د. مصطفى التل
(منذ إبعادي عن العرش حتى الآن كتبوا ضدي مجموعة من المقالات وعديد من الكتب يقطر الدم من قلم أعدائي ، فما أكثر ما لم أعمله ( – السلطان عبد الحميد في مذكراته –
( انصحوا الدكتور هرتزل بألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين ، فهي ليست ملك يميني، بل ملك الأمة الإسلامية، ولقد جاهد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا مزقت دولة الخلافة يوما فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حي فإن عمل المبضع في بدني لأهون علي من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة) – السلطان عبد الحميد الثاني –
موفق محادين سار كغيره من الكتاب في الانتقاص من السلطان عبد الحميد الثاني في مقاله المعنون بــ( كشف حقيقة السلطان عبد الحميد الثاني ) , ولم يوفر الرجل أي نقيصة في الدنيا عرفتها البشرية إلا وألصقها بالسلطان المفترى عليه , لا جسديا ولا خلقيا ولا سياسة ولا رغبة ,لا أستغرب من كاتب حمل على عاتقه تشويه سير الخلفاء من آل عثمان , وتاريخ الدولة العثمانية وانجازاتها , وكأن الرجل بينه وبين الخلافة العثمانية ثأراً يريد أن يسدده , بأي طريقة كانت وبأي كلمة وجدت , ولو كانت مصادره ومراجعه مسقطة أكاديميا وموضوعيا ً , إلا أنه لا يخجل من استعمالها كمصادر لمعلوماته .
بالمجمل العام , السلطان عبد الحميد الثاني من أكثر السلاطين في الخلافة العثمانية تعرضوا للتشويه والانتقاص , حتى كاد ان يجمع مؤرخي الدولة العثمانية على أن تشويه هذا السلطان لم تنله أي شخصية تاريخية .
الاستاذ علي عبد العال من مؤرخي الدولة العثمانية في العصر الحديث أفاد أنه كاد أن يجمع العدول من كتاب و باحثي التاريخ على أن تاريخ السلطان عبدالحميد الثاني ناله من التشويه والافتراء ما لم تنله شخصية تاريخية على الإطلاق حتى جاوز ذلك الحد المعقول فألصق به من الدكتاتورية و الاستبداد و الطغيان ما جعل أكبر جبابرة البشرية يتضائلون جواره و في ذلك من الافتراء على الرجل الكثير و الكثير و لما كان السلطان عبدالحميد علمٌ على وجود الدولة العثمانية نظراً لطول الفترة التي قضاها حاكما لها أكثر من ثلث قرن فكان كل حاقد أو طاعن على الدولة التي ظلت تحتضن الخلافة الإسلامية حتى أوائل القرن العشرين يرى في السلطان الذي هو رأس الدولة والهدف الذي ينبغي أن تصوب له سهام الحقد فألصقوا بالرجل كل نقيصة و شوهوا تاريخه و طعنوا فيه.
– موفق محادين والوصف الجسماني للسلطان :
يصف موفق محادين الصفات الجسدية للسلطان عبد الحميد الثاني والتي عزاها كما يقول لفتحي رضوان في كتابه عن مصطفى اتاتورك , وفتحي رضوان لمن لا يعرفه هو وزير في العهد الناصري , يقول عن صفات السلطان الجسدية : انه كان ضئيل الجسم , محدودب الجسم , ورأسه أكبر من جسده .!
حقيقة لا أعلم لماذا هذا الانتقاص حتى من الشكل الجسماني للسلطان , بماذا يفيدنا الوصف ان كان ضئيل الجسم ام كان مفتول العضلات , او كان محدودب الظهر أو رأسه اكبر من جسمه .!
مع ان الصفات الجسمانية للسلطان لم تكن كذلك بالمطلق , ولكنه التشويه ولا شيء غير التشوية , والظاهر ان موفق محادين متأثر بأحدب نوتردام كشكل جسماني , حتى يطلق على السلطان هذا التشويه الجسدي الذي يرسم صورة منفرة لشكل السلطان عبد الحميد الثاني , مع ان مؤرخي تلك الفترة كانوا يصفون السلطان عبد الحميد الثاني بأنه كان بهي الطلعة , قوي الحجة , يكسب ود كل من يقابله , وعطره كان ينتشر في أرجاء مكان حضوره لشدة اهتمامه بمنظره العام الذي كان بالمفهوم العام متواضع حضورا وهنداما ولباسا .
(إن السلطان عبدا لحميد لو وزن مع أربعة من نوابغ رجال العصر لرجحهم ذكاء ودهاء وسياسة، خصوصاً في تسخير جليسه، ولا عجب إذا رأيناه يذلل لك ما يقام لملكه من الصعاب من دول الغرب، ويخرج المناوئ له من حضرته راضياً عنه وعن سيرته وسيره، مقتنعاً بحجته سواء من ذلك الملك والأمير والوزير والسفير…) – جمال الدين الأفغاني – .
– موفق محادين وقصر يلدز المفترى عليه …..
(وقد بدأ عهده ببناء قصر جديد، لا يدري بطرقه الداخلية وسراديبه سواه فاستأجر مجموعات من المهندسين والعمال، وأمر كل مجموعة منهم بأن تبنى جزءا من القصر، ومن دون أن تدري بما تبنيه المجموعة الأخرى، وعندما فرغ بناء القصر الجديد يلدز بدأ السلطان في تأثيثه بنفسه،. وحرص على وضع المرايا الكثيرة على حوائطه، لكشف حركات أي غريب يدخله) – موفق محادين –
موفق محادين خالف ابسط قواعد التوثيق التاريخي حول قصة الخيال التي سردها بخصوص قصر يلدز , حيث ادعى الرجل أن السلطان عبد الحميد بنى القصر بطريقة أقرب ما تكون لأفلام الرعب التي نشاهدها على شاشة التلفاز , حيث زعم أن السلطان عبد الحميد بنى فيه سراديب لا يعرفها غيره , وملأه بالمرايا , وجعل كل مجموعة عمال يعملون في القصر بحيث لا تعرف الأولى عن الأخرى , ولا أعلم كيف لعمال البناء أن يبنوا قصرا دون أن يعرفوا ماذا يبنون ..!! أين المهندسين , واين المشرفين واين …؟!! قصة أغرب من الخيال …
وبالرجوع لتاريخ قصر يلدز الذي اخترع قصته موفق محادين , اتضح ان القصر ليس من بناء السلطان عبد الحميد الثاني , بل هو من بناء السلطان سليم الثالث بتاريخ 1790 م , وتم اهداؤه لوالدته السلطانة ” مهري شاه ” .
ثم اتخذ مقرًا لحكم السلطان العثماني عبد الحميد الثاني وحكومته منذ عام 1853م، بدلًا من قصر (دولما باغجه)، وظل السلطان عبد الحميد الثاني يستخدمه مقرًا للحكم على فترات إلى عام 1909م، حيث كان قصر السلطان العثماني على مدى أكثر من ثلاثين عامًا.
كما يذكر أن القصر قد تعرض للنهب والسرقة سنة 1909م، وتحديدا في شهر أبريل، بعد ذلك قام السلطان وحيد الدين باتخاذه مقرا له، وهو آخر السلاطين العثمانيين، كان ذلك في الفترة ما بين 1918م و1922م.
بعد زوال الدولة العثمانية وتولي اتاتورك الحكم , تم تخصيص بعض أقسام القصر لمجموعة من الشركات الأجنبية، والتي قامت بتحويل هذه الأقسام إلى محافل للعب القمار.
بعد ذلك تم تخصيص قطاع من القصر ليكون مقرا لإحدى الدوائر العسكرية، ناهيك عن استخدام بعض أجزائه من قبل عدة مؤسسات تنوعت بين محلية ودولية، إلى أن انصرف اهتمام رئاسة الجمهورية التركية مؤخرا إلى إعادة ترميمه وتجديده، ثم تم تخصيصه كمقرأ رئاسيا، بحيث يصبح قصر يلدز المقر الرئاسي لرئيس الجمهورية التركية في إسطنبول.
وقد مرّ قصر يلدز بعدة توسيعات، ففي عهد عبد الحميد الثاني أمر السلطان بتوسعة القصر، كان ذلك في عام 1890م، واستحدث به بيتًا للضيوف، والذي أتخذ مقرًا للحكومة العثمانية والصدر الأعظم طوال فترة حكم السلطان عبد الحميد الثاني.,ثم في عام 1898م جرت توسعة أخرى للقصر، بغرض استقبال السلطان لإمبراطور ألمانيا، القيصر (ويليام الثاني).
