كيف تعاملت الأطراف المختلفة مع نتائج الانتخابات النيابية 1989م: اعداد احمد زياد أبو غيمة*

27 مايو 2021
كيف تعاملت الأطراف المختلفة مع نتائج الانتخابات النيابية 1989م: اعداد احمد زياد أبو غيمة*

دراسة وثائقية:

 الدولة.. القوى السياسية.. الإعلام الأردني والعربي والدولي

تمهيد …

جاء مجلس نواب 1989 بعد الظرف الإقتصادي الصعب الذي خلفته حكومة زيد الرفاعي ( 1985-1989 )، التي شهدت هبوط قيمة الدينار الأردني بدرجة قياسية في العام 1988 ، وما نتج عن تلك الحكومة من إجراءات قمعية تعسفية بدأت باحداث جامعة اليرموك المؤسفة ( 1986 ) التي ذهب ضحيتها عدد من طلاب الجامعة- بعد ان اصدرت الحكومة اوامرها باقتحامها  لفض الاعتصام الطلابي الذي كان ينادي بحقوق الطلاب ومطالبهم الجامعية بعيداً عن أية مطالب سياسية- ، ثم جاءت أحداث نيسان 1989 في عهد حكومة الرفاعي نتيجة مطالب حياتية بحتة، طالب فيها بعض السائقين بإنصافهم من الحكومة التي رفعت أسعار المحروقات ولم تقم بتعديل اجور النقل، فلم تحسن الدولة التعامل مع هذه المطالب الحياتيةـ لتتوسع الاحتجاجات أكثر وأكثر. بدأت هبة نيسان بمطالب شعبية واقتصادية وانتهت بتحقيق انجازات سياسية تمثلت بإقالة حكومة الرفاعي وإجراء انتخابات نيابية شهد المراقبون بنزاهة إجراءاتها وعدم تدخل اجهزة الدولة في التلاعب بنتائجها كما جرت في انتخابات سابقة في تاريخ المملكة.

عند التقييم الموضوعي لما تلا عودة الحياة الديمقراطية في العام 1989، نجد أن الدولة تفاجئت بنتائج تلك الإنتخابات التي قلبت الطاولة على عقب لكل توقعات أجهزة الدولة وتحليلاتها التي لم تكن في احسن الاحوال تتوقع فوز اكثر من 12 مرشحاً من الحركة الإسلامية وعدد محدود من المعارضين العقائديين اليساريين والقوميين والشيوعيين.

لقد جاءت نتائج الانتخابات النيابية بفوز كبير للحركة الإسلامية بشكل خاص  وبقية أطياف المعارضة من اسلاميين مستقلين وقوميين ويساريين بمثابة الصدمة للدولة بكافة مكوناتها وأجهزتها الرسمية إضافة للدول الغربية التي تفاجأت بهذه النتائج أيضا.

أجواء الانتخابات والقوى السياسية التي شاركت في الانتخابات:

تولت وزارة الشريف زيد بن شاكر إجراء الانتخابات النيابية ، التي حرصت على توفير الحريات العامة وأتاحت المجال لذوي الاتجاهات الحزبية من المرشحين من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار كي يرفعوا شعاراتهم ويعرضوا برامجهم، دون رقابة او معارضة، وقد دل على ثقة الناس بنزاهة الحكومة أن 647 شخصاً رشحوا انفسهم وتنافسوا على 80 مقعداً، وعند إعلان النتائج يوم 10 تشرين الثاني 1989م، تبين فوز نواب من مختلف التوجهات والعقائد السياسية، بين مستقلين واخوان مسلمين ومنتسبي منظمات فلسطينية متشددة وشيوعيين واردنيين من أصل فلسطيني.

إن اجواء الحرية التي اتيحت للمواطنين – من مرشحين وناخبين – في أثناء فترة الدعاية الانتخابية أشعرت الناس بالممارسة الديمقراطية ، وجاء فوز من فاز من النواب يحمل الدليل الواضح على ان المجلس الجديد يمثل شرائح المجتمع ومذاهبه الفكرية لحد كبير، وعلى ان مسيرة الديمقراطية أصبحت حقيقة واقعة وملموسة.

