الرأي..للبيت رب يحيمه

6 يونيو 2021
الرأي..للبيت رب يحيمه

بقلم : فلحة بريزات 

تحية إجلال وإكبارلمن رسموا مسيرتها بعيداَ عن المصالح الذاتية، فكانوا السدنة الأمينة لشرف المكان والتاريخ، منذ أن تكلمت في المهد حتى كساها شيب السنين، والدعوة بالرحمة المقرونة بالوفاء لأولئك الغائبين جسداً لا روحاً، فبقي إرثهم مدرسة لا تنضب.

ولتعذرني ( حسيبة النسب ) أن أغوص في سجل يومياتها قليلاـ بعد أن أقترِب من بوابة دخلها يوماً الشهيد (وصفي) وأساتذة عِظام لألقي التحية..فسلام عليك يا حرة لن تقفل أبوابها، مهما كانت رهانات القوم ودفاترداكاينهم؛ فللبيت رب يحيمه.

الجريدة التي أطلت على الأردن في الثاني من حزيران عام 1971،- حمل الشهيد وصفي التل المولودة الجديدة (الرأي) في وجدانه الوطني، وفق معطيات وطنية لا مجال لذكرها هنا – همس زهواً في “أذنيها ” ستكونين سيدة عظيمة يُطلب ودك ورضاك، فكان لها ما أراد الشهيد ردحاً من الزمن، قبل أن تخضع لتلقلبات السياسة وعقلية السيد، ورهانات الربح والخسارة.

لم يكن وصفي حالماَ فحسب، بل كان صارماَ في الرأي والموقف، رافضاً أن تُجمّل أحرفها السلطة بمساحيق بعيدة عن الحقيقة؛ حفاظا على ( رأي ) لا شية في لونها، ولا لغو في حروفها، ولا تأثيم في مواقفها العروبية.

اليوم، وفي عيدها الخمسين يحضر الرئيس بشر الخصاونة مهنئاً؛ فأحسنت أسرتها الرفادة، رغم ما أصابها من ظلم؛ جرّاء تآلف السياسات الخاطئة مع المصالح، وعبارات التسويف، فأوصلتها إلى نفق مظلم لن يطول بعزيمة المؤمنين بقدسية بذرتها، ومبررات تأسيسها، وأهمية استمراها.

لماذا جاء الرئيس ؟!

فرضيات جالت في أدمغة الجميع أولها؛ أن الضيف أراد مشاركة أسرة الصحفية فرحة العيد، وهذا جانب فيه جزءٌ من حقيقة مُرة؛ لأن الفرحة منقوصة، لا تتعدى الابتسامات اللطيفة الطائرة شمالا وجنوبا، وثانيها، أن
الرئيس أراد تسجيل هدفٍ يرفع به رصيد حكومة تهاوت وفقدت منطق وجودها.

يا دولة الرئيس الموقر:

خيبت الأمال، فالأنظار كانت ترقب مضموناً جديداً بعيداً عن جدولة أفكارلا يمكن تحويلها إلى نبوءة حقيقية تُفند من خلاله نظرية تسجيل الهدف، فلو حمل الحديث قرارات عملية لقلب الوضع الراهن لصحيفة تناضل بالقليل حتى تبقى كما أراد لها مؤسسوها.

وإذا ما استحضرنا خطابات الحكومات الرشيدة سنجدها ظلا لبعضها، فكل ما نسمعه من الرسمي ما زال يصب في بحرالالتفاف على المطالب المشروعة بكل أبعادها، والتي لم تكن الرأي يوما هي السبب الرئيسي فيها.

خلاصة القول، ستبقى الرأي مساحة وطنية محفوظة، ولن ينهض بها إلا الكبار من سوية وصفي وحابس اللذين آمنا كما أورد الأستاذ الكبير راكان المجالي – أطال الله عمره – في مقالة منشورة بعضاً من محطات رافقت ولادة الرأي و”أن تعزيز الهوية الأردنية هو تعزيز للهوية الفلسطينية وتعزيز الهويّتين محرّم …”

سينهض من بينكم “صحافي أو صحافية” وينفض غبار السنين العجاف، ويشعل في ممرات الرأي قناديل المهنة، سينهض مؤمناً بأن الصحافة القوية والإعلام المستقل الحر الركيزة الأهم لدولة تلج مئويتها الثانية بعناوين من عدالة ومساواة.،وكرامة.

ندرك أن الحروب تدار من غرف التحرير، وندرك أيضاً أن صحوة التنمية وتفعيل الرقابة وتعزيز أدوات المساءلة وتصويب الاختلالات تنطلق شرارتها من الغرفة ذاتها أيضاً.

كل عام والرأي بألف خير وأعان الله أسرتها على حمل رسالة الأردن والأردنيين.