الفوقية والمصلحة العامة
بقلم: المحامي حسين أحمد الضمور
ما أكثر الذين اعتلوا الكراسي، وما أقل الذين جلسوا عليها بعقل راجح وقلب نزيه.
الفوقية داءٌ يصيب من نسي أن المنصب تكليف لا تشريف، وأن الكرسي إنما هو امتحان، لا امتياز.
على بعض المسؤولين أن يراجعوا أنفسهم، وأن يتذكروا أن المواطن — ذاك الذي يقف في طابور الانتظار، ويدفع ما عليه من ضرائب وصبرٍ — هو الأساس في وجودهم، ولولاه ما كان لهم مكان ولا منصب.
المؤسف أن البعض ما إن يتذوق طعم السلطة حتى يصاب بداء “الأنا”، فيرتفع عن الناس، وينسى أن الكرسي الذي يجلس عليه صنعه عرق المخلصين، لا وجاهته ولا نسبه ولا ماله.
المصلحة العامة ليست شعارًا يُرفع في الخطابات، بل سلوك يُترجم في الميدان، في القرارات، في الإنصاف، وفي العدالة.
ومن ظن أن المصلحة العامة تمرّ عبر بوابة الفوقية، فقد خسر نفسه وخسر الناس معه.
المنصب زائل، والكرسي دوّار، والتاريخ لا يرحم من لبس عباءة الغرور، وتناسى أن خدمة الناس شرفٌ لا يتقنه إلا من عرف معنى الإنسانية.
وليعلم كل مسؤول أن الناس لا تهاب المنصب، بل تحترم من يجلس عليه بتواضعٍ وعدلٍ وضمير حيّ.
فيا من جلست على الكرسي، تذكّر:
لو لم يكن هناك مواطن… لما كان هناك أنت.






