وطنا اليوم – صدر عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع، عمان، للزميلة الصحفية والكاتبة رلى السماعين، كتاب بعنوان “نحو الهزيع الرابع” يضم مجموعة من الخواطر والتأملات الحياتية التي نبعت من تجربتها وقناعاتها الشخصية. الكتاب الذي جاء في خمسة أبواب و117 صفحة طرحت فيه المؤلفة ما يعبر عن قناعاتها حول ثمانية مفاهيم تشكل جوهر مفهومها للحياة المتكاملة وهي المحبة، والحكمة، والحرية، والإنسانية، والسعادة، والسلام، ومحبة الله.
تقول السماعين في مقدمة الكتاب: “كتبتُ هذه الباقة من خواطر الفكر وخلجات الوجدان بعد أن فهمت الحياة قليلاً. كان ذلك بعد تجربة صعبة مرّت بي، اقترب مني الموت فيها وكنتُ على شفا الاستسلام له، لكن نعمة الله في حياتي وإرادته كانت الأقوى، وهكذا أُعطيتُ فرصة أخرى للحياة لأحدِّث عن محبة الله وقدرته”.
وتشير الكاتبة إلى أنها تعرضت في العام 2017 إلى حادثة كادت تودي بحياتها، لكن رأفة الله بها وهبتها الحياة من جديد. فبعد تلك الحادثة تغيّرت نظرتها إلى الحياة، وباتت تنظر إليها وتفهمها بأسلوب مُغاير، وتقول في هذا الصدد: “تعلَّمت أن لا شيء يدوم في الدنيا بل كل شيء إلى نهاية وزوال. الفرح لا يبقى، وكذلك الغم والحزن والكآبة. وتعلَّمت أن أعي كلا الموقفين وأستفيد منهما العظة والعبرة، أفرح بالتمام في أوقات الفرح، ولا أعطي مجالاً أكثر مما تستحقه الأوقات التي يطرأ عليها الحزن والغم، فالوقت هبة من الله ولا أحد يمتلكه من البشر”.
بدأت السماعين في تأليف كتابها الثاني “نحو الهزيع الرابع” في العام 2018. وتقول في المقدمة: “لا أدعي المعرفة، ولا أعتقد على الاطلاق بأن هناك من وصل إلى المعرفة التامة الكاملة، كلنا نسعى، وكلنا نتعلم من تجاربنا، وهناك من يجمع ثمار التجربة والمعرفة ليشارك بها الآخرين كوننا جميعاً شركاء في الحياة وتجمعنا الأخوة الإنسانية”.
كتب عدد من الأدباء والإعلاميين والمثقفين عن آرائهم في كتاب “نحو الهزيع الرابع”. فقال الشاعر الأردني علي الفزاع “في هذا الكتاب تجد صوت الحكمة. ليس حكمة الفلاسفة وأصحاب المنطق، وإنما الحكمة النابعة من التجربة والفطرة السوية، ورلى السماعين لم تدّعِ العلم والمعرفة والحكمة، وإنما هي في هذا الكتاب تبسط تأملاتها، وخلاصة تجربتها في هذا الحياة، وما تشكل لديها من قناعات بأسلوب عفوي بسيط، بعيد عن الاستعراض والتعقيد”.
وعلق الكاتب كايد هاشم على الكتاب، بقوله إنه “كتاب يزخر بالمعاني النبيلة، والقراءة التأملية له تقود القارئ إلى التفكر أو ما يسمى “الفريضة الغائبة”؛ تفكر يبعث في النفس الحياة على حقيقتها من عون ومحبة بين الإنسان وأخيه الإنسان”.
وأشارت الدكتورة لانا مامكغ، وزيرة الثقافة سابقاً، إلى المؤلفة، بقولها: “عرفتها صحفيّةً تتوّقدُ نشاطاً وحيوية حين جمعتنا مهمةٌ رسميّة في إحدى الدّول، كانت تتحرّكُ وتعملُ بعنفوان وفرح، فأحببتُ ذلك التوّهج في شخصيّتها، وذلك التّصالح الفريد مع الذّات الذي انعكسَ محبّةً وسلاماً وعطاءً في كلّ ما تفعل”.
وتضيف “عموماً، فالصّحافةُ مهنةٌ استثنائيّة، تفرضُ على صاحبها الانغماس في الواقع وتفاصيله، لكنَّ الأذكياء من الصّحفيين يُحصّنون أنفسهم من ذلك الاستنزاف المُضني، بامتلاك القدرة على التأمّل، والتواصلِ مع الأبعاد الرّوحيّة للاحتفاظ بالحدّ المطلوب من السّلام النّفسي، والنّقاء والمحبّة، حتى يستلهموا القدرة والقوّة على مواجهة صعوبات المهنة وتحديّاتها العديدة.
وتتابع “رلى.. نموذجٌ جميل لذلك كلّه، إذ وظّفت محنَتها الشّخصية، وتجربةَ مرضها لتخرجَ لنا بهذا الكمّ الرّائع من الخواطر “الجبرانيّة” التي تعيدُ للقارئ ثقته بذاته وبقيم المحبّة والإنسانيّة في عالم قاسٍ قرّرَ أن يُمارسَ فعلَ الانتحار كلّ يوم”.
وفي إضاءة أخرى، قال محمود العابد رئيس تحرير صحيفة “جوردن نيوز”، إن الكاتبة تحدثنا عن المحبة والتفاهم وحُسن الجوار والإخلاص للقيم التي تجمعنا “ليطل علينا إبداعها الجديد” وليعطي الأمل في غد أفضل. وأشاد الصحفي خلدون الحباشنة بمواضيع الكتاب، وقال إن جميعها تصب في القيم الجوهرية الأسمى في حياة الإنسان.
أما أستاذة الأدب العربي الحديث والدراسات الثقافية في الجامعة الأميركية الدكتورة شهلاء العجيلي، فقالت إن في المدونة التي تحمل عنوان (نحو الهزيع الرابع) “تواجهنا الإعلامية الأردنية رلى السماعين بعلاقتنا مع المعاني الكبرى في الحياة، التي يفترض أن نكون قد حولناها إلى مسلّمات، أو إلى ثيمات كففنا عن تداولها نقدياً، إما بسبب اليأس، أو الإشباع، أو لأننا مشغولون بالأعراض المستجدة والأحداث الطارئة التي يراد لها أن تبقى متحكمة بنا، فتمنعنا عن تقليب الجوهر والتأمل فيه، لأن التأمل ينتج فكراً، والأفكار المُحدثَة غالباً ما تشكل خطراً على استقرار السلطة، سواء أكانت اجتماعية أم ثقافية أم سياسية”.
وتتابع أن السماعين تقدم أفكارها برؤية صوفية شرقية، “نجد فيها روح عصر التنوير الذي صنعه أدباء ونقاد مطلع القرن العشرين مثل جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، ومي زيادة، وأمين الريحاني، إنها صوفية مستلهمة من روح الكتاب المقدس ومن ثقافة الشرق الضاربة عميقاً في التاريخ بقيمها المطلقة، التي تحوّلت إلى جماليّات ملموسة، في الزخرفة، والنحت، والعمارة، والكتابة. إنها صوفية فاعلة غير معطِّلة، لذا سنجد هذه المدونة تناقش معنى المحبة لكنها محبة لا تنفصل عن الحق الشخصي، والحق الاجتماعي، وممارسة الديمقراطية، وهي محبة متحررة وليست استعبادية”.
الغد