#عاجل لماذا لا يطرد الأردن السفير الإسرائيلي من عمان

23 مايو 2021
#عاجل لماذا لا يطرد الأردن السفير الإسرائيلي من عمان

وطنا اليوم:رغم إجماع الأردنيين خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، حول مطلب طرد سفير الاحتلال من عمّان، وإلغاء اتفاقيتي وادي عربة والغاز؛ إلا أن حكومة بشر الخصاونة امتنعت عن اتخاذ هذا القرار، الأمر الذي أثار تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء الموقف الحكومي غير المنسجم مع الإرادة الشعبية.
وكان مجلس النواب الأردني قد أعلن، الاثنين الماضي، أنه أرسل إلى الحكومة مذكرة موقعة من قبل جميع أعضائه