عمان، ذاكرة الماضي واتساع الحاضر …!

18 يونيو 2021
عمان، ذاكرة الماضي واتساع الحاضر …!

 

د. عصام الغزاوي

قادتني تحويلات الباص السريع في طبربور الى طرق داخلية لم اعتاد المرور منها لأتفاجأ بوجود بعض “مقاثي” الفقوس والحروش والباميا والبندورة واليقطين والكوسا البلدية البعل، مساحات خضراء بين الابنية السكنية، في وسطها خربوش من الخيش وبعض فزّاعات متنوعة الشكل لطرد العصافير، وفي موقع آخر كانت تمتد حقول قمح ذهبية تعمل بها مناجل الحصادين وبجوارهم شلية غنم ترعى في مشهد سريالي رائع، وكأن المنطقة ترفض التخلي عن ذاتها الفلاحي واصولها البدوية، وان يجور الاسمنت على الخضرة والقمح والغذاء، وان تتخلى عن نهج الشهيد وصفي في المحافظة على الاراضي الزراعية والاعتماد على الذات، لم تمنع مظاهر العصرنة وانتشار البناء ارتباط نفر من اهلها بالارض والاستمرار بزراعة ما تبقى من اراضي خلاء، فهذه المناطق المحيطة بعمان القديمة مثل طبربور والشميساني والجبيهة والمدينة الرياضية وتلاع العلي وعبدون ودير غبار كانت حتى تسعينيات القرن الماضي اراضي خصبة تُزرع فيها الخضروات البعلية والحبوب، ومرابع لرعي الأغنام، رغم التوسع الحضري والغزو الاسمنتي على الاراضي الزراعية الخصبة لم تتخلى عمان عن تاريخها الريفي، ولم تطرح ثوبها العربي الأصيل الذي يفوح منه عبق ماضي لا يكاد يعرفه ابناء هذا الجيل، وشذى ذكريات خلت أحاول أن أستعيد بعضا من ملامحها عندما كنا نأكل مما نزرع وكان ذهبنا قمحنا الأردني !