– موفق محادين ووصف السلطان بالجبن والخوف :
(وكان الخوف من الاغتيال يشغل عقل السلطان عبد الحميد الثاني الذي استبد به بعد اغتيال القيصر الكسندر الثاني في روسيا. فكان لا يأكل إلا من يد طباخه الخاص، أو والدته، وبعد تجربة الطعام في احدى قططه وعند الأزمات، كان يكتفي بالخبز الجاف، الذي يحفظه في الأدراج المغلقة، والبيض المسلوق، وبعض الفواكة، وكان يضع في كل حجرة من حجرات القصر مسدسا يخفيه في درج سري، يقفز منه المسدس عند الضغط على زر خاص فوق الدرج , وفي عام 1898، عندما زارالقيصر فيلهيلم الثاني، السلطان عبد الحميد الثاني في قصر يلدز، قدم للسلطان بندقية حديثة كهدية، قفز السلطان من كرسيه.) – موفق محادين –
رواية خيالية لا نعرفها إلا من افلام العميل 007 أو جيمس بوند , زر خاص يضغط عليه السلطان فيقفز اليه مسدسه من درج سري …!!
السلطان عبد الحميد كان مشهورا بتواضعه في مطعمه ومشربه , ولم يكن من المسرفين في الطعام والشراب , بل يصف الدكتور شاكر بطماز أستاذ التاريخ في جامعة إرجيس بمدينة قيصري التركية على أن السلطان عبد الحميد الثاني كان متواضعا جدا في حياته اليومية.
حيث أنه كان يفطر في شهر رمضان المبارك على وجبة طعام متواضعة مكونة من البيض والبصل.
و دعوات الإفطار التي كان ينظمها السلطان عبد الحميد الثاني لم تكن غنية بأنواع الطعام المختلفة بل كانت متميزة بتواضعها وبساطتها حيث كان يقدم الحساء وقليلًا من المقبلات المكونة في الغالب من الجبن والزيتون المربى، فيما يتكون الطبق الرئيسي من أكلات يكثر فيها استخدام الخضار و القليل من اللحم.
السلطان عبد الحميد كان حريصا على عدم الإسراف في طعام الولائم التي تقدم في شهر رمضان المبارك.
فما قدمه موفق محادين من أكل السلطان لكسرات خبز هي من تواضع السلطان , وليس من جبن السلطان كما يريد الكاتب تشويهه …!!
أما خوفه من المسدس والاغتيالات , فيريد الكاتب أن يصف السلطان بأنه جبان لا يعرف المسدس ولا يعرف الشجاعة ولا يدري عنهما , هذا السلطان الذي دعم الجيش العثماني في ذلك الوقت بغواصتين حربيتين وثالثة كانت من بناء الخلافة العثمانية نفسها , وكان سلاح الغواصات جديدا على العالم في ذلك الوقت ومحصورا بألمانيا , هذا السلطان يخاف من مسدس بيد القيصر ويليام الثاني يريد اهداءه للسلطان في قصر يلدز العثماني …!!! أي خيال واسع هذا يتمتع به الكاتب …؟!!!
السلطان الذي اعتاد أن يشارك في صب قذائف المدفعية، وكان لديه اهتمام خاص في تعزيز البحرية. كما أسس السلطان كلية الهندسة البحرية التي أصبحت اليوم كلية الهندسة البحرية بجامعة إسطنبول التقنية , يخاف من مسدس هدية في قصره ..!!!
و السلطان الذي أسس فرع سلاح المدفعية سريع النيران في الجيش العثماني اومؤسس مدرسة الهندسة العسكرية عام 1784, يخاف من مسدس …!!!!
– موفق محادين واسراف السلطان :
(وكان في الوقت نفسه يستقدم آخر موديلات باريس من الازياء والموبيليات عند ظهروها. حتى أن موديلات الكورسية كانت تظهر في قصوره في نفس الوقت الذي تظهر فيه اوروبا. وانه كان له حماس خاص بالحذاء الكوتش والزهور المصنعة.) – موفق محادين –
يستمر موفق محادين في تشويه صورة السلطان عبد الحميد ويسرح ويمرح في هذا الميدان شرقاً وغرباً , ويطلق عنانه لخياله الواسع .
