وطنا اليوم_د. عادل يعقوب الشمايله
يُعتبر سليمانُ (شولومو) ملكاً حسبَ ما جاءَ في الكتاب المقدس/ العهد القديم. الا أنهُ يُعتبرُ حسبَ القرآنِ نبياً وملكاً لم يؤتَ أحدٌ قبلهُ ولا بعدهُ مُلكاً يوازيه.
عندما تُوفيَ النبيُ سليمان ظَلَّ أياماً واقفاً مستنداً على عصاه دون أن تلحظَ الشياطينُ والجنُ والمردةُ أنّه قد مات. فظلَّ بعضهم مستمراً في تنفيذِ الاعمال المكلف بها منهُ رغمَ أنَّ جزءا منها كانت أعمالاً شاقةً. وبعضهم الآخرَ ظَلَّ سجيناً جزاءَ افعالهِ وممارساتهِ السلبيةِ أو عصيانهِ لأوامرِ النبي سليمان.
هذهِ الغفلةُ عن ادراكِ موتِ الملك/النبي سليمان استمرت الى أنْ سقطَ جسدهُ على الارضِ بعد أن أكلت دابةُ الارضِ (منسأتهُ) أي عصاهُ التي كان يستند عليها أو كانت تسندهُ . دابةُ الأرضِ تشملُ كُلَّ ما يَدِبُّ، اي يتحركُ على الارض بما في ذلك الانسان. فقد بين القرآن الكريم: “فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين”. يُستنتجُ من القصةَ القرأنيةَ أنَّ الجن لم تكن تعي الحاضرَ فكيفَ بالغيب. لأنَّ موت النبي سليمان حدثَ في الحاضر الذي كانوا جزءاً منه ويعيشونه. كانَ ميتاً بالفعل أمامَ أنظارهم. لكنها الرهبةُ من سطوته، والوهمَ بخلوده، وأنهُ ليس مثل بقيةِ البشرِ يموت، بل هو فوق الموت، جعلهم لا يجرئون على النظر اليه بتمعن وملاحظةَ موته.
رمزيةُ قصةِ الملك/ النبي سليمان مهمةٌ جداً للتأسي. فهي لم ترد في القرآن للتسلية. فهدفُ القصصِ القرآني هو العظةَ والتحذير. جوهرُ الرسالةِ المحمديةِ تُبَينُهُ الايةُ القرآنيةُ: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (2)”. نضعُ خطاً تحتَ “يعلمهم الكتاب والحكمة”. وهذا ما يؤكده نصٌ قرئاني آخر: “وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269)”.
الحكمةُ تعني امتلاك القدرة على التصرف والتفكير والسلوك بطريقة متزنة وعقلانية، واستخدامِ المعرفة والخبرةِ لفهم الأمور بشكل صحيح واتخاذ القرارات السليمة سواءاً كان متخذ القرار فرداً او حاكماً أو هيئة.
ما ورد آنفاً يُقدِمُ معياراً أو مسطرةً يقاس عليه او عليها لتفسير ظاهرة “مصير ومآل العصابات التي حكمت الكيانات السياسيةِ العائليةِ والقبليةِ التي تسلطت على الشعوب العربية ” بدءاً من زين العابدين وليس انتهاءا ببشار الفأر .
هربَ بشار دونَ أن يلحظَ الشعبُ السوري المعذبُ، ولا حاشيةَ بشار، ولا طائفةَ بشار، ولا بلطجيةَ بشار، ولا جيشَ بشار، ولا جزاري بشار، ولا سجاني سُجناءَ بشار أنه هرب. ظلوا يظنونَ أنَّ بشار رئيسهم الى الابد (بشار الاسد الرئيس الى الابد وهو نفس الشعار الذي رُفعَ لوالده). ولم يُتِح القهر والرهبة أن يدركوا أن هناكَ نهايةً حتى “لما يسمى الأبد كبعدٍ زماني”.
لم يتعظ بشار كما لم يتعظ من سقطَ قبلهُ من الحكام من قصة سليمان. وأنهُ اذا كانت دابةُ الارض قد تمكنت من اسقاط العصا التي ظلت تسندُ جسدَ النبي سليمان، فإن البشر وهم ايضا من دواب الارض، الشعب المظلوم المقهور سيكونُ قادراً على اسقاط العصا او العصي التي تسندُ جسدَ بشار وجسدَ الحكام الظلمة، ليسقطوا فور سقوط من يسندهم. وأن مآلهم الحتمي السقوطَ والقتلَ او الهرب. كما أن أموالَ مبارك وزين العابدين والقذافي وعبدالله علي صالح التي سرقوها من افواه شعوبهم لم تنفعهم ولم يتمكنوا من الاستمتاع بها.