وطنا اليوم:”سيكون هناك انتقال سلس إلى إدارة دونالد ترامب ثانية”، بحسب وزير الخارجية مايك بومبيو. “نحقق تقدماً كبيراً.. ستظهر النتائج الأسبوع المقبل.. اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى!”، وهذا ما غرد به دونالد ترامب، الثلاثاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني، فهل هناك فرصة بالفعل لفوز الرئيس بولاية ثانية؟
وأعلن مسؤول كبير في ولاية جورجيا الأمريكية، أن الولاية ستقوم بإعادة فرز لجميع أوراق الاقتراع التي تم الإدلاء بها في الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر.
وقال وزير خارجية الولاية براد رافينسبرجير، إنه “من الناحية الحسابية، يجب إعادة الفرز يدويا لكافة الأوراق لأن الهامش قريب جدا”، مشيرا الى “أننا نريد البدء بهذه العملية قبل انتهاء الأسبوع الحالي”.
وكانت حملة الرئيس دونالد ترامب، رفعت دعوى قضائية لوقف فرز الأصوات في ولايات جورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.
ماذا أثار حماسة الرئيس وداعميه مجدداً؟
على الرغم من مرور 5 أيام على ظهور النتائج الأولية للانتخابات الأمريكية وفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بأكثر من 270 صوتاً في المجمع الانتخابي؛ ومن ثم إعلانه “رئيساً منتخباً”، من جانب وسائل الإعلام، بشَّر الرئيس المنتهية ولايته أنصاره، على تويتر، الثلاثاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني، بأن “النتائج سوف تظهر الأسبوع المقبل”، على أساس أنه “يحقق تقدماً كبيراً”.
وترجع تلك التغريدات المتلاحقة من جانب ترامب إلى تقلص الفارق بينه وبين جو بايدن في ولاية أريزونا، التي أوشك فرز الأصوات فيها على الانتهاء بالفعل، فهل يمكن أن تنقلب النتيجة في تلك الولاية التي تمتلك 11 صوتاً في المجمع الانتخابي؟
الإجابة رصدتها قناة Fox News في تقرير لها، بعنوان “تراجُع تقدُّم بايدن على ترامب في أريزونا إلى أقل من 15 ألف صوت، لكن فوز ترامب هناك احتمال ضعيف”، حيث إن هامش تقدُّم بايدن على ترامب في الولاية أصبح 14746 صوتاً، بحسب آخر تحديث للفرز في الولاية، وهو ما أظهر تقدماً طفيفاً للرئيس المنتهية ولايته، بعد حصوله على نسبة أعلى من بايدن منذ آخر تحديث للأرقام الصادرة عن فرز الأصوات في مقاطعة ماريكوبا بالولاية.
لكن ما تبقى من أصوات لم يتم فرزها بعد على مستوى الولاية لا يزيد على 63 ألف صوت، وغالبية تلك الأصوات تُعرف بالأصوات التقديرية، أي تلك التي لم يُبرز فيها الناخب تحقيق شخصية مقنعاً لمسؤولي الانتخابات، وقياساً على ما تم فرزه من تلك البطاقات الانتخابية فإن 54% فقط منها اعتُبرت أصواتاً قانونية وتم احتسابها إما لبايدن وإما لترامب، مما يعني أن فرصة تغيير النتيجة لصالح ترامب في الولاية أصبحت شبه معدومة، بحسب تقرير قناة فوكس اليمينية التي تقف في صف الرئيس.
هل يعيش ترامب مرحلة إنكار؟
ومن ثم فإن تغريدات الرئيس ترامب أمس الثلاثاء، والتي صنفت إدارة تويتر أغلبها على أنها تفتقد وجود ما يدعمها من أدلة، يضعها الديمقراطيون في إطار حالة الإنكار التامة التي يعيش فيها ساكن البيت الأبيض فيما يتعلق بحقيقة الأمور على الأرض منذ السبت الماضي، حين بات واضحاً أن جو بايدن هو الرئيس المنتخب للبلاد، من خلال نتائج الانتخابات على مستوى البلاد.
وفي هذا السياق، بات واضحاً أن ترامب لن يحتفظ في إدارته، فيما تبقى من رئاسته، إلا بمسؤولين يؤمنون تماماً بأنه سيظل في البيت الأبيض فترة ثانية، والواضح أن الرسالة وصلت إلى الجميع، فكان رد مايك بومبيو، وزير الخارجية، على السؤال الأكثر تردداً الآن بشأن الانتقال السلمي للسلطة، بالقول: “نعم سيكون هناك انتقال سلس إلى فترة ثانية للرئيس ترامب”.
تصريحات بومبيو نالت استحسان الرئيس فأعاد مشاركتها على حسابه بـ”تويتر”، وكتب تعليقاً يقول: “لهذا كان مايك الأول على دفعته في ويست بوينت”.
ويرى كثير من المراقبين أنَّ رد فعل ترامب على خسارته الواضحة للانتخابات الرئاسية يعتبر رد فعل متسقاً مع شخصيته، لأنه بنص تعبيره “لا يجيد التعامل مع الخسارة”، كما أن مغادرته للبيت الأبيض تجعله عرضة لكثير من المشاكل القانونية ومن جهات متعددة، أي إن الأمر يتعدى فقط مسألة “الكرامة الشخصية” على أهميتها.
لذلك جاء رد فعل الرئيس من خلال إنكار الحقيقة والتشكيك في نزاهة الانتخابات، وهو ما يسانده فيه غالبية زعماء الحزب الجمهوري لأسباب متنوعة، دون الانتباه إلى أن نظام الانتخابات نفسه، هو ما أدى إلى نجاح قادة الحزب وأعضائه في الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ، بحسب محللين لشبكة CNN.
والنقطة الأخرى للتناقض الذي يعيشه ترامب حتى الآن، تتعلق بسعادته بعملية فرز الأصوات في أريزونا طالما تقلل من تقدُّم بايدن وتُبقي على حظوظ دونالد ترامب في الفوز بالولاية مع نهاية عملية الفرز في الأسبوع القادم كما غرد، رغم مطالباته المستمرة بوقف الفرز في ولايات أخرى واعتبار الأصوات المحتسبة بعد 3 نوفمبر/تشرين الثاني غير قانونية.
هل يمتلك أي فرصة للبقاء؟
الإجابة المباشرة لهذا السؤال، من خلال آراء غالبية خبراء القانون الدستوري والمحللين السياسيين ومراقبي الانتخابات، هي النفي، أي إن ترامب أصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة بفترة واحدة، وإن جو بايدن هو الرئيس الـ46 للبلاد.
صحيحٌ أن النتيجة لصالح بايدن اتضحت منذ السبت، لكن نتائج عمليات الفرز النهائية في جميع الولايات تقريباً لا تزال مستمرة، وهذا أمر معتاد في كل انتخابات؛ نظراً إلى طبيعة النظام الانتخابي الأمريكي نفسه، وهذا العام الأمور أكثر تعقيداً وتستغرق وقتاً أطول، بسبب تفشي وباء كورونا، وكل هذه الأمور كانت متوقعة؛ ومن ثم فإنَّ رفض ترامب التسليم بالهزيمة حتى الآن لا يمثل مشكلة حقيقية في الواقع.
فالموعد النهائي للولايات كي تعلن نتيجة التصويت الشعبي في كل منها بشكل رسمي، هو 8 ديسمبر/كانون الأول المقبل، أي إن هناك ما يقرب من شهر قد تظل الأمور معلَّقة والدعاوى القضائية التي رفعها وسيرفعها ترامب وفريقه القانوني تُنظر في محاكم الولايات والمحكمة العليا، ولا يعني ذلك أن نتيجة الانتخابات نفسها التي أصبحت معروفةً الآن يمكن أن تتغير بصورة كاملة لصالح ترامب، فهذا الأمر لم يحدث على الإطلاق من قبل، وحتى السيناريو الوحيد الأقرب لهذه الانتخابات وهو انتخابات 2000، من المستحيل تكراره، بحسب خبراء القانون.
وبعد يوم 8 ديسمبر/كانون الأول، يأتي يوم 14 ديسمبر/كانون الأول وهو اليوم المحدد للتصويت من جانب أعضاء المجمع الانتخابي عن كل ولاية ولذلك وفق طريقة محددة وهي الاجتماع في مقر برلمان الولاية والتوقيع على بطاقات التصويت الورقية وإرسال تلك البطاقات إلى الأشخاص المسؤولين بالولاية وفي واشنطن العاصمة، ثم يجتمع الكونغرس يوم 6 يناير/كانون الثاني ويتم فتح تلك البطاقات المختومة وفرز الأصوات وإعلان النتيجة رسمياً.