بين معالي الفاسد سابقآ والمومس التائبه

4 سبتمبر 2025
بين معالي الفاسد سابقآ والمومس التائبه

بقلم ماجد ابورمان

اتصل أحدهم بصديقي، وهو صاحب مخبز شعبي بسيط، وقال بكل فخر:
“معك معالي الوزير فلان… قالولي عندك خبز مسخّن زاكي!”

صديقي، الذي لا يحفظ من أسماء الناس سوى مدير البنك، وموزّع الطحين، ومفتش وزارة الصناعة والتجارة، لم يتأثر بلقب “معاليك”.
قال لي ساخرًا:
“طيب يعني أفتح الطابون على شرف معاليه؟”

في هذا البلد، يغادر كثيرون مناصبهم ولا يغادرهم اللقب.
يصرّون على تقديم أنفسهم وكأنهم لا يزالون في السلطة، رغم أن الشارع يعرف جيدًا من خرج منها نظيفًا، ومن خرج محاطًا بالأسئلة والملفات والهمس.

والأدهى أن بعضهم يظن أن اللقب يغسل الذاكرة، ويغطي المرحلة، ويمحو ما كان.
لكن لا.
اللقب لا يُطهّر الماضي، بل يُضخّمه.

وإن كان لا بد من استخدام الألقاب، فلماذا لا نكون صادقين؟
بدل “معالي الوزير سابقًا” فلنقل:
“معالي الفاسد سابقًا”
أو
“سعادة الذي لم يسعد أحدًا”
أو
“عطوفة من أرهق العباد وأثقل البلاد.”
وأتساءل هنا:
لو أن امرأة تابت عن ماضٍ مظلم، هل تُقدّم نفسها للناس: “السيدة التائبة، المومس سابقًا”؟
بالطبع لا.
لأن من يخجل، لا يقدّم نفسه بعنوان ماضيه.
أما عندنا، فالخجل أصبح سبة، والصوت المرتفع بلقب قديم أصبح بديلاً عن الاحترام الحقيقي.
اللقب ليس بطاقة هوية، ولا شفاعة، ولا إنجازًا بحد ذاته.
إن لم يكن مقرونًا بسيرة نظيفة، فإنه مجرد كذبة مغطاه بطبقة من الألوان الرخيصه