وطنا اليوم_د. نبيل الكوفحي
ارتباط بعض الاركان والأخلاق في الايات القرانية له دلالات واضحة، كارتباط الصلاة بالزكاة، حيث ورد الركنان معا في معظم الايات القرانية اذا ذكر احدهما. من يدقق بالايات القرانية التى ذكر فيها الايمان بالله ورسوله، يجد القيام بالجهاد مرتبط بهما في كثير من المواضع خاصة تلك التي نزلت في العهد المدني. كقوله تعالى في سورة التوبة ( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون)، وقوله تعالى في سورة الصف ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، وقوله ايضا في سورة البقرة ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
الدلالات في هذا السياق كثيرة؛ لعل من اهمها تعظيم فريضة الجهاد بربطها بركن الايمان لما في ذلك من اشارة واضحة على فضل الجهاد على سائر الفرائض المتعلقة بالأمة، الأمر الآخر هو انعكاس القيام بالجهاد على ضمان توفير اجواء مناسبة لضمان الايمان بالله بكل ما يستلزم ذلك من ظروف، حيث بالجهاد تسود اسس الحرية والعدالة للبشرية دون اكراه في الدين من احد. والامر الثالث كون اقامة الجهاد تعبر عن حال الجماعة ايا كانت مجموعة او تجمع او دولة او أمة وهي الحالة التي تديم إعمار الارض وخلافتها وفق منهج الله حاجة و ضرورة للدنيا وفرضا شرعيا.
المسلمون مدعوون لتدبر هذه المعاني والايات والسعي افرادا وجماعات ودولا للوصول للحدود الدنيا من تحقيق هذا الترابط ولو من باب الاعداد له، مصداقا لقوله تعالى ( ولو ارادوا الخروج لاعدوا له عُدة) وبغير ذلك ينطبق وصف النفاق اذ تستكمل الآية بذكر حالة المخالفين ( ولكن كره الله انبعاثهم وقيل اقعدوا مع القاعدين).
الحديث عن الجهاد ليس حديثا عابرا مرتبطا بما يجري في غرة الان فحسب، بل حديث ينبغي ان يكون ملازما للامة في كل ازمانها، فهذا شأن القران الخالد، وحقيقة الصراع بين الحق والباطل مستمر استمرار الكون وجاءت على سبيل الفعل المضارع المستمر ( ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا). الحديث الشريف دلالته ونتيجته واضحة ( وما ترك قوم الجهاد الا ذلوا). وان كنا اليوم نعجز عن القيام به فالتوجه الحقيقي للاعداد له واجب وضرورة فلا مكان للضعفاء ولا المترددين في عالم لا يحكمه قانون ولا تعلوا به القيم الانسانية