انتخابات الإعادة للرئاسة التركية

29 مايو 2023
انتخابات الإعادة للرئاسة التركية

مروان العمد

تجري اليوم انتخابات الاعادة للرئاسة التركية ، بعد ان لم يحصل احد مرشحيها على نسبة الحسم . وهي خمسين في المائة من الناخبين زائد صوت واحد . وذلك بين المرشحين الرئيسيين ، وهما طيب رجب اردوغان مرشح تحالف الجمهور ، والذي يضم حزب العدالة والتنمية برئاسة اردوغان ، وحزب الحركة القومية اليميني برئاسة دولت بهشتلي . وحزب الرفاة الجديد بزعامة فاتح اربكان ابن ثعلب الاحزاب الاسلامية التركية فتح الله اربكان ، والتي تربى اردوغان في احضانها قبل ان ينفصل عنه ، ويشكل حزب العدالة والتنمية . وذلك في عام 2001 والذي سيطر على الحركة السياسية في تركيا منذ ذلك الوقت وحتى الآن .
ومرشح تحالف الامة والذي يضم حزب الشعب الجمهوري برئاسة كمال كيلجيتار اوغلو . والذي يمثل بقايا الاتاتوركية السياسية والدينية . وحزب الجديد اليميني والمنفصل عن الحزب القومي اثر تحالف هذا الحزب مع حزب اردوغان ، وتأمين الاغلبية اللازمة له للتحول نحو النظام الرئاسي عام ٢٠١٨ وبزعامة ميرال أكشنار . وحزب السعادة برئاسة تمل كرم داوود اوغلو وهو آخر الاحزاب التي شكلها نجم الدين اربكان . وحزب الديمقراطية والتقدم برئاسة علي بباجان المنشق عن حزب العدالة والتنمية . وحزب المستقبل برئاسة احمد داوود اوغلو ، والمنشق ايضاً عن حزب العدالة والتنمية . والحزب الديمقراطي برئاسة غول تكن اوصال .وقد حصل تحالف الجمهور بزعامة اردوغان على 49.52 % من الاصوات . فيما حصل تحالف الامة بزعامة كمال كليجيتار على 44.79 % من الاصوات . فيما حصل المرشح القومي المتعصب سنان اوغان والذي تزعم مجموعة من الاحزاب القومية المتعصبة المعادية للاكراد وللاجانب وخاصة السوريين منهم على5.17 % من الاصوات . وكان المرشح محرم انجه والذي كان قد مثل الحزب الجمهوري في الانتخابات الرآسية الماضية وحصل على حوالي ثلث الاصوات ، قد انسحب من الانتخابات قبل موعدها بيومين . وبهذه النتيجة فقد اعلنت اللجنة العليا للانتخابات ان اي من المرشحين لم يحصل على نسبة الحسم المطلوبة ، وقررت اعادة الانتخاب بين اعلاهما اصواتا بعد اسبوعين . ولقد قام المرشح سنان اوغان بالاعلان عن دعمه لاردوغان كونه يتهم الحزب الجمهوري بالتعامل مع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي فيما وقفت بعض احزاب ائتلافه ضد اردوغان .
وقد كانت نتائج الانتخابات السابقة بمثابة الصدمة للعالم . فهذه اول مرة لا يحصل فيها اردوغان على نسبة الحسم من الجولة الاولى . كما انها هذه المرة الاولى التي يحصل فيها مرشح الحزب الجمهوري على هذه النسبة المرتفعة من الاصوات ويفرض خوض انتخابات اعادة . بالرغم من ان المتوقع كان ان يفوز اردوغان من الجولة الاولى وبأغلبية مريحة .
اما بالنسبة للانتخابات التشريعية فقد حقق تحالف الجمهور نسبة نجاح عالية وحصل على 368 مقعداً من اصل 600 مقعد . فيما حصل التحالف المنافس له على 222 مقعداً . وهذا يشكل انتصاراً لاردوغان حال فوزه بانتخابات الاعادة . حيث يؤمن له ذلك السيطرة على رئاسة الجمهورية ، بالاضافة الى صلاحيات رئيس الوزراء ، ووزير الدفاع ووزارة الخارجية وعلى التعينات العليا في القضاء والجيش والاجهزة المدنية والعسكرية . وبمعنى آخر سوف يؤمن له حكم فردي مطلق . في حين ان نجاح منافسه وهو الامر المستبعد سيجعله يتعامل مع مجلس نواب وقيادات اخرى معادية له ، مما سيترتب عليه اصابة الدولة التركية بحالة من الشلل التي لا يمكن الخروج منها الا في انتخابات جديدة .
الا ان تمثيل حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب قد نقص الى 268 نائباً وهو عدد غير كاف لتشكيل حكومة من الحزب في مفرده حيث خسر هذا الحزب 55 مقعداً عن المجلس السابق . في حين زاد نفوذ وقوة حلفاء اردوغان وخاصة من الحزب القومي في المجلس ، مما سيجعل من هذا الحزب قوة مؤثرة في ادارة امور البلاد . علماً ان عدد اعضاء حزب العدالة والتنمية في البرلمان شهد العديد من الاخفاقات مؤخراً ، وخاصة بعد سعي اردوغان للتحول للنظام الرأسي ، والذي ما كان يمكن ان يتحقق دون دعم الحزب القومي اليميني . وهذا دليل على انخفاض شعبية الحزب ، وان الشعبية متركزة في شخصية اردوغان .
هذا وبعد ان تقرر اجراء انتخابات الاعادة يوم الاحد الموافق 28 من الشهر الجاري ، حتى خاض الطرفين معركة تنافسية كبيرة بهدف الحصول على العدد اللازم من الاصوات للنجاح في هذه الانتخابات . حيث اخد كليهما بتقديم الوعود والمزايا والمكاسب المالية للمواطنين وبطريقة خيالية تجعل من تحقيقها حالة مستحيلة وخاصة في ظل الازمة المالية التي تعيشها تركيا وارتفاع معدلات التضخم الى مستويات خيالية ، بالاضافة الى انهيار قيمة العملة التركية ، مما سوف يؤدي في الفترة القادمة الى تبدل امزجة الشعب التركي ورغباته وربما مواقفه السياسية ، مما يجعل تركيا على حافة مستقبل محفوف بالمشاكل لا قدر الله .
وانا وكما قلت في مقالي السابق عن المرحلة الاولى للانتخابات الرئاسية بأنني ان خيرت فسوف اختار اردوغان للنجاح ، ليس حبا به وبسياساته الخارجية واطماعه في اعادة مجد الدولة العثمانية ، وتحويل الشعوب التي كانت تخضع لسيطرتها لعمال سخرة وانكشارية تحارب حروبها . فأنني اكرر موقفي السابق بتمنياتي بفوز اردوغان بها ، لخوفي وخشيتي مما ستعمل بنا قوى المعارضة في حالة نجاحها ، والطريق الذي ستقود تركيا اليه في تحالفها مع الغرب ، والذي سيكون له تأثيراته السلبية علينا وعلى المنطقة .
مروان العمد
٢٨ / ٥ / ٢٠٢٣
نيويورك
ملاحظة
لقد تم كتابة هذه المقالة في الساعات الاولى من بداية الانتخابات ، ولم اتمكن من نشرها في حينه وقبل الاعلان الرسمي عن فوز الرئيس اردوغان بدورة رأسية جديدة بسبب ظروف سفري وانشغالي .