بقلم: عوني الرجوب
باحث وكاتب سياسي
تمثل زيارة أمير دولة قطر إلى المملكة الأردنية الهاشمية محطة مهمة في مسار العلاقات الثنائية، إذ تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية تتجاوز الطابع البروتوكولي التقليدي. هذه الزيارة تأتي في مرحلة دقيقة يمر بها الإقليم، ما يمنحها أهمية خاصة على أكثر من مستوى.
العلاقات بين عمّان والدوحة أثبتت خلال السنوات الأخيرة قدرتها على تجاوز التباينات والانطلاق نحو آفاق أرحب من التعاون. فالأردن بما يمتلكه من موقع استراتيجي ودور محوري في القضايا العربية، وقطر بما تحوزه من ثقل اقتصادي واستثماري وإعلامي، يشكلان معًا ركيزة مهمة للتكامل الذي تحتاجه المنطقة في ظل التحديات المستمرة.
تحمل الزيارة أيضًا بُعدًا اقتصاديًا واضحًا، إذ تعكس دعم قطر المتواصل للاقتصاد الأردني واستقراره، وهو دعم يترجم عبر الاستثمارات والبرامج التنموية التي تلامس حياة الناس وتفتح مجالات جديدة للتعاون. هذا الجانب يعكس إدراكًا قطريًا لأهمية الأردن بوصفه دولة استقرار في منطقة مضطربة، كما يعكس تقدير الأردن لدور قطر في تحفيز التنمية وتعزيز فرص العمل.
ولا يمكن إغفال البعد الإقليمي لهذه الزيارة. فالقضية الفلسطينية وما يرتبط بها من تحديات في القدس والمقدسات الإسلامية تظل محورًا أساسيًا يجمع بين الموقفين الأردني والقطري. التنسيق بين البلدين في هذا الملف الحيوي يعزز من قوة الموقف العربي، ويؤكد على أن الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني لا يزال أولوية مشتركة.
كما تعكس الزيارة رغبة مشتركة في تعزيز العمل العربي المشترك في وقت يشهد فيه النظام الإقليمي حالة من التباين والانقسام. الأردن بسياساته المعتدلة وشبكة علاقاته المتوازنة، وقطر بدبلوماسيتها النشطة وتحالفاتها المتنوعة، يسعيان إلى بلورة صيغة تعاون تساهم في حفظ التوازن ودعم الاستقرار.
البعد الرمزي للزيارة لا يقل أهمية عن أبعادها الأخرى، فهي رسالة تؤكد أن العلاقات بين القيادتين في عمّان والدوحة ليست محكومة بالظروف العابرة، وإنما تقوم على أسس استراتيجية من الاحترام المتبادل والتكامل في الأدوار.
في المحصلة، تحمل زيارة أمير قطر للأردن رسائل متعددة مفادها أن البلدين ماضيان نحو ترسيخ شراكة متينة، وأن تعاونهما يتجاوز الإطار الثنائي ليشكل جزءًا من معادلة أشمل هدفها الاستثمار في الاستقرار، وتفعيل الدبلوماسية الحكيمة، وتحصين المنطقة أمام التحديات المتصاعدة