نتائج الانتخابات:

كان من المفاجآت في انتخابات 1989م، الفوز الكبير الذي حققه الاخوان المسلمون الذي تقدموا ببرنامجهم الانتخابي تحت شعار ” الاسلام هو الحل ” حيث فاز مرشحوهم باثنان وعشرون مقعدا، عشرون من قائمتهم التي ضمت 26 مرشحا، واثنان من الاخوان خارج القائمة.

كما كانت الانتخابات النيابية تحمل دلالة اخرى، ألا وهي هزيمة اليسار الشيوعي الأردني، وخاصة بعد أن سقط رموزه في الانتخابات البرلمانية امام نجاح المد الإسلامي المتنامي.

كيف تعاملت الدولة مع نتائج الانتخابات:

على صعيد رأس الدولة:

في مؤتمر صحفي عالمي عقده الملك حسين عقب إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي جرت في 8/11/1989(ليلىديب، صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، 11/11/1989، العدد 4001 ، الغلاف الرئيسي)، اعلن عن ترحيبه بنتائجالانتخابات التي قال انها عبرّت عن تطلعات الشعب الأردني إلى احترام مبادئ النزاهة والشرف في ممارسة السلطة، وأضاف ” أن الشعار الذي يطرح بالعودة إلى الإسلام شعار غير سليم وإنما الأصح هو التقدم نحو الإسلام قائلا: كلنا مسلمون وانا مسلم هاشمي والأردن دولة اسلامية ”

وردا على سؤال تم توجيهه للمراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين محمد عبد الرحمن خليفة من مراسل مجلة المجتمع الكويتيه (21/11/1989، العدد 942 )، حول تصريح الملك حسين ( الواجب ليس الرجوع للإسلام، بل التقدم نحو الإسلام )، أجاب خليفة” هي إشارة لطيفة ، إلى انك يجب ان تتقدم إلى الإسلام، فالإسلام يعلو ولا يٌعلى عليه، فلا نرجع إلى الخف حتى نرجع إلى الإسلام، إنما لنتقدم نحن، بجهد وفكر وإخلاص إلى الإسلام”.

على صعيد الحكومة ورجال الدولة :

بعد استقالة وزارة الشريف زيد بن شاكر، جاءت وزارة مضر بدران لكي تعمل على تعميق الديمقراطية والحرية المسؤولة وفي إطار سيادة القانون، وقد تعهدت الحكومة بإعادة النظر في كافة القوانين الاستثنائية والقوانين التي تمس الحريات العامة، والعمل على إلغائها أو تعديلها بصورة تتناسب مع النهج الديمقراطي.

فازت الحكومة بثقة 65 نائبا من أصل 80 نائبا هم اعضاء البرلمان، وتوالت على الاثر اجراءات الحكومة التي تؤذن بان عهدا جديدا قد بدأ، فقد استهلت الحكومة اجراءاتها بالإفراج عن جميع المعتقلين لأسباب سياسية، وفي كانون الثاني 1990 أصدرت تعليمات بتسليم جوازات السفر المحجوزة لأسباب سياسية، وإيقاف الإستئناس برأي دائرة المخابراتالعامة عند التعيين في اجهزة الدولة الرسمية، وإعادة استخدام الموظفين المعزولين لأسباب سياسية، بحيث يغود كل واحد إلى عمله الذي كان يشغله قبل فصله.

وألغت الحكومة القرارات الإدارية بمنع سفر أي مواطن، او منع إصدار او تجديد جواز سفره، والغت قانون مقاومة الشيوعية، واستجابة لرغبة نواب الحركة الإسلامية طلب رئيس الوزراء من ديوان التشريع أن يعمل على التوفيق بين القوانين والأنظمة واحكام الشريعة الإسلامية، كما منعت الحكومة تقديم المشرويات الروحية في الطائرات على الخطوط العربية والإسلامية لمؤسسة الطيران الأردنية ( أبو غنيمة ، أحمد ، ملامح الحياة السياسية، ص 273-274 ).

