هل يُريدون إصلاحاً حقاً؟

17 يونيو 2021
هل يُريدون إصلاحاً حقاً؟

المهندس سليمان عبيدات

هل يُريدون اصلاح حقا في الأردن، ان كان على الصعيدين الرسمي والشعبي؟
للاجابة على هذا السؤال يجب ان نناقش عدة محاور اشكالية، فالسؤال يُطرح بقوة على الساحة الاردنية في هذه المرحلة، مع توسع الحديث عن الاصلاح. وتطوع بعض من في السلطة لتشتيت البوصلة أو قيادة أي حوار.

تشكلت لجنة ملكية، وتوسع الجدل حول الجدوى من اعادة تكرار تشكيل لجان، ومن المؤهل لقيادة هذه المرحلة والمشاركة في صياغة مشروع وطني “اصلاحي سياسي اقتصادي اجتماعي” يرضى عنه المواطن ويخدم الوطن والمصلحة الوطنية العليا.

* هناك جمهور واسع لا يُؤمن بأن هناك ارادة حقيقة للاصلاح من قبل العديد من رموز السلطة كونه يتعارض مع مصالحهم وتوريث ابنائهم، ويجدون انفسهم خارجها اذا تم تجذير عملية اصلاح بشكل مؤسسي متين، قائم على أن الشعب مصدر السلطات.

* وهناك نُخب تسائل: هل الشعب يؤيد الإصلاح؟
شعب مغلوب على امره ماذا يُريد سوى الإصلاح الشامل والواسع، وليس افكار مُنتقاة تُطرح هنا وهناك، الهدف من طرحها ايجاد مقاومة لها، تُظهر وكأن الشعب لا يرغب بالاصلاح.
فمثلا، الانتقائية بقضايا الفساد، وترك القضايا الكبرى التي انهكت الوطن وبددت خيراته وانجازاته، ليشعر البعض انه مُستهدف، فيرفض هذه الانتقائية وهو لا يرفض الجدية في مكافحة الفساد، وتحويل كل القضايا للقضاء وترك القانون يأخذ مجراه في تطبيق العدالة واسترداد الاراضي والاموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين مهما علت مناصبهم.

* وهذا يتكرر ايضا عند اثارة مواضيع تُعتبر ثانوية وليست ذات أولوية امام قضايا كبرى يتم وعن عمد اهمالها وتجنب ذكرها.
فمثلاً، مَن الأهم، تعديلا دستوريا يمنح المرأة حق منح الجنسية لأبناءها رغم أهميه، أم منح السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية حقها في الاستقلالية وممارسة كامل صلاحياتها، كمنح مجلس الأمة سلطته الحقيقية في الرقابة والتشريع، وفي النهاية ستكون مُخرجاته، قوانين فاعله برقابته على تنفيذها، ومتوافقة مع الدستور، تحمي حقوق المواطنة دون تمييز، عند ذلك سنشهد أن قضايا المرأة والشباب وغيرها من القضايا الشائكة قد حُلت تلقائيا او ستُحل بسهولة.

* اما ما يُثار حول المناهج وأهمية تطويرها، فهناك رغبة شعبية لتحديث المناهج بما يواكب تطور دول العالم المُتحضر لتُلبي وتُرسخ مفهوم التميُز والابتكار لدى الشباب، لا أن يسود شعور بأن الطرف المكلف بالتحديث ان كان ليبرالياً ام محافظا يعمل على ترسيخ افكاره وقناعاته وما يخدم مصالح تياره على حساب قناعات الآخرين، لا بل يشعر الآخر بأنه مُستهدف ومرفوض ويُساء لمُعتقده.
الاصل ان يُحترم الجميع، وتقبُل أن الوطن للجميع، وتحديد قواعد وأسس اصلاح حقيقي لأساليب تعلم حضارية تخدم الجميع دون استثناء.

* اما عن العشائرية، فلو تم استفتاء العشائر الاردنية لإلغاء قانون العشائر، سنجد أن ابناء العشائر الاحرص على اللغاء هذا القانون والحرص على تطبيق القوانين المدنية، وإزالة فكرة المحاصصة والكوته من كل الاجراءات المُتبعة، ان كان في تشكيل الحكومات او المناصب العليا أو في التعيينات وتشكيل اللجان وغيرها.
وأبناء العشائر هم من يُطالبوا بعملية اصلاح حقيقية لمؤسسات الدولة وأجهزتها والاندماج الاجتماعي تحت مظلة المواطنة الحقة التي تشمل الجميع بالحقوق والواجبات، ودعم الدولة ومؤسساتها في تطبيق القوانين والانظمة منذ نشأتها.
اما التركيز على الدور السياسي للعشيرة مُجحف وليس عادلا، لا بل على العكس تماماً، فقد انخرط جزء كبير من أبناء العشائر في الأحزاب السياسية العقائدية بصفتهم الشخصية وبوصفهم أفراداً وليس لكونهم أبناء عشائر وهذا قبل عودة الحياة الديمقراطية والسماح لتشكيل للاحزاب في الأردن.

نتمنى أن تتحقق كل الاماني بالعودة الى الرُشد والحكمة، لتصحيح المسار والسعي لتطوير ونهضة البلاد ونصل الى المواطنة الصالحة لينعم بها الجميع.