كتب زهدي جانبيك: اخي الموظف

4 سبتمبر 2022
كتب زهدي جانبيك: اخي الموظف

 

زهدي جانبيك

من حقك الاطلاع على بطاقتك الوظيفية بكل ما فيها من معلومات، بما في ذلك نتائج التقييم السنوي.

الإدارة العامة في الأردن:
كنت من المحظوظين الذين تم قبولهم في برنامج الماجستير للإدارة العامة في الجامعة الأردنية عام 1990… حيث تشرفت بتلقي العلم على أيدي قامات إدارية منهم : محمد القريوتي، وعبدالله عكايلة، ومحمد ذنيبات، ومحمد ياغي، والعواملة، وربحي الحسن،… مع حفظ الالقاب.

ولانه كان امينا عاما لديوان الخدمة المدنية، وتقتضي الظروف السياسية وقتها المحافظة على بقائه، فقد تم اختراع ديوان الرقابة والتفتيش الإداري وتعيينه رئيسا له، وكان وقتها لا زال يدرسنا في برنامج الماجستير،… عن الدكتور محمد ذنيبات اتحدث…

ولان العلم يؤتى ولا يأتي، كنا (طلاب الماجستير) نذهب اليه في مكتبه في ديوان الرقابة والتفتيش الإداري الذي كان يقوم بتأسيسه، في الدوار الرابع بدلا من أن يأتينا الى قاعات المحاضرات في الجامعه الأردنية.

وما لبث هذا الوليد (الديوان) ان ذهب كما جاء (بعد ان سلب من ديوان الخدمة المدنية إحدى اهم وظائفه، الرقابة الإدارية، حسبما ابلغنا به رئيس الديوان الحالي) … وأصبح الدكتور الذنيبات وزيرا للتنمية الإدارية… وذهب ديوان الرقابة والتفتيش الإداري الى الجحيم…
ولكن هذا ليس هو موضوعنا…

قبل أيام تشرفت ومجموعة من الاصدقاء الذين يغارون على الوطن بزيارة رئيس ديوان الخدمة المدنية، الذي تأسس عام 1955 (الديوان الذي تأسس) ، وبحضور مديرة معهد الإدارة العامة الذي تأسس عام 1968… وكان لنا معهما حديثا طويلا استمر لساعات…

وبعد شرح طويل من عطوفته حول دور الديوان في تطوير الإدارة العامة في الأردن…وتعرض الديوان الى حرب شعواء انتهت بصدور قرار من مجلس الوزراء بالغائه في إحدى سنوات الماضي القريب، (حسبما صرح رئيس الديوان) الا ان التراكم المعرفي والمعلوماتي انقذ الديوان من الفناء دائما… وكان الديوان ينهض من كل كبوة أقوى مما كان… ليعود الى وظيفته الأولى المتمثلة بتعبئة الشواغر بنزاهة وعدالة محافظا على تكافؤ الفرص (كما يوضح شعار الديوان) عند إعداد وتعبئة الكشف التنافسي للمتفدمين للوظائف.

أيضا ليس هذا هو موضوعنا…

ومن ضمن ما نفخر به من إنجازات الديوان انه تمكن من اتمتة العديد من وظائفه، لخدمة القطاع العام وموظفيه، ومن أجمل ما اطلعنا عليه أن الموظف العام يستطيع، وله الحق، بأن يطلع على بطاقته الوظيفية ومن ضمنها تقرير تقييم الأداء ، ومع ان هذا سيف ذو حدين… إلا أنني ومن خبرتي (مدير شؤون ضباط سابقا) ، افضل الحد الذي يمنع الظلم حتى لو تضمن بعض المحاباة، فمنع الظلم أولى ، ولا بد دون الشهد من ابر النحل…

وللمرة الثالثة فإن هذا ليس موضوعنا أيضا…

أعجبني جدا مدى افتخار رئيس الديوان بانجازات زملائه التي اوصلت الديوان الى درجة قريبا جدا من الكمال،… حيث خضع الديوان الى العديد من عمليات التدقيق النيابية، والحكومية، ولم يتمكنوا من العثور على اي مثلبة تجرح الديوان مما يجرح الرجال في علم الجرح والتعديل… فاظهر لنا الديوان عدلاً لا جرح فيه… على الرغم من اضطرار الديوان للانحناء أمام عاصفة “الاستثناءات” احيانا… الاستثناءات التي لا يمكن أن تبلغ 1% من مجموع عمل الديوان وفي إطار محدود جدا، ارفضه انا جملة وتفصيلا وقد عبرت عن هذا الرفض بوضوح…ولان هذا أيضا ليس موضوعنا…

فقد آن الأوان ان أبين هدفي مما اكتب، واوضح لب الموضوع واساسه…
الا وهو : ذلك التوجه المستقبلي (قريبا) لتحويل الديوان الى هيئة مستقلة مثل الهيئات التي اعترض عليها ونعترض عليها كلنا…
إذ طالما ان الديوان قد حقق كل هذا النجاح الذي نفخر به جميعا، فلماذا يجب أن نحوله الى هيئة مستقلة؟؟؟…

لماذا يجب أن يتعرض كل هذا النجاح والتميز في الأداء الى النقد الذي تتعرض له الهيئات المستقلة؟؟؟

ولماذا يجب أن يكون للعاملين به رواتب مختلفة عن رواتب القطاع العام الذي يفترض أن رئيس وموظفي الديوان يمثلون القدوة الصالحة لهم؟؟؟

اتمنى ان يبقى الديوان كما هو ، رأس الحربة في تطوير القطاع الحكومي والنهوض به دون أن يخرج من تحت مظلته الى مظلة الهيئات المستقلة البغيضة….