وروى رئيس الوزراء السابق مضر بدران، في حديثه لصحيفة الغد الأردنية بتاريخ 19/2/2015،  الأجواء داخل رئاسة الحكومة عشية ظهور نتائج الانتخابات ” أمضينا أنا وزيد بن شاكر طول ليلة الانتخابات في مكتبه برئاسة الوزراء، وظلت تأتينا النتائج أولا بأول.
في الصباح أبلغنا بأن الراحل الحسين سيزور رئاسة الوزراء، وسيلتقي بنا هناك، كنا ما نزال على وضعنا، لم ننم ولم نغادر المكتب.
وسأل الحسين عن تقييم النتائج، وكان يجلس على الطاولة الأمير الحسن وزيد الرفاعي وزيد بن شاكر وأنا.
وبدأ الجميع ينتقد نتائج الانتخابات، ويقول كيف لنا، أن نواجه مجلسا أغلبيته معارضة، جاءت بالانتخاب، وقالوا: بأن المجلس “مش ابن عيشه”.
أنا بقيت صامتا، لكن أريد أن أنفجر، لدى سماعي لهذه الآراء، وإذ بالملك الحسين يريد أن أقدم رأيي في النتائج، وقلت بيني وبين نفسي: “جاء الفرج”، فلو بقيت صامتا لمت غيظا.
وبدأت أرد على كل ما جاء من تقييمات، ووجهت كلامي للحسين، وقلت: لقد كشفنا ما في “بطن الطنجرة”، وعَرفّنا شعبنا ما الذي يريده، لقد كانت اليافطات تغطي رؤوسنا في الشوارع وتحجب عنا نور الشمس، وكلها كانت تطالب بمكافحة الفساد، وهذا ما يريده شعبنا.
والمجلس وليد قرار ديمقراطي، ويجب أن يبقى، وهنا أنهى الحسين النقاش”، انتهى كلام بدران.

وقال النائب ذوقان الهنداوي ، احد النواب الفائزين عن محافظة اربد، في حديث صحفي مع مجلةالوطن العربي التي تصدر في باريس، بتاريخ 24/11/1989، العدد (141) ” سبق وقلت لكم أن التيار الإسلامي قد يكسب اكثر من غيره لانه منظم، ونظراً لوجود اعداد من المتدينين غير المسيسين بين المواطنين، هذا إضافة إلى اتصالهم الوثيق بالناس والخدمات التي يقدمونها لهم، ولكن فوز هذا التيار كان أكثر من المتوقع، ويمكن ان يصل هذا التكتل مع حلفائه إلى ما يقارب نصف عدد اعضاء البرلمان”، ” إن للإخوان المسلمين من التجربة الناضجة في التاريخ السياسي ما يجعلهم ياخذون وضع الأردن الحساس بعين الإعتبار في كل تصرفاتهم القادمة في المجلس النيابي، وفي اعتقادي ان سلوكهم  سيراعي مصلحة البلد العامةن واستمرار الاحتفاظ بالتوازن، وعدم الدخول في اية معادلات متطرفة”، وأضاف الهنداوي ” وفي اعتقادي، ان من حقهم، وقد كسبوا أغلبية لا بأس بها في المجلس النيابي، ان يشتركوا في الحكم بعدد يتناسب مع وزنهم في البرلمان”.

فيما قال النائب طاهر المصري وزير الخارجية السابق في حديث صحفي مع مجلة الوطن العربي التي تصدر في باريس، بتاريخ 24/11/1989، العدد (141): ” نتائج الانتخابات قررها الشعب الأردني، ومهما كانت صفتها فهي تمثل رأي الناخبين، وعلينا ان نقبلها، ولم أكن أتوقع فوز التيار الاسلامي بهذه الاكثرية، لكن كنا نعرف بوجود ثقل كاف لهم، وسبب هذا الفوز هو التنظيم العالي جداً، وإحجام نسبة عالية من المواطنين من ممارسة حق الإنتخاب”، وأضاف المصري ” في غياب تصويت الشريحة الكبيرة من المجتمع، قد لا تكون تلك هي الصفة النهائية لوجه الأردن الجديد”.

 

كيف تعامل الإعلام مع نتائج الانتخابات:

الصحافة الاردنية:

صحيفة صوت الشعب عنونت صفحتها الرئيسية بتاريخ 10/11/1989 ( العدد 2412 ): “مفاجآت عديدة في انتخابات حرة ونزيهة… الحركة الاسلامية تفوز بنصيب الأسد، لم تنجح أي مرشحة في الوصول إلى البرلمان”.

اما الكُتّاب، فقد تناول بعضهم في الصحف اليومية نتائج الانتخابات، حيث كتب طارق مصاروة في صحيفة الراي بتاريخ 11/11/1989 ( العدد 7053 )، مقالا بعنوان ” جبهة اردنية عريضة في مواجهة التحدي”،جاء في بعض فقراته ” لا تهمنا التفسيرات المعادية للصحافة الاوروبية وخاصة إذاعة لندن، فالإسلاميون هم أردنيون، والشيوعيون والمستقلون اليساريون هم أردنيون، نجحوا بانتخابات حرة في ظل الدستور الأردني … المرحلة تفترض جبهة عريضة تضم كل الأردنيين ، كل أفكارهم وآرائهم ومعتقداتهم ، وهذه الجبهة العريضة يحكمها الدستور، وتحكمها التقاليد الديمقراطية، وإذا كان الإخوان المسلمون قد فازوا بمقاعد لم تكن الصحافة الأجنبية تتوقعها، فالإخوان كانوا على مدى الثلاثين عاماً ونيف تجمعا سياسيا مرخصا وحيداً ومن طبيعة الامور ان تفوز الحركة المنظمة في انتخابات قائمة على الترشيح الفردي، حتى لو كان شبه منظم في ظروف العمل السياسي غير المرخص، لكن الإخوان المسلمين في كل الاحوال هم أردنيون نجحوا باصوات الأردنيين” .

أما د. فهد الفانك فقد كتب مقالا ، في صحيفة الرأي بعنوان ” الانتخابات النيابية وحصة الاخوان المسلمين ” ، بتاريخ 12/11/1989 ( العدد 7054 )، جاء في بعض فقراته ” حقق الإخوان المسلمون فوزا كبيرا في الانتخابات الأردنية، ومن أصل 26 مرشحاً تمكنوا من وضع عشرين نائباً في المجلس يشكلون 25 % من المقاعد النيابية، وهي تقريبا نفس النسبة التي حصلوا عليها من أصوات المقترعين …. لكن تحليل الأرقام يكشف عن أنهم لم يحصلوا على تفويض كاسح من الشعب الأردني كما يبدو للوهلة الاولى، نجاحهم يكمن في عاملين: أولهما أنهم منظمون يواجهون أفراداً وشراذم صغيرة، وثانيهما أن نسبة كبيرة من الأغلبية الصامتة لم تشارك في الانتخابات”.

وكتب الاستاذ عبد الرحيم عمر مقالا في صحيفة الرأي الأردنية، بعنوان ” قضايانا وانتخاباتهم”، جاء في بعض فقراته ” تعقيد المشكلة فهو ناجم من أن هؤلاء الذين يؤمنون بتسييس الدين، يضعون ايمانهم بتسييس الدين على نفس الدرجة من القداسة التي يضعون عليها ايمانهم بالدين نفسه، وواضح كم في الامر من خلط، وكم من فرق بين الإيمانين وأكثر من ذلك، فإن أصحاب مدرسة تسييس الدين يؤمنون بحقهم في ان يفكروا وفق قناعتهم لكنهم في الوقت نفسه يحرمون هذه القناعة على الآخرين ومع ذلك ارتفعت لهم شعارات عن التعددية خلال المعركة الانتخابية”، وأضاف عمر ” وليس الدخول في مهاترات هو المهم، وإنما المهم هو الإجابة على هذا السؤال وهو: هل هؤلاء الاخوة ممن يسمون ” بالإخوان المسلمين ” هم على استعداد للتعاون مع الجميع من اجل حل مشاكل هذه البلد المُلحّة أم أنهم مصرون على وقف أي توجه من هذا النوع والإنصراف لتطبيق برنامجهم الذي جاءوا يحملونه، وبالتالي نقع في دوامة الخلافات والصراعات التي رأينا نتائجها في كثير من البلدان التي ابتليت بها”.

وفي مقال للأستاذ حيدر محمود في صحيفة الرأي الأردنية بتاريخ 12/11/1989، بعنوان ” عنده دين ” ، جاء في بعض فقراته ” وإذا كانت النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات، قد فاجأت الكثيرين، فإنها لم تفاجأ العارفين بمزاج هذا الشعب،المدركين لطبيعته، وفطرنه التي جُبل عليها، فهو شعب عربي مسلم، وهو بحكم تركيبته البدوي، في منتهى الحساسية، تجاه قيمه وتقاليده التي تجعله يصف كل صاحب خُلق، وكل صادق، ونظيف ، وشجاع في قول الحق ومواجهة الباطل، يصفه بانه إنسان ” عنده دين “. ويرفض من هذا المنطلق كل من يثبت لديه أنه ” بلا دين ” بمعنى انه بلا خُلق وغير صادق ولا نظيف ومتردد في قول الحق ومحاربة الباطل، وذلك كله يعني أن هذا الشعب، الذي جرب الكثيرين ولم ينجحوا في التجربة ( حتى لا نقول عنهم شيء أخرا ) اصيب بما يمكن ان نسميه ” خيبة امل “، ويريد أن يعود من رحلته في صحراء الاستهلاك التي اتعبته، يريد أن يعود إلى فطرته، وقناعته المخلوقة معه، ليختار كل من ” عنده دين”، ليلقي على كاهله همه.. ويستريح “.

 

الإعلام العربي والغربي:

الشرق الأوسط اللندنية بتاريخ 10/11/ 1989م، كتبت تحليلاً تحت عنوان : (31 مقعدا حصل عليها الأصوليون.. مفاجآت انتخابات الأردن قلبت معظم التوقعات )

وكتبت الصحيفة تحت هذا العنوان ” قلبت مفاجآت نتائج الانتخابات النيابية الأردنية التي اعلنت أمس، الموائد على رؤوس الكثير من التوقعات سواء التي سبقت إعلان النتائج أو تلك التي رافقت الحملة الإنتخابية في اسبوعها الاخير، وأبرز التوقعات التي اكتسحتها مفاجآت النتائج هي الخاصة بعدد المقاعد التي سيحصل عليها المرشحون الأصوليون ومدى النجاح الذي سيحققه المرشحون الليبراليون والقوميون ورجال الاعمال”. وأبرزت الصحيفة ” مؤشرات تلك الانتخابات من خلال النقاط التالية:

أولا: حصل المرشحون الأصوليون على 31 مقعداً من مجموع مقاعد المجلس النيابي ( 80 مقعدا).

ثانيا: لم تحقق أي مرشحة النجاح، وسجل في هذا الخصوص فشل المرشحة توجان فيصل التي أثارت ضجة حول آرائها في قضية حقوق المرأة وقد خسرت أمام المرشح الأصولي داوود قوجق.

ثالثا: سقط أكثر من مرشح ينتمي إلى فئة كبار رجال الاعمال وبين هؤلاء: علي أبو الراغب وحمدي الطباع وهاني أبو حجلة.

رابعا: سجل سقوط مرشحي التيار القومي العربي: مازن الساكت، وأحمد العسس ووليد عبد الهادي وفهد الريماوي.

خامسا: سقوط ثلاثة من أربعة مرشحين من الصحافيين المعروفين، وهؤلاء هم : محمود الكايد، وفهد الريماوي، وجورج حداد، أما المرشح الذي نجح بدعم من الإسلاميين فهو فخري قعوار الكاتب في صحيفة الرأي.

سادسا: سجل سقوط عدد من المرشحين الذين شغلوا في السابق مناصب وزارية أو نيابية مرموقة، ومن هؤلاء عاكف الفايز، وزيد حمزة وحمود الحوامدة وشفيق الزوايدة وحسن المومني.

سابعا: في الدائرة الثالثة، التي كانت موضع اهتمام المراقبين، التي كانت موضع اهتمام المراقبين باعتبارها الدائرة التي ضمت مجموعة من المرشحين الأقوياء، كان الفارق في عدد الأصوات بين الفائز الاول وبقية الفائزين لافتا للنظر، فقد حقق السيد ليث شبيلات (اصولي مستقل) ونقيب المهندسين 14 ألف و 740 صوتا مقابل 7 الآف و 801 صوتا حققها الفائز الثاني السيد فارس النابلسي ( تيار ليبرالي). انتهى النقل عن التقرير

فيما كتبت صحيفة الانباء الكويتية بتاريخ 10/11/1989 ( العدد4982 ): “غياب نسائي وإجماع على نتائج الإنتخابات… عمان: ثلث البرلمان للإخوان المسلمين… نجاح وزاري محدود .. والمفاجأة .. سقوط الفايز “.

 

وكتبت صحيفة القدس العربيبتاريخ 10/11/1989 : ” ثلاثون مقعدا للإسلامييين وعدم نجاح أية إمرأة.. الأخوان المسلمون يكتسحون الإنتخابات وفشل غير متوقع لقوى اليسار الأردني”.

أما الصحافة الأجنبية، فقد نقلت صحيفة القبس الكويتية بتاريخ 12/11/1989 (العدد 6290 ) ، ترجمة لمقال في صحيفة الفاينانشال تايمز بقلم توني ووكر تحليلا بعنوان ( المتشددون يهيمنون على البرلمان الاردني الجديد )، جاء في بعض فقراته ” هيمن المسلمون المتشددون على اول انتخابات برلمانية اردنية تجري منذ عام 1967، حيث فازوا بما يقرب من 30 مقعدا في مجلس النواب الذي يتألف من 80 عضوا”. ” وبرز مرشحو الاخوان المسلمين الذين نادوا بالجهاد لتحرير فلسطين، كاكبر تكتل منفرد في البرلمان”،” وذكرت السيدة ليلى شرف وزيرة الإعلام الأردنية السابقة انها فوجئت بمدى الدعم الانتخابي للمتشددين، ولاحظت أن الامر لن يكون نزهة بالنسبة لأية حكومة في تعاملها مع البرلمان الجديد”.

وعنونت صحيفة وال ستريت جورنال (Wall street journal ) تقريرا لكاتبه روبرت ساتلوف (  Robert  Satloff ) بتاريخ 16/11/1989، بعنوان ” لماذا فاز الاشخاص الخطأ في الأردن ” (Why the wrong guys won in Jordan ).

فيما عنونت صحيفة شيكاغو  تربيون(Chicago Tribune ) تقريرا لكاتبه ستيفن فرانكلين ( Stephen Franklin ) بتاريخ 10/11/1989، بعنوان ” الأصوليون يفوزون في الأردن … المرشحون الاسلاميون يتفوقون في اول انتخابات منذ 22 عاما” (Fundamentalists win in Jordan .. Islamic candidates soar in nation’s 1st vote in 22 years  ).

ورصد تقرير صادر عن ( مركز الدراسات المعاصرة ) في نوفمبر 1989 بعنوان ( الانتخابات الاردنية في الصحافة البريطانية )؛ التقارير الصحفية التي صدرت في فترة الانتخابات وما قبلها وما بعد إجرائها، اورد بعضا منها على النحو التالي:

مرحلة ما قبل الانتخابات:

في تقرير لتشارلز ريتشاردز مراسل صحيفة الاندبننت في عمان نشره بتاريخ 6/11/1989 تحت عنوان ” الانتخابات توقظ الغرائز السياسية الكامنة في الأردن ” ، وذكر فيه ” وسوف تكون الانتخابات – على اقل تقدير – أفضل استفتاء يختبر قوة الاتجاه الاسلامي في الأردن”.

” نقلت صحيفة التايمز في 6/11/1989 من كريستوفر ووكر في عمانن هجوم الأمير الحسن على الاسلاميين واتهامهم بانهم يسعون لتحويل الأردن إلى دولة دينية شبيهة بإيران، وأنهم استلموا اموال من الخارج بدعم حملتهم خاصة من سوريا وإيران… كما لاحظ المراسل ان الاخوان أظهروا كفاءة ومقدرة تنظيمية عالية تفوق بكثير قدرات اليسار”.

” جاء في التايمز ان أفضل حملة انتخابية كانت حملة الإخوان المسلمين وحلفائهم، وأنهم قد يعوقون برنامج الإصلاح إذا فازوا وأنه من المحتمل ان يفوزوا بربع مقاعد المجلس”.

وفي 7/11/1989 كتب ايان بلاك مراسل الغارديان تحت عنوان ” الانتخابات تقود الاردن نحو مصير مجهول”، مؤكدا سرور الملك لازدهار الديمقراطية وثقته بالنتائج وان النقطة الوحيدة التي تثير قلقه هي احتمال فوز الاخوان المسلمين بالعشرين مقعدا التي يسعون إليها.

 

فترة ظهور النتائج وما بعدها:

قالت صحيفة انترناشيونال هيرالد تربيون في 10/11/1989 في تقرير من الاسوشيتيد برس أن ” الاصوليون يكسبون 26 مقعدا من اصل 80 في الانتخابات الاردنية”، كما سجل التقرير خسارة توجان فيصل بنسبة 4-1 مقابل مرشح الاخوان، واهتم بفوز منصور مراد لكونه قد سبق الحكم عليه في اليونان لمشاركته في هجوم بالقنابل على مكتب العال في أثينا، ونقل قول زياد أبو غنيمة الناطق الرسمي باسم الاخوان المرشحين ” الشعب يريد الإسلام، وليس من الغريب على وطننا وشعبنا أن يفوز عدد كبير من المرشحين الإسلاميين” .

وحاولت صحيفة الغارديان في 10/1/1989، الايحاء بوجود سخط عام على فوز الاسلاميين، فقالت تحت عنوان ” نجاح المتشددين الاسلاميين في الأردن “، أن الكسب المدهش للإسلاميين الاسلاميين قد أفسد الشعور بالفخر باكثر الانتخابات حرية في الوطن العربي. ). انتهى ما ورد في التقرير

 

كيف تعاملت الحركة الاسلامية مع نتائج الانتخابات.

أشار الاستاذ زياد أبو غنيمة الناطق الرسمي باسم مرشحي الاخوان المسلمين في انتخابات 1989م في حديثه لمجلة المجتمع الكويتيه في عددها الصادر بتاريخ 21/11/1989 ( العدد 942 ) أن ” نواب الاخوان في البرلمان سينتهجون سياسة الإنفتاح على الجميع، دون تمييز سواء كانوا اسلاميين او غير اسلاميين، وسيتعاونون على إنجاح مسيرة المجلس، وسيعملون على إبطال أي قرار يعود على الأردن والشعب الأردني بالضرر “.

فيما اكد المراقب العام للإخوان المسلمين في ذلك الوقت الاستاذ محمد عبد الرحمن خليفة في حديثة لمجلة المجتمع الكويتية  في عددها الصادر بتاريخ 21/11/1989 ( العدد 942 ) ” أن نتائج الانتخابات اذا كانت مفاجئة عند الذين لا يعرفون حقا استجابة الشعب في الاردن إلى الإسلام، بعد أن جربوا التيارات المعادية الكثيرة، ورؤوا المصائب التي انصبت على هذا الوطن، فإنها بالنسبة لنا لم تكن كذلك” ، وقال أيضا ” إن جميع النواب من مواطنينا المسيحيين، الذين انضموا معنا في مناطق فيها نائب أو اكثر من المسيحيين، إضافة إلى عدد من النواب المسلمين، هؤلاء بالذات لمسوا مقدار الامانة والصدق في التعامل معهم، ولم يكن هناك ورقة انتخابية إلا وللذين تعاملنا معهم لهم فيها صوت، وكانت النتيجة انهم نجحوا بتفوق، ونحن ننظر إلى المسيحي على أنه مواطن له ما لنا وعليه ما علينا، ولا يمكن ان نعاديه وهو مواطن معنا” .

وفي تحليل للانتخابات النيابية في الأردن عام 1989، اوردت مجلة المجتمع الكويتية في عددها الصادر بتاريخ 21/1/1989 ( العدد 942 )، ان المراقبون الاجانب الذين تابعوا الانتخابات ميدانياً كانوا ينظرون بذهول الى النتائج التي يحققها المرشحون الاسلاميون، ليس بسبب نجاحهم فحسب، بل بسبب نسبة الأصوات المرتفعة التي يحصلون عليها قياسا على بقية المرشحين، وهو امر له دلالاته البليغة” ، ” ففي محافظة الزرقاء مثلا حصل مرشحا الحركة الإسلامية على نسبة 51 % من الأصوات ، بينما توزع خمسون مرشحاً آخرين على نسبة 49% من مجموع الأصوات، وفي محافظة اربد حصل مرشحوا الحركة الأربعة على نسبة 87 % من أصوات الناخبين، فيما توزعت نسبة 13 % على خمسة وستين مرشحاً آخرين”.” ودعمت الحركة بعض المرشحين المسيحيين الذين خصصت لهم مقاعد بحكم القانون، وقد عرف هؤلاء بالإعتدال وعدم التعصب، ويذكر ان الصحفي فخري قعوار الذي ترشح في الدائرة الثالثة في العاصمة، قد تمكن من إسقاط الامين العام للحزب الشيوعي من المنافسة على المقعد المسيحي المخصص لهذه الدائرة بفضل الدعم الذي لقيه من الحركة الإسلامية”.

وقال النائب الاخواني د. علي الحوامدة في حديث صحفي مع مجلة الوطن العربي التي تصدر في باريس، بتاريخ 24/11/1989، العدد 141، أنه ” قال للوطن العربي قبل الانتخابات بعشرة أيام تقريبا، أنني اتوقع نجاح ما بين 25-30  مرشحا من الكتلة الإسلامية” ، وردا  على سؤال حول وجود بداية ازمة دستورية حول ما يشاع عن رفض الإسلاميين أداء القسم القانوني الذي نص عليه القانون، قال الحوامدة ” الحركة الاسلامية اجتمعت، وقررت بإجماع النواب ان تقسم اليمين الدستوري كما ورد، هذه إشاعات مغرضة ومسمومة، مثل الشائعات التي تقول اننا سنقفل الخمارات واننا سنُلبس النساء الطرحات، واننا سنُلبس الناس النظارات، هل نحن جئنا من غابة ؟ نحن اناس حضاريون ونقدر مسؤوليتنا تجاه بلدنا وحكمنا ونظامنا، ما هذه الحملة المسعورة”.

 

* احمد زياد أبو غنيمة:

بكالوريوس صيدلة 1993، جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية.

بكالوريوس تاريخ 2020، الجامعة الاردنية.

طالب دراسات عليا2021، قسم العلوم السياسية ، الجامعة الأردنية