المروّجون ل “طبخة ” الكونفيدرالية : أعيرونا صمتكم

27 يوليو 2024
المروّجون ل “طبخة ” الكونفيدرالية : أعيرونا صمتكم

وطنا اليوم _بقلم_حسين الرواشدة

ما كان يدور، همساً ، داخل صالونات المحاصصات السياسية ، على امتداد الأشهر المنصرفة ، خرج، الآن، للعلن ، وهكذا انكشف المستور ، مطلوب من الدولة الأردنية أن ترضخ لصفقة القرن ، وتباشر من خلال قرار قمة عربية عاجلة إجراءات استعادة ما تبقى من الضفة الغربية، لإقامة كونفيدرالية مع السلطة الفلسطينية، على أن يكون لكل جزء منهما ( الأردن وفلسطين: تصوّر) إدارة محلية وإدارة دولية ، ثم يعودان إلى اتفاق 1950 في تقسيم المناصب الفيدرالية ، مقابل ذلك سيقدم المجتمع الدولي من 150-200 مليار دولار كتعويضات للدولة الكونفيدرالية من اجل إعمار الضفة وغزة (يا سلام!)

ما ذكرته ، سلفا ، ليس من عندي ، وإنما جزء من مقالة نشرها، قبل أيام ، أحد كبار المسؤولين السابقين في بلدنا ، وهي تعكس حالة من التفكير والتحريض( لكي لا أقول التزوير ) الذي يمارسه تيار سياسي يتبنى فكرة شطب القضية الفلسطينية وحلها على حساب الأردن ؛ الفكرة ليست جديدة ، فهي نسخة مطابقة تماما لمخططات الاحتلال الصهيوني، وباركها وأيدها بعض المحسوبين على ” أوسلو”، ثم أصبحت جزءا أصيلا من صفقة القرن التي اعلن عنها ترامب (2018 )، ورفضها الأردن جملة وتفصيلا ، وما زال.

 ما ذكره المسؤول الكبير ، ايضاً، يعكس مسارا مدروسا، ضمن مسارات متعددة ، شهدنا تطبيقاتها وخطاباتها منذ بدأت الحرب على غزة ، حيث توزع أقطابها ودعاتها واطرافها بين من تقمص حالة الحرب للتشكيك بالمواقف الأردنية والمزاودة عليها ، ومن تولى مهمة تعبئة الشارع والتخويف من قدوم ترامب ومن الثمن الذي سندفعه إذا لم ننخرط في جبهة المقاومة ، ومن فتش عن غنائم ومحاصصات سياسية ، ثم انتهت هذه المسارات إلى تهديد أمني وسياسي مباشر من بعض الأطراف ضد بلدنا ، فيما النتيجة المطلوبة (كما نسمع ونرى الآن ) التضحية بالأردن وفلسطين ، تحت عناوين : تزوير التاريخ وتزيين المستقبل لتمرير مشاريع الضم والخيار الأردني وتسمين المملكة ، والمليارات القادمة ، مقابل ماذا ؟ طبعا التنازل عن مشروع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، وحق العودة ، والهوية الوطنية لكل الشعبين ، بمعنى تصدير أزمة الكيان المحتل ( الأمن والسكان) وحلها على حساب الأردنيين والفلسطينيين معا.

“طبخة ” الكونفيدرالية التي أتوقع أن تستقطب الكثيرين من أمثال المسؤول السابق للترويج لها ، تثير في هذا التوقيت الريبة والشك ، لكنها ، ايضا، تستدعي التذكير بموقف الأردن الذي عبر عنه مرارا وتكرارا : ” لا حديث عن كونفدرالية أو فيدرالية قبل قيام الدولة الفلسطينية “، وأضيف ( من عندي) ولا حتى بعد قيام الدولة الفلسطينية بشكلها الذي يتم الترويج له ، الأسباب هنا أكثر من أن تحصى ، يكفي أن الواقع الذي انتهت إليه القضية الفلسطينية ، بكل اطرافها وتداعياتها وتفاصيلها، يجعل من مجرد إمكانية طرح مثل هذه الحلول ، على حساب الأردن، تهديدا لوجوده وأمنه واستقراره ، كما أن كلفتها السياسية والاجتماعية، والأمنية والاقتصادية، أكبر مما نحتمل ، مثلما أن ردود الأردنيين عليها ستكون أشد مما يتصور هؤلاء المروجون -وما اكثرهم – فهذه الفكرة مغشوشة، تحت أي صيغة، وبموجب أي ذريعة.

بقي أن أقول لكل الذين أخذتهم “العزة السياسية بالاثم ” والانتهازية ، فتبادلوا الأدوار لتنفيذ أجنداتهم ضد بلدنا ، سواء بالاستقواء عليه ومحاولة اضعافه، أو لتخويفه من الخطر القادم إذا لم يندرج مع رغباتهم، أو بتوظيف فزّاعاتهم الخارجية للضغط عليه وزعزعة وحدته وتماسكه ، أقول لهم : أعيرونا صمتكم ، وتوقفوا عن هذا العبث المكشوف .

الأردنيون يعرفون مصلحتهم ، ويقفون مع دولتهم وقيادتهم وجيشهم ومؤسساتهم ضد أي محاولة تستهدف بلدهم ، شعارهم ما زال واحداً : الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين ، وكما قال الملك رافضا( كونفيدرالية مع من؟) : كلا للتوطين والوطن البديل والمساس بالمقدسات في القدس .

صحيح أنهم ، أقصد الأردنيين، كانوا وسيبقون مع أشقائهم لدعم صمودهم ومقاومتهم وتحرير أرضهم ،لكنهم قبل ذلك ومعه وبعده كانوا وسيبقون مع الأردن وطنا لا يقبل القسمة، ولا يرضخ للخيارات والصفقات المشبوهة ، ولا يقبل الوصاية من أحد أو على أحد ، كما لا يقبل القيام بدور “التصريف ” والوكالة بالنيابة عن أي طرف.