كتب: ليث الفراية.
لا يولد التميّز صدفة، ولا تُصنَع الريادة بين ليلة وضحاها، إنما هي حصيلة تراكم من التجارب، والإصرار، والقدرة على تحويل المسؤولية إلى رسالة تخدم الوطن والناس في هذا السياق، يبرز اسم السيد رفعت المصري، الذي لم يعد مجرد إداري أو تنفيذي ناجح، بل أصبح نموذجًا يجمع قوة الإرادة بنبل الإنسانية، وحكمة الإدارة بصلابة الموقف، والحضور في ميادين الصحة والرياضة على حد سواء.
من موقعه كرئيس مجلس إدارة مستشفى الرشيد، شكّل السيد المصري علامة فارقة في تطوير الرعاية الصحية، خصوصًا في مجال الصحة النفسية والإدمان، الذي ظل لسنوات طويلة محاطًا بالكثير من التحديات لم يتعامل مع هذا القطاع باعتباره مجرد مؤسسة صحية، بل نظر إليه كرسالة تتعلق بكرامة الإنسان أولًا، وبحقه في الحصول على رعاية طبية متكاملة تُحافظ على إنسانيته قبل أن تعالج مرضه. بالإضافة إلى قيادته الرائدة في هذا القطاع النوعي، أبدع السيد المصري أيضًا في استحداث مستشفى عام حديث وشامل لكافة الاختصاصات الطبية، والذي جُهز بأحدث ما توصل إليه الطب العالمي من أجهزة وتقنيات، مدعوماً بكوادر طبية وتمريضية وفنية على أعلى مستويات الكفاءة والاحترافية مما وسّع من نطاق رعاية مستشفى الرشيد لتشمل المرضى من داخل المملكة وخارجها. هذه الرؤية جعلت مستشفى الرشيد واحدًا من أهم المراكز الطبية المتقدمة في الأردن والمنطقة، وموضع ثقة المجتمع لما يقدمه من خدمات نوعية ورعاية استثنائية.
ولأن الشخصيات الريادية القيادية لا تحصر أنفسها في ميدان واحد، أضاف السيد رفعت المصري إلى مسيرته ميداناً جديداً، حيث امتد تأثيره إلى ساحة أخرى لا تقل أهمية، وهي ساحة الرياضة، من خلال تعيينه عضوًا في اللجنة المؤقتة لإدارة النادي الفيصلي هذا التزامن جاء في وقت يشهد فيه الأردن تألقاً كبيراً، خاصة بعد تأهل منتخبنا الوطني لكرة القدم لكأس العالم، مما رسخ مكانة الأردن كـمركز رياضي يحظى بنظرة عالمية. ويأتي اختياره لهذا الموقع في نادٍ بحجم الفيصلي، الذي يحمل تاريخًا عريقًا ويمثل ذاكرة وطنية تمتد لحوالي 100 عام، وهو أحد أبرز الأندية التي شكلت رافداً أساسياً للمنتخبات الوطنية بالنجوم على مدار السنين فحضوره في هذا الموقع لم يكن مجرد قرار إداري، بل انعكاس لثقة كبيرة في قدرته على الإسهام في تعزيز حاضر النادي والمحافظة على مكتسباته وبناء مستقبله، بالتعاون مع الفريق الإداري، وفق إدارة حكيمة ومعايير احترافية، تماماً كما فعل في القطاع الصحي.
ما يزيد السيد رفعت المصري تميزًا هو جانبه الإنساني الأصيل، الذي يتجلى في أصالة معدنه يظل قريباً من الناس، يحمل قضاياهم، ويشاركهم أفراحهم وأتراحهم. يعرفه القريب والبعيد بحكمته الهادئة، وكلماته الطيبة، وعلاقاته الواسعة المبنية على الاحترام المتبادل فهو يتواجد في مختلف اللقاءات والمحافل، ويعامل الجميع بمعايير من التقدير الصادق والمهنية العالية، ما جعل محبته حاضرة في القلوب قبل أن تُترجم في الكلمات ولعل هذا الجانب هو ما يضفي على مسيرته بعدًا مختلفًا، حيث يلتقي في شخصيته الإداري والقائد، وبين الصديق والود، والرجل الذي يعرف كيف يوازن بين المهام الإدارية ومتطلبات المسؤولية.
إن الجمع بين إدارة القطاع الصحي والرياضة والنبْل الاجتماعي يُمثل تحديًا نوعيًا، لكنه في حياة السيد رفعت المصري بدا طبيعيًا، لأنه ينطلق من قناعة راسخة بأن خدمة المصلحة العامة يمكن أن تتحقق من أي موقع، وبأن أثر الإنسان لا يُقاس بالمناصب التي يتولاها، بل بالبصمات التي يتركها في حياة الآخرين وقد أثبت المصري أن بإمكان الفرد أن يكون رائداً في الصحة، وفاعلاً في الرياضة، وقريباً من المجتمع في آن واحد، إذا ما امتلك الإرادة الصادقة والتخطيط السليم.
إن العمل العام المتواصل بحاجة دومًا لرجال من طراز خاص، ولذلك، فإن المصري قامة للرجل العصامي الذي لم تحركه الأضواء بقدر ما حرّكته المسؤولية، ولم تشغله المواقع القيادية بقدر ما شغله الوفاء لرسالته هو اليوم عنوان لمرحلة جديدة في الصحة والرياضة معًا، حيث يُشكل وجوده إضافة نوعية ومكسباً حقيقياً للعمل العام والرياضي معاً.
على وجه العموم، يتفق المتابعون على أن رفعت المصري ليس شخصية عابرة، بل قامة وطنية في العطاء والمسؤولية، تحمل في داخلها صدق الانتماء للوطن، وتترجمه إلى عمل جاد وملموس فالمجد لا يُبنى، والازدهار لا يتحقق، إلا بمثل هؤلاء الرجال الذين يجمعون بين العقل والإرادة، وبين نبل المقصد والقرار، وبين دعم الحاضر وصناعة المستقبل. إن هذا العطاء الموصول يجد جذوره في مسيرة التنمية الشاملة التي ترعاها القيادة الهاشمية الحكيمة، فكل إنجاز مخلص هو ثمرة للدعم المتواصل لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه.