د. عادل يعقوب الشمايله
كنتُ من بين المبتهجين في العالمين العربي والاسلامي لانطلاق الثورة الايرانية بقيادة الخميني، ومن بين المؤيدين، لبعض قراراته، خاصةً قطعَ العلاقة التآمرية العدوانية التي كانت قائمةً بين مملكة ايران واسرائيل، واستبدالها بسفارة لفلسطين، واعلان الخميني عن التزام نظامه بالعمل لتحرير القدس وبقية الاراضي التي أُقيم الكيان الصهيوني عليها. كما كنت الى جانب الجمهورية الخمينية في حربها الدفاعية عن اراضيها وبقائها ضد الغزو الامريكي الانتقامي من خلال اداة امريكا المجرم صدام حسين.
بلْ إنني كنتُ أُرسلُ تبرعاتٍ نقديةٍ رمزيةٍ لايران من دخلي المتواضع اثناء دراستي الدكتوراه في امريكا، كردةِ فعلٍ على ما اقرأهُ وأُشاهدهُ على وسائل الاعلام الامريكية عن كميةِ الدعمِ الامريكي ونوعيتهِ للعراق، وخاصةً الاستخبارية من خلال الاقمار الصناعية التي كانت تراقبُ بدأبٍ بالغٍ كافةَ تحركات القوات الايرانية المدافعة، وتقدمها لنظام صدام حسين من اجل اطالة امد الحرب التي اثخنت خلال ثمان سنوات في الشعبين العراقي والايراني وفتكت بمئات الالاف منهما.
ولأنني كنت ولا ازال، مقتنعا أن امريكا لا تدعمُ، الحقَّ ولا العدالةَ، وانَّ عدائها سافرٌ للشعوب التي تسعى للتحرر من عملاء امريكا وحلفائها الاوروبيين. وأن غزو جيش صدام لايران كان حرباً أمريكيةً بالوكالة. وهذا ما يشهدُ به وعليه تاريخُ امريكا العدواني منذ احتلال طلائع الجنس الابيض لقارة امريكا وابادتهم للسكان الاصليين واقامة دول عنصرية استعلائية عدوانية للجنس الابيض على اراضي الشعوب المبادة. وضربها للمدنيين في اليابان بالقنابل النووية، وما قتلتهُ وأبادتهُ ودمرتهُ في كوريا وفيتنام والهند الصينية، ومشاركتها المجرمة السافرة والوقحةِ للعدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني، وانقاذها لاسرائيل من هزيمةٍ محققةٍ وكاملةٍ عام ١٩٧٣ امام الجيش المصري الذي سعى لاستردادِ سيناءَ المحتلة.
وبزوالِ النظام العميل في ايران، توقفَ لفترةٍ وجيزةٍ الدعمُ الذي كانت تقدمه ايران بالتعاون مع اسرائيل للمتمردين الانفصاليين الاكراد الذين استنزفوا العراق ماليا وعسكريا وبشرياً لسنواتٍ طويلةٍ سعياً لتقسيم العراق خدمةً للمشروع الامريكي الصهيوني الاستئصالي الذي قلد ويقلد ما فعله المهاجرون الامريكان في الهنود الحمر.
وكما انكشفت عمالةُ نظام صدام، انكشفت بعد فترة وجيزة وتأكدت عمالةُ حكم الملالي في ايران. وانكشفت اطماعهم التوسعية في العالم العربي ، وحولوا الاختلاف القديم في الاجتهادات بين المذاهب السنية والشيعية الى حرب قذرة ما بين غلاة ومتطرفي مشايخ السنة المسيسين بالمال ومشايخ الشيعة المختلين عقلياً الغلاة عرقياً. وساعدت ميادين شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي في خلق عداء سافر مجنون وحربٍ وجودية.
ومن الجدير بالذكر أن الدستور الايراني الخميني قد نص وخص مذهب الدولة الايرانية بأنه مذهب شيعي، في حين تنص دساتير الدول العربية على ان دين الدولة الاسلام دون تحديد المذهب والتمييز بين مكونات الشعب.
وكذلك كنت من بين المؤيدين كالكثيرين في العالم العربي والاسلامي لحزب الله خصوصا بعد مواجهاته ومناوشاته مع الكيان الصهيوني في بدايات ظهور الحزب التي تبين مؤخراً أن هدفها تسويق الحزب الخميني الولاء كما تسوق المخدرات.
واصبح جميع المخدوعين بالمظاهر، ينظرون لافراد حزب الله على انهم اسودٌ كشرت عن انيابها لطحن عظام افراد الجيش الصهيوني والياته ووجود بعد أن اثبتت مناوشاتُ الحزبِ الاستعراضية في اثبات ان الجيش الاسرائيلي جيشٌ هامل، وأنَّ قرونه الامريكية المركبة على جسد نعجة لن تمنع عنه الهزيمة السافرة وكما اثبتت ذلك من قبل معركة الكرامة وحربُ تشرين. فلقد خيل لاعيننا أن الحزب الايراني حيةٌ تسعى تلتهمُ الافك الصهيوني.
من المؤسفِ أن يتحول الحزب الخميني الخامئني في لبنان الى حزب حباري وزرازير وارانب برية تصطادها وتقنصهم المسيرات والطائرات الاسرائيلية في لبنان وسوريا والعراق أنَّى وحيث شاءت.
منذ الثامن من اكتوبر اعلن الحزبُ عن مقتل المئات من افراده وعشرات المدنيين وتدمير قرب جنوب لبنان وهرب سكانها من بيوتهم للنجاة بارواحهم من نتائج الحوار الناري العبثي بين الحزب واسرائيل.
وعلى الرغمِ من مئات الصواريخ والمسيرات التي اعلنَ الحزبُ عن اطلاقها على اسرائيل ومزاعمهِ عن تحقيق اصاباتٍ مباشرةٍ بالمواقعِ المستهدفةِ وقتلِ وجرحِ من فيها، الا أنَّ اسرائيل كانت تُكَذِّبُ بيانات الحزب وتكشفُ عن أنَّ ما أَطلقهُ الحزب عليها يقل عن عُشر العدد الذي يعلن عنه الحزب. كما انها كانت تختم البيانات العسكرية بأن قذائف الحزب ومسيراته وصواريخه كانت إما تدمرها القبة الحديدية او تسقطُ في أراضٍ خاليةٍ. ولذلكَ، فإن اسرائيل نادراً ما اعلنت عن قتلى او جرحى في صفوف مقاتليها او المدنيين نتيجة قصف الحزب، في حين انها تعترف بشكلٍ شبهِ يومي عن القتلى والجرحى الذين يسقطون على ايدي المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.