(أكرم بوغا اكينجي ) من جامعة اسطنبول حيث يصف تواضع السلطان وحرصه على عدم الاسراف حتى في ولايات الدولة العثمانية نفسها , بأن السلطان عبد الحميد الأول حاكم تقي ولطيف وطيب القلب وحسن النية ويتمتع بالكثير من الرحمة والعطف على شعبه وله شخصية ملائكية. وبسبب قلبه النقي وإخلاصه الكبير اعتقد الناس أنه ولي ويمكنه أن يصنع المعجزات مثل جده الأكبر السلطان بايزيد الثاني.
وكان يتنكر بزي الدراويش ويتجول بين الناس ويحاول التعرف على كل منطقة في المدينة ويفحص ينابيع المياه والشوارع والأرصفة، ويبلغ الوزير الأعظم عن أي أعطال يراها. وخلافاً لعرف السلاطين السابقين، قبل دعوات أعيان الدولة وذهب إلى قصورهم لتناول العشاء. ويدل قبوله دعوة مسؤول منخفض الرتبة مثل موظف الجمارك عثمان آغا في بيكوز على تواضعه.
حتى أن الخدم في قسم الحريم أدوا أمامه مسرحية فكاهيةً عن تغيير ملابسه والسير بين الناس لتفقد حشمة ملابس النساء فضحك من العرض ولم يبد انزعاجاً.
– موفق محادين وخياله الواسع مع المخبرين السريين للسلطان :
(وكان للسلطان عبد الحميد الثاني جيش كامل من المخبرين السريين في انحاء تركيا، ومع ذلك فعندما فاجأت روسيا بلاده بالغزو في ابريل عام 1877 لم يدر السلطان بما حدث حتى هرع اليه السفير الانجليزي، ولم يتحرج عن ارسال برقية الى ملكة انجلترا يطلب فيها المساعدة.) – موفق محادين –
جاهل مَن يعتقد أن الخلافة العثمانية كانت دولة بدائية تخلو من جهاز المخابرات والاستخبارات العسكرية , وأجهل منه مَن يعتقد أن مؤسسة الخلافة العثمانية , كمؤسسة حكم كانت غير محروسة ولا مرصودة من فرع متخصص لها من جهاز المخابرات والاستخبارات العسكرية في الخلافة العثمانية .
والأجهل من الجميع , من يعتقد أن مؤسسة الخلافة منعزلة عن قواتها العسكرية والأمنية , وانها لا تعرف شيئا عما يدور في البلاد فضلا عن حروب تخوضها هي الأطول في تاريخ الخلافة العثمانية كحرب القرم , كما يحاول الكاتب تصويره من خلال الجيش السري للسلطان من المخبرين , وعدم معرفته بغزو روسيا لبلاده …!!!
الظاهر ان الكاتب لم يدرس التاريخ في المدارس الأردنية في المرحلة الثانوية والمتوسطة والذي كان مركزا على تاريخ الدولة العثمانية والمسائل المتعلقة بها , مثل حرب القرم تحديدا , الأكثر استغراباً أن الكاتب له مصادره الخاصة في التاريخ تختلف عن المصادر العلمية للتاريخ في الدولة الاردنية …!
على كل حال , حرب القرم قتلت شرحاً وتعليقاً , وتدخل الدول الاوربية لايقاف روسيا من التقدم بعد هزيمة الدولة العثمانية في حرب القرم , معروفة الاسباب للجميع ليس اولها خوف دول اوروبية من اختطاف روسيا لمسيحيي الشرق من تحت ظل عباءة الفاتيكان .
فليست بحاجة لشرح ولا ايضاح , إلا اذا كان خيال الكاتب سيتكشّف عما هو جديد ليس معروفاً بتاريخنا ..!!
– موفق محادين يرمي السلطان بتهمة الانتحار وانه دموي ..
(لم تعرف حتى الآن ظروف وفاة السلطان عبد العزيز، فروايات ردتها الى انتحاره بقطع شرايين يده وروايات ردتها الى السلطان عبد الحميد بعد ان اتهم رئيس وزرائه القوي، مدحت باشا بذلك ونفاه الى الطائف حيث قتل لاحقا خنقا بالحرير الناعم وفق العادة الدارجة في البلاط العثماني ، كما نظم السلطان من خلال ميليشاته الكردية أكبر مذبحة جماعية ضد الأرمن على مدار عدة سنوات بين 1893-) – موفق محادين –
موفق محادين يغرق مجددا في خيالاته اللامتناهية , ويخرج لنا بقصة انتحار السلطان , وقطع شرايينه , بدون ان يعزو المعلومة الى مصدر ..!!
لنرى كيف توفي السلطان عبد الحميد , عن طريق كتاب ( والدي السلطان عبد الحميد الثاني ) للأميرة عائشة عثمان اوغلو :
( ….تدهورت صحة عبد الحميد وأصبح يشكو من الإرهاق ومن مشاكل في الجهاز الهضمي , وفي 9 فبراير 1918 شعر بألم في جسمه بعد أن نهض من مائدة الطعام، وكان طبيبه الخاص قد حصل على أذن، فقام أحد من كانوا معه وهو “راسم بك” باستدعاء طبيب أخيه الأصغر محمد وحيد الدين الذي أصبح سلطاناً لاحقاً، وعندما فحصه أبلغهم بأن مرضه بوادر سل خطير، فابلغ راسم بك السلطان محمد الخامس ، وفحصه الدكتور “عاطف بك” وتوصل لنفس الأمر، واستدعوا طبيبًا مشهور وهو “نشأت عمر بك” ليفحصه وعند الصباح التالي أصر على الاستحمام على غير رغبة الطبيب وعند خروجه منه بدأ يتصبب عرقاً ، وأرسل أخوه السلطان محمد رشاد الأطباء ودخلوا عليه وقالوا أنه من الممكن أن هذا نتيجة الإفراط في الطعام في الليلة السابقة. واستدعي ابنه محمد سليم أفندي وأحمد أفندي وقبل دخولهم عليه توفي وكان ذلك في 10 فبراير 1918 يوم الأحد ودفن في مدينة اسطنبول . ) …
فمن أين جاءت حادثة الانتحار وقطع شرايين يده عند الكاتب – موفق محادين – ..؟!!
وبطبيعة الحال يحاول موفق محادين اثارة قضية الأرمن أزمتهم من جديد , بحيث أن هذه القضية قُتلت بحثاً في العالم اجمع .
– موفق محادين يتهم السلطان عبد الحميد الثاني بالخيانة والعمالة للوكالة اليهودية “
(وحول موقفه من الهجرة اليهودية إلى فلسطين، فإن الوقائع كما نشرها نجيب عازوري في كتابه (يقظة الأمة العربية) عن دور الوالي العثماني في القدس، كاظم بيك، تكذب هذا الموقف.
فبعد أن انكشف دور الوالي في تسريب الاراضي للحركة الصهيونية واخذ عمولات على صفقاتها، طٌلب الوالي للمثول أمام السلطان، فما كان من الوالي إلاّ أن أرسل حوالة مالية بالفي ليرة لمقام السلطان.
ولم يمر شهر على ذلك حتى جاءه الرد بالانعام عليه بالوسام العثماني العلّي الشأن. ) ….
من اين جاء بمعلومته حول خيانة السلطان عبد الحميد الثاني ؟! لنتتبع مصدر هذه المعلومة عند الكاتب ….
( وتتحدث الدكتورة فدوى نصيرات في كتابها (دور السلطان عبد الحميد في تسهيل السيطرة الصهيونية على فلسطين) ان الموقف الشائع والمروج له حول السلطان عندما قابل هرتزل، يتغاضى عن بقية الرواية، فمقابل عدم موافقته على المشروع الصهيوني ككل ، سمح بحرية الهجرة والاستيطان بصورة فردية باعتبار اليهود مواطنين عثمانيين يحق لهم التملك في أي ارض من الامبراطورية .
وقد نشرت الدكتورة نصيرات قائمة بحوالي مئة مستوطنة اقيمت في عهد السلطان اشهرها بتاح تكفا.، ومثل ذلك ، ما اشار له المؤرخ الامريكي اليهودي ، والتر لاكوير عن هذه المستوطنة وغيرها مثل ريشون لتسيون، و زخروف يعكوف وذلك بدعم من البارون روتشيلد ) …. – موفق محادين –
اذن الكاتب اعتمد في معلومته على ما قدمته الدكتورة – فدوى نصيرات – وهي مدرّسة التاريخ في الجامعة الأردنية قبل وفاتها , مع وكتاب الفه نجيب عازوري ….!!
وهنا دعوني يا كرام ان أقف قليلاً مع الدكتورة فدوى نصيرات قبل توقفي مع نجيب عازوري لاحقا , وذلك لسببين سأذكرهما لاحقاً .
كتاب فدوى نصيرات الذي يحمل عنوان ( دور السلطان عبد الحميد الثاني في تسهيل السيطرة الصهيونية على فلسطين ) , هو رسالة الدكتوراة للدكتوة فدوى نصيرات , واستغل هذه الرسالة البحثية الاستاذ ( خالد الحروب ) في صحيفة الحياة اللندنية عن طريق مقال له بعنوان ( السلطان عبد الحميد وفلسطين : الخرافة وتفكيكها ) بتاريخ 6/4/2014 , ظناً منه أن هذه الرسالة البحثية اخترعت الذرة في علم التاريخ المعاصر , ويجب تعميمها عالميا , وليس فقط على مستوى الوطن العربي .
حقيقة لا أتعدى رأي الاستاذ الاكاديمي ( رمسيس امون ) الذي استفزه المقال في صحيفة الحياة اللندنية , والذي دفعه الى الرجوع الى كتاب فدوى نصيرات , والذي اكتشف أنه يحتوي على اضاليل خرجت عن حدود المنطق المتعارف عليه، ووثائق التاريخ التي أقرها معظم الباحثين حتى اليهود منهم، والذي ألغاها الحروب في نهاية مقالته المشار اليها آنفاً, واته لا يعتمد على وثائق تاريخية أو مصادر تاريخية معتبرة , وانما هو من خيالات الكاتبة لا أكثر ولا أقل , حيث يقول :
(” لا أستطيع الحكم على مقالة الدكتورة فدوى نصيرات قبل قراءتها، ولكني من معرفتي بالموضوع، وهي معرفة أكاديمية عميقة، لا أستطيع أن أمنع نفسي من الشكك في صحة أطروحتها. إن أفضل الكتابات التاريخية البديلة هي تلك لتي تعتمد وثائق جديدة أو مقاربة نوعية وموسوعية جديدة للمصادر المتوفرة حول الموضوع. وبصراحة فإن إطلاعي على الأبحاث السابقة للمؤلفة لا تشجع التفكير بها كباحثة قديرة من هذا المستوى. فكتابها الرئيسي، وهو أطروحتها للدكتوراة عن دور المسيحيين العرب في نشوء القومية العربية، لا يكاد يقدم أي شيء جديد في الموضوع، وهو بمجمله إجترار وإعادة صياغة لمعلومات واستنتاجات سبقها إليها باحثون آخرون. أتمنى أن أكون مخطئاً، رغم أنني كما قلت أستبعد أن يقدم هذا الكتاب إعادة كتابة راديكالية لموقف السلطان عبدالحميد من الصهيونية. وفي النهاية، ليس صحيحا ما يقوله السيد الحروب أن اسطورة عبدالحميد … ظلت دوماً في مأمن من البحث التأريخي الرصين والموثق، حتى جاءت الدكتورة فدوى لتفعل ذلك! يا سيد خالد، هذا موضوع تمت دراسته بشكل كبير ومتعمق من باحثين عرب ويهود وأتراك وغربيين”. ولعل ما قدمه الاكاديمي الأستاذ رمسيس أمون يكشف حقيقة (الثورية) في كتاب النصيرات الذي روج له الحروب على صفحات صحيفة الحياة، وخصوصا بما ردده من (أدلة) اشارت اليها الكاتبة، والتي إعتقد عن جهل بأنها نقضت ونفضت المساجلة الايديولوجية لدور السلطان عبد الحميد في منع الهجرة اليهودية الى فلسطين على مدار ما يقارب من قرن. محاولا من وراء ذلك الإنتقاص من هذا الدور الفاعل في لجم المشروع (التوراتي) في فلسطين أقلها حتى نهاية عهده. ليسجل على نفسه في ذلك جهلا في حقائق تلك الحقبة من التاريخ الفلسطيني، لذلك نجده يتهم مع النصيرات السلطان عبد الحميد (بإعدام الناشطين العرب الذين فضحوا تواطؤ الولاة العثمانيين مع المخططات اليهودية للاستيلاء على الاراضي الفلسطينية وعلى رأسهم نجيب عازوري) ….
وعليه فأن موفق محادين يعتمد على روايات غير موثقة , بل اقرب ما تكون الى خيالات في ذهن الكاتب , ويتم أدلجتها أدلجة توظيفية لغايات الكاتب النفسية واتجاهاته الفكرية , مما يفقد الكاتب أي نوع من أنواع الحيادية والامانة في نقل المعلومة
أكتفي الى هنا على أن يتبع في الجزء الثاني ان شاء الله ان بقي في العمر بقية ….والله من وراء المقصد …