بعد التجويع.. إسرائيل تبحث تعطيش الفلسطينيين لتهجيرهم

9 ثواني ago
بعد التجويع.. إسرائيل تبحث تعطيش الفلسطينيين لتهجيرهم

وطنا اليوم:لم تكتف إسرائيل بالتجويع الممنهج الذي تفرضه على الفلسطينيين بقطاع غزة وسحقهم بين أنياب مجاعة كارثية، بل إنها تمضي نحو استخدام سلاح جديد لا يقل فتكا بالإنسانية وهو التعطيش، وتعلن ذلك على مرأى ومسمع العالم.
وخلال الإبادة الجماعية المستمرة منذ 22 شهرا دمر الجيش الإسرائيلي معظم آبار المياه وأوقف محطة التحلية، ليواجه الفلسطينيين عطشا حادا، مع اعتماد شبه كامل على الكمية المحدودة جدا الواصلة من خط “ميكروت” الذي تتحكم به تل أبيب.
تحت وطأة هذا الواقع المأساوي، تبحث الحكومة الإسرائيلية تقليص ما تبقى من كميات المياه المتدفقة إلى شمال القطاع، في خطوة تضاف إلى مخطط تهجير الفلسطينيين قسرا ضمن خطة إعادة احتلال غزة بالكامل.
وبالتزامن مع ذلك، تدرس الحكومة إصلاح خطي مياه متجهين إلى جنوب القطاع، لدفع الفلسطينيين على النزوح من مدينة غزة للبحث عن المياه، بما يسهل تنفيذ مخطط التهجير، وفق هيئة البث العبرية.
ويأتي التلويح بتقليص المياه عن مدينة غزة مع انهيار شبه كامل لمنظومتها المائية، كجزء من خطة أوسع لإجبار الفلسطينيين على النزوح جنوبًا.
ويتزامن ذلك مع إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس المصادقة على خطة عسكرية لاجتياح المدينة وتهجير سكانها، تحت مسمى “عربات جدعون 2”.

** سياسة التعطيش
وبجانب التجويع ومنع المساعدات، تستخدم إسرائيل التعطيش سلاحا إضافيا في الإبادة الجماعية، إذ دمّرت معظم آبار المياه وأوقفت محطة التحلية.
متحدث بلدية غزة حسني مهنا، قال للأناضول إن المدينة تشهد انهيارا شبه كامل في بنيتها المائية بعد أن دمر الجيش الإسرائيلي 56 بئرا بشكل كلي، فيما توقفت آبار أخرى نتيجة نقص الوقود وغياب الصيانة.
وأشار إلى أن الناس باتوا يعتمدون بنسبة 70 بالمئة على خط مياه “ميكروت” الخاضع لتحكم إسرائيل، في حين لا توفر الآبار المتبقية سوى 30 بالمئة فقط من الاحتياج الفعلي.
وأضاف أن “محطة تحلية مياه البحر شمال غرب المدينة خرجت عن الخدمة منذ بداية الحرب، فيما دمر العدوان أكثر من 75 بالمئة من الآبار ومحطات الضخ والتحلية، وألحق أضرارا بعشرات آلاف الأمتار من شبكات المياه”.
وأوضح أن نصيب الفرد من المياه حاليا في المدينة لا يتجاوز 5 لترات يوميا، مقارنة بالحد الأدنى الموصى به دوليا وهو 100 لتر، مؤكدا أن “أكثر من 1.2 مليون مواطن ونازح يواجهون عطشًا يهدد بانتشار الأوبئة والأمراض”.
وفي وقت سابق الجمعة، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الجمعة، إنه صادق على خطط الجيش لاحتلال مدينة غزة، وتوعدها بكثافة نارية وتهجير الفلسطينيين، وهدد بتحويلها إلى مصير مشابه لرفح وبيت حانون.
وتوعد كاتس قائلا: “قريبا ستفتح أبواب الجحيم على غزة حتى توافق حماس على شروط إسرائيل، وعلى رأسها إطلاق سراح جميع الرهائن (الأسرى) ونزع سلاحهم” وفق تعبيره.
فيما قالت وزارة الداخلية في غزة، الخميس، إن المخطط الإسرائيلي لإعادة احتلال مدينة غزة يمثل “حكماً بالإعدام والتشريد “بحق نحو مليون و200 ألف إنسان، مطلقة نداء للمجتمع الدولي للتحرك العاجل.

** انقطاع متكرر
ولفت مهنا إلى أن خط مياه “ميكروت” المغذي لمدينة غزة يتعرض للتوقف والانقطاع بشكل متكرر بسبب الأضرار التي تلحقها به العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأوضح أن الاستهداف المتواصل للبنية التحتية المائية يجعل تدفق المياه غير مستقر، ويضاعف من معاناة الناس الذين يعتمدون عليه كمصدر رئيسي بعد تدمير الآبار.
وحذر مهنا من أن “أي تقليص جديد في كميات المياه سيؤدي إلى انهيار كامل لمصادر المياه، ما يعني حرمان مئات آلاف العائلات من الحد الأدنى للحياة، وانفجار كارثة إنسانية وصحية غير مسبوقة”.
ودعا المسؤول الفلسطيني المجتمع الدولي والأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التحرك الفوري والضغط على إسرائيل لوقف سياسة استخدام المياه سلاح حرب.
وشدد على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي وفتح المعابر لإدخال المعدات والأدوات اللازمة لأعمال الصيانة وإعادة تشغيل محطة التحلية وتوفير الوقود اللازم لآبار المياه ومحطات الضخ بكميات كافية.
والخميس، ذكرت هيئة البث العبرية أن قرار تقليص المياه عن مدينة غزة جاء بموافقة القيادة السياسية، وذلك في إطار استعداد تل أبيب لتهجير مئات آلاف الفلسطينيين من مدينة غزة.
وأقر المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر “الكابنيت” في 8 أغسطس/ آب الجاري، خطة اقترحها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لاحتلال تدريجي لقطاع غزة.
وتبدأ الخطة باحتلال مدينة غزة عبر تهجير سكانها البالغ عددهم نحو مليون نسمة إلى الجنوب، ثم تطويق المدينة وتنفيذ عمليات توغل في التجمعات السكنية.
وتلي ذلك مرحلة ثانية تشمل احتلال مخيمات اللاجئين وسط قطاع غزة، التي دمرت إسرائيل أجزاء واسعة منها.
وبحسب الخطة الإسرائيلية، من المقرر نقل أكثر من 800 ألف فلسطيني إلى مناطق زُعم أنها “إنسانية” جنوب القطاع ضمن المرحلة الأولى من العملية، بالتوازي مع إنشاء ملاجئ ومستشفيات ميدانية وبنى تحتية للمياه، وسط تقديرات بأن تكتمل هذه الاستعدادات خلال نحو ثلاثة أسابيع.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و192 شهيدا و157 ألفا و114 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 271 شخصا، بينهم 112 طفلا.