وطنا اليوم_حسين الرواشدة
هل تستطيع حكومة د. جعفر حسان ان تدخلنا الى مرحلة الانفراج السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، او ان تطمئننا على مستقبل افضل ، او ان تضعنا على سكة السلامة ؟ حقاً لا أدري، لكنني أشعر أن الرئيس الجديد أمام تركة ثقيلة وطريق «وعر» محفوف بالتحديات والمخاطر، واستحقاقات كبيرة تحتاج لروافع سياسية واقتصادية ( وطنية : ادق)، وقرارات مدروسة وسريعة، وعيون مفتوحة على كافة الجهات.
اذا افترضنا ان الاجابة غير معروفة حتى الآن ، يمكن اذاً ان نطرح سؤالا آخر: هل بمقدور أية حكومة قادمة أن تفعل ما عجزت عنه الحكومات السابقة أو لم تسعفها الظروف بإنجازه ؟ ما البديل إذن.. وأين الحل؟
من تجاربنا مع معظم الحكومات السابقة، يمكن ان نتلمس اجابة واحدة وهي ان المساحات التي اتيحت لها، او التي اختارتها لنفسها، عكست نسخة تكاد تكون متشابهة، وان كان ثمة اختلاف بينها في الاداء والانجاز فهو اختلاف في الدرجة لا في النوع،بمعنى ان الحكومات مهما اختلف اسماء رؤسائها ووزرائها استندت الى مساطر ومعايير معروفة ، وبالتالي كانت افرازاتها ونتائجها متطابقة نسبيا مع مدخلاتها واسس تشكيلها.
لا اريد هنا ان ادخل في تفاصيل اخطاء الحكومات ( وما اكثرها..!) يكفي ان اشير الى عنوان واحد مهم، ربما كان من اهم اسباب خيبة الناس وافتقاد ثقتهم بحكوماتهم، وهو عدم تفعيل آليات «المساءلة والمحاسبة»، ولو عدت الى ارشيف تصريحاتنا السياسية، وردود حكوماتنا المختلفة، ووعود مسؤوليتنا، ناهيك عن ممارساتنا وانجازاتنا، لما وجدت لهذه القيمةما تستحقة من ذكر، ولو حصل فمجرد اشارات عابرة لا تستند الى أي مدلول او ارادة او برامج حقيقية صالحة للتنفيذ والتفعيل.
السؤال الأهم اليوم أمام الحكومة الجديدة ؛ ماذا يريد الأردنيون؟
الإجابة تحتاج إلى نقاش طويل وعميق ، اعتقد أن الرئيس الجديد يعرف جزءا كبيرا منها بحكم خبرته الطويلة في إدارة الشأن العام ، وقربه من دوائر صنع القرار، لكن المهم أن يفتح امام الأردنيين بارقة أمل تعيد ثقتهم بالحكومة ، وبقدرتها على الانتقال بهم من دائرة ترحيل الأزمات إلى ايجاد حلول لها ، ومن إطار الوعود إلى الأفعال ، ومن التنظير في المكاتب إلى الاشتباك مع الناس ، والاهم إلى مصارحات واقعية في سياق خطط وبرامج واضحة قابلة للتنفيذ وللقياس والمحاسبة ،الأردنيون يتطلعون إلى حكومة تحس بمعاناتهم ، وتقدر تضحياتهم ، وتضعهم على سكة العدالة والشراكة ، وتقاسم المغرم والمغنم.
اعرف ، مشروع التحديث بمساراته الثلاثة ( والسياسي تحديدا) ما زال في مرحلته الأولى ، والتجربة تحتاج إلى سنوات حتى يكتمل ، والمجتمع ، اقصد أغلبية الأردنيين ، ما زالوا يتمنعون عن المشاركة ، ويغرقون بالتفاصيل ، ويتكاسرون فيما بينهم ، كما أن محيطنا الملتهب، والأزمات التي تحاصرنا ، تفوق إمكانياتنا وقدرتنا على بناء خيارات خاصة بنا تجعلنا قادرين على اخراج نموذجنا الذي نريده.
مع ذلك، ثمة (بناء من رحم الأزمات) ، كما سبقنا الرئيس ، جعفر حسان، إلى توصيف التشابك بين السياسة والاقتصاد في بلدنا ، يمكن أن يكون مدخلا للتفكير بالقادم ، كيف ؟ هذا يحتاج إلى نقاش عام ، لكن لا بد أن نبدأ، بعيدا عن هذا التراشق والإسفاف في الخطابات ، الأردن اليوم بحاجة إلى حكومة يثق بها الأردنيون ، تكسر نمطية صورة الحكومات التي ألفناها ، تخرج إلى الميدان بدون بروتوكولات ، وتلتقي الناس وتصارحهم ( تتكلم معهم بلا تكلف) وتحاول أن تفهمهم وتحل مشاكلهم، والى طبقة وظيفية وسياسية تحظى باحترامهم ، والى جماعة وطنية موثوق بها ، الجميع مسؤولون عن الإنجاز والتقصير ، والجميع مطالبون أن يكونوا بمستوى الأخطار والتحديات التي يواجهها بلدنا ، وإلا فلا يحق لاحد ان يلوم احدا إذا لم نتقدم للأمام .
هل ستفعل الحكومة الجديدة ذلك؟ربما تفاجئنا وتفعل اكثر مما يتوقع البعض . قولوا : آمين.