج لغطاء سياسي مواز من حكومة قوية صلبة قادرة على مواجهة الناس واقناعهم ولا نكون بحاجة حينها لتقديم الحل الأمني على السياسي.

كل هذه الاسئلة بحاجة لإجابات فورية ومن خلال خطاب حكومي سياسي وجداني وليس أمنياً يذّكر الناس أنهم في وطنهم؛ خطاب يليق بهم وببلدهم وبنظامهم وبصبرهم وبحكمتهم التي حافظت على البلد من السقوط في الهاوية أكثر من مرة.

خطاب يليق بالدعوات للإصلاح وبلجان التحديث والوعود المقطوعة أمام جلالة الملك .خطاب يليق بالمئوية الجديدة.

لكن الحطاب الحكومي كان غائباً عن المشهد كلّه. فلماذا نقبل حقاً بكل هذا الصمت؟