الإصلاح التربوي أولا

13 يونيو 2021
الإصلاح التربوي أولا

الدكتور ذوقان عبيدات

هناك رأي عام يقول بأن التعليم مسؤول مباشرة عن تقدم المجتمع أو تخلفه! فالتعليم مثلًا هو من يوجه الناخب لاختيار المرشح المناسب، ولذلك هو أكثر أهمية من قانون الانتخاب نفسه، وكما قال داودية: نزاهة الانتخاب بمثل أهمية القانون. والتعليم مثلًا، هو من يوجه المواطن لبناء موقف سياسي، ولذلك هو أكثر أهمية من قانون الأحزاب!

 

والتعليم أيضًا، هو من يشكل شخصية المواطن وفكره، ويجعله قادرًا على نقد الخبر، وتحليل الإشاعة، وعدم الانسياق وراء حملة الأجندات الخفية، وبذلك هو أكثر أهمية من قانون الإعلام.

 

لن ابذل جهدًا للكشف عن أهمية التعليم، فهذا لزوم ما لا يلزم! فالجهد المطلوب هو تذكير المسؤولين عن أهمية التعليم – وفي الحياة السياسية – بالذات. ولعلكم تذكرون حين غاب الفكر النقدي، وحين تحالف الفكر الرسمي مع الفكر المحافظ الذي تمثله فئة معروفة، كيف تغيرت قيمنا: وأفكارنا وملابسنا وأشكالنا وطريقتنا في السلام والقدوم والذهاب، وكيف حددوا لنا الصواب والخطأ، وصرنا آلات تنفيذية تطبق تفسيراتهم لثقافتنا.

 

ومن تغيراتنا الخطيرة:

 

صرنا ننظر للحياة بمنظار الأسود والأبيض دون أن نعي أن اللون الأبيض هو عشرات الدرجات، وكذلك اللون الأسود.

صرنا نقبل كل خبر ومعلومة دون أن نفحصها، بل ننشرها ونوزعها قبل أن نكمل قراءتها! صرنا نهبًا للشائعات.

صرنا نرى أن التعليم هو حفظ حقائقهم، بينما يرى العالم أن التعليم الجيد هو تحليل هذه الحقائق ونقدها وربما التشكيك فيها.

صرنا نفكر بطريقة: مما لا شك فيه، وأجزم، بل وأجزم قاطعًا، وأؤكد لكم، ولم نعط أي مساحة لإمكان، الخطأ فتولدت لدينا عصمة حقائقهم وقدسية معلوماتهم.

صرنا نستخدم لغتهم ومصطلحاتهم في السلام ومنعوا كلمة صباح الخير، وبعثوا أسماء الملابس التي ارتداها بعض أجدادنا!

صرنا نلجأ لهويات فرعية، ونجاهر برفض الهوية الوطنية ونسوا الهوية:

أنا إنسان أردني، وما يجمعني مع المواطنين هو الهوية الوطنية الجامعة فقط، وباقي الهويات فرعية وقد تثير تصدعات.

 

صرنا نخشى حرية نقد أي فكرة، وصارت كلمة منطق وتفكير وحتى إبداع من البدع المرفوضة، صرنا، وصرنا، وأكثر من ذلك!!

فهل ما زلنا لا نرى أهمية الإصلاح التربوي؟

 

إذا كان الإصلاح السياسي والحزبي والانتخابي ضرورة مطوية بذاتها فالإصلاح التربوي ضرورة بذاته أولًا وللإصلاحات الأخرى ثانيا.

 

لعل أحد ما يفسر غياب الحديث عن إصلاح تربوي!!