بقلم المهندس باسل قس نصر الله
إن من أجمل الأفلام التي ألهَبت مخيلتي كطفل صغير، هو فيلم “من اجل حفنة من الدولارات”، ووضعت صوراً لبطل الفيلم وغيره من الممثلين والممثلات في غرفتي، تشابه صور المرشحين للإنتخابات.
توقفت مطولاً أمام بعض الصور، فالألوان الزاهية للخلفية، إضافة إلى نظرات المرشحين التي تتغير من واحد إلى آخر، فمن نظرة التحدي للمستقبل، إلى نظرة الواثق بأمره، ومن أصحاب العيون المُسَبّلة، إلى الشعر “المظبط”، ومن الأطقم الرجالية المودرن مع ربطات العنق، إلى المشالح والجمدانات العربية، وكلها لكي تُعطي الناظر إايها، أن المرشح هذا، هو الذي سـيقوم “بِشحط الديب من ديلو”.
كالعادة لم أجد إلا عبارات قليلة مكتوبة تحت مسمّى “برنامج انتخابي”، وهي تندرج بين الإصلاح ومحاربة الفساد، وكأنهم لم يتذكروا أن الكثير منهم كانوا أعضاء سابقين في المجلس، وكأنهم حاربوا الفساد حرب شعواء ، او أنهم نادوا إلى الإصلاح في السابق، ولم يتذكر الكثير منهم أنهم عندما كانوا أعضاءً في السابق، ما كانوا إلا مثل دون كيشوت، حاربوا بسيوفٍ من الورق، طواحين الهواء التي تخيّلوها.
والكثير منهم يبدأون مع الأمر “انتخبوا” وكأننا ما انتخبناهم في السابق، وما جرّبناهم في السابق واكتشفناهم.
الكثير منهم يطلّون علينا بنظراتٍ من الوقار، وكأننا لا نعرف أنهم “يُخفّقون” في دهاليز متعددة وهم على استعداد لمسح الأحذية إن لزم الأمر.
الكثير منهم يتكلمون عن النزاهة، وكأننا لا نعرف ان منهم من صُرف لأسبابٍ تمس النزاهة، ومنهم مَن نزاهته أكثر بياضاً من الشاش الأبيض نفسه.
الكثير منهم يتكلمون أنهم من الشعب وأنهم سيكونون صوت المواطن، ومنهم من حَمل الألقاب العلمية والكثير منهم اشتراها، ولكنهم نسوا ان هذا العقل المريض “حامل اللافتات العلمية” لم يقتنِ العلم ليصيّره ضميراً فعالاً، بل ليجعله آلة للعيش، وسلماً يصعد به الى منصة المجلس.
الكثير منهم اعتبروا أن كرسي مجلس الشعب هو تكريم لهم في آخر حياتهم المهنية، وذلك لأننا عشنا سنوات طويلة باقتناع أن المجلس هو نوع من أنواع الكرنفال السياسي .
وبعد ذلك ينادون بالاصلاح …
وينادون بمحاربة الفساد …
ويُسبلون عيونهم الجميلة، وهم يلتحفون لباسهم، ويطلّون على العباد من الشرق، والناس في الغرب.
أهداني السيد بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كتاباً له اسمه “بانتظار بدر البدور”، قرأت فيه أن ” الفرق بين السياسي ورجل الدولة، هو ان الأول يفكّر بالانتخابات المقبلة، بينما الثاني يفكّر في الجيل القادم”.
اليس البعض من المرشحين يصلحون أن يكونوا ممثلين في أفلام الكابوي الأميركي؟؟؟
اه يا بلدي كم نحن نفتقد إلى رجال دولة.
اللهم اشهد اني بلغت