أهمية الزيارة الملكية الى واشنطن

20 يوليو 2021
أهمية الزيارة الملكية الى واشنطن

د.ياسين رواشده- دبلوماسي وخبير دولي

تكتسب زيارة العامل الاردني الى واشنطن اهمية متميزه ..ورغم الضبابية التي سادت العلاقات خلال عهد الرئيس ترامب والذي قلب كل المعايير و المعادلات التقليديه.

لكن العلاقات الاردنية – الامريكيه لم تتصدع .نظرا للارث والدور ” التاريخي” للاردن في خدمة السياسة الامريكيه والتي يقابلها دعم امريكي للاردن سياسيا واقتصاديا وامنيا.

ورغم ان تاريخ العلاقات منذ عهد ايزنهاور وحتى التسعينات شهد مد وجزر في كثير من الملفات والمواقف الا ان العلاقات حافظت على الحد الأدنى من التفاهم وتبادل المصالح.. وربما بإستثناء حادثتين او ثلاث فان العلاقات سادها مفهوم التحالف منه مفهوم الصديق” المطيع”.

ذلك ان بؤر التوتر حصلت اول مره في عهد الرئيس نيكسون وبعدها في عهد كارتر والازمه الاكبر حصلت في عهد بوش الاب..عندما رفض الاردن الانحراف في الحملة الدولية لتحرير الكويت بل ان الاردن ايد العراق بوضوح مما زاد من الفجوة في العلاقات .

لكن الملك الحسين وبسبب فتح الملف الفلسطيني والدور المنوط بالاردن في هذا الملف اعاد الجسور مع واشنطن مقدما” خدمات” للحلفاء القدامى الذين كانوا في عهد الرئيس كلنتون جادين واقتربوا من التوصل الى حل” وسط” بين الاسرائيليين والفلسطينيين والذي كان للاردن دور مهم في تقديم بعض الضمانات للجانب الفلسطيني في حال قبول خطة السلام المطروحة انذاك( عام1999) والتي كانت ستعني دولة فلسطينيه (بدون جيش..والاردن تعهد بان يقدم البديل).

كسب الحسين خلال تلك الفتره احتراما وتقديرا واسعا لدى البيت الابيض ولدى الكونغرس سواء بسواء.. مما ساهم لاحقا في التوصل الى اتفاق سلام وادي عربه الذي اعقب الاتفاق الفلسطيني الاسرائيلي السري( اتفاق اوسلو).

ومنذ ذلك الحين والعلاقات الاردنية الامريكية تتعزز نوعيا..وخصوصا ان حجم المعونات الاقتصاديه قد زادت كما زاد الاعتماد الامريكي على الاردن كركبزة استراتيجيه.

ودليل حميمة تلك العلاقات والتي ارتبطت باسم الحسين فإننا نذكر هنا باهتمام ان جنازة الحسين شهدت حضور الرئيس الامريكي بنفسه وبصحبته جميع الرؤساء السابقين الاحياء.

ان مجيء الملك عبدالله٢ كلن استمرارها للعلاقات الوطيده والتي ورثهاده باعلى مستوى..ومع تغيير الظروف الإقليمية والتوجه الامريكي للقيام بدور” الضابطه” الأمنية في وسط وغرب اسيا فقد ساهم الاردن او تحديدا أدى دورا مفيدا للحليف الامريكي..مما أعطى للاردن” تميزا” نوعيا فايدته واشنطن بمساعدات اقتصاديه مباشره وعبر الصناديق والبنوك الدولية التي لواشنطن النفوذ الكبير فيها.. الاردن الذي لم يحسن الاستفاده من تلك” الامتيازات” سواء بسوء،الادارة المالية او بتفشي الفساد..او بسبب نزوح اللاجئين والانفاق غير،المبرمج.لم يشعر،المواطن كثيرا اثار هذا الدعم.. .وعندما جاء،ترامب فانه لم يعطي للاردن الدور الذي كان سابقوه يعطوه للاردن..ولان طبيعة مدرسة ترامب السياسية في اعطاء الاولوية للمال والمال فقط..فان دور الاردن الذي لا يملك المال قد تراجع.. ولسوء الحظ كان هناك زعيم اخر في اسرائيل متوافق مع ترامب..

فوجدوا ” بدائل” في دول خليجيه هي اكثر فائده اقتصاديا وسياسيا .فبدل ان كانت واشنطن” تدفع ” للدول المضيفه لقاء وجود القوات الامريكية على اراضيها.. اصبح ترامب يبتز تلك الدول ويلزمها بان تدفع هي للبنتاغون بدل العكس. ترامب الذي همش الدور الاردني..اهمل تلك العلاقات ومارس سياسة” التلقين” بدل سياسة” الحوار”،والأخذ والعطاء”..

وجاء الديموقراطيون اخيرا – الاصدقاء التقليديين للاردن..فكان لابد من احياء وتنشيط العلاقات بين عمان واشنطن.. تلك العلاقات التي تحتاج الى اعادة صياغه..ضمن المستجدات الاقليميه وضمن” التوجهات” الاستراتيجيه الجديده لادارة بايدن.

مجرد ان حصل اللقاء بين العاهل الاردني و بين الرئيس بايدن فهو بحد ذاته انجاز ايجابي..لانه يعني ان واشنطن” تعود” لقواعدها” القديمه وتعيد انتاج وربما تفريخ قواعد جديده ..

الطريق طويل ويلزم ان تمر مياه كثيره تحت الجسور لنستطيع ان نقول ان العلاقات بين البلدين عادت الى سابق عهدها في عهد كلنتون ..وادارة بايدن المهتمه اضافة للملف العسكري،والامن الاقليمي مهتم أيضا بوجود اصلاحات سياسية..في الاردن والاقليم.. فان البيت الابيض يرغب من عمان ان يعيد تدبير منزله الداخلي ليس بإصلاح سياسية لكن بادارة مالية واستخدام افضل للمعونات والقروض الامريكيه.. والامر المهم والذي يجب هنا التاكيد عليه فان ادارة بايدن لم تطلب ولن تطلب من الاردن كيف سيعالج تلك المشكلات ولن يقدم صيغة ولا الية للتوصل الى الإصلاح المنشود.

واشنطن حريصة على استقرار الاردن وعلى نموه وعلى بقائه بعيدا عن النفوذ الايراني .لكن لا يريد اية هزات داخليه قد تؤذي الامن الاقليمي.

اما بشان الاصلاحات فان واشنطن تريد ان تراها ماثلة في الاردن لكنها ستترك للادارة الاردنية ان تقوم بمفردها” بواجبها” المنزلي..