ثمنُ العودةِ من التيه

11 مايو 2024
ثمنُ العودةِ من التيه

د. عادل يعقوب الشمايله

التحقيقُ الصحفي المُصورُ الذي أجراهُ من داخلِ احد السجون الاسرائيلية ومراكز احتجاز الفلسطينيين في الصحراء، الصحفي ماثيو جانس وبثته على شاشتها محطة ال CNN الامريكية عصرَ اليومِ الجمعةَ، اكثرُ من شجاعٍ وأكثرُ من منصفٍ للفلسطينيين السجناءِ والمحتجزين، وأكثرُ من فاضحٍ لاسرائيل، ويجب على الفلسطينيين منظماتٍ وسلطةً وافراداً أن يوثقوه ويروجوا لهُ عالمياً، ويستخدموه لتجريمِ إسرائيلَ باعتبارِ أنهُ مُعدٌ من محطةِ تلفازٍ عالميةٍ معتبرةٍ وموثوقةً ولها قدرٌ كبيرٌ من الاحترامِ والقبول.
آنَ الاوانُ للفلسطينيين لاستخدامِ جزءٍ يسيرٍ من اموالِ وثرواتِ اغنيائهم والاستعانةِ بالفلسطينيين الفهيمين المتواجدين في الجامعات الغربية اساتذةً وطلاباً، ورجال الاعمال الفلسطينيين الذين يستثمرون ويعملون في الدول الغربية للدفاع عن قضيتهم كما يفعل اليهود، بدلاً من الاكتفاءِ بتوجيه الاتهامات للحكومات العربية والشعوب العربية بأنها تخلت عنهم وخانتهم وباعتهم.
لدى الفلسطينيين مئاتُ الاغنياء. وكما لعبَ روتشيلد دورا رئيسيا في صناعةِ الكيانِ الصهيوني وتمكينهِ وتمكنهِ من احتلالِ فلسطين بدءاً من بناءِ المستوطنات التي جائها المغامرون الحالمون المستعدين للتضحية بارواحهم مستفيدين من الفرصة التاريخية التي اهداها لهم روتشيلد، فلماذا لا يضحي أغنياءُ الفلسطينيين؟ والى متى التباكي واختيار دورِ الضحيةِ المعدومةِ القوى وفاقدةِ ادواتِ المقاومةِ والتحدي؟
عندما قالَ اليهودُ للنبي موسى اذهب انت وربك فقاتلا انا هنا قاعدون، كان الجواب الالهي أن جعلهم يتيهون في الصحراء أربعينَ عاماً حتى يفنى جيلُ المتراخين والمتخاذلين والمتواكلين والجبناء.
لقد مضى على الفلسطينيين في التيهِ ضعفُ فترةِ التيهِ اليهودي.
بعد التيه اليهودي، عاد أبناء المتواكلين المتخاذلين ليحققوا حلمهم التوراتي فاحتلوا فلسطين واثخنوا في اهلها قتلا واستعباداً. اذن، لا مفر ولا مهرب للفلسطينيين من مواجهةِ الحقيقةِ والاختيارِ بينَ حياةٍ تسرهم وتسرُ اصدقائهم وداعميهم، وإما موتٌ واستشهادٌ يَفضلُ الذلَ والتشريدَ والاضطهاد. فما حكَ جلدك مثل ظفرك. والا فإن عليهم نسيانَ فلسطين والتوقف عن التغني بها وترداد شعارات الوطنية، ومن ثَمَّ قبولِ الامر الواقع، وشكر الشعوب العربية والاجنبية التي استقبلتهم وآوتهم وأعطتهم فرصة حياةٍ بديلةٍ كريمة، ومن أعانهم عرباً وغير عرب ولو بشق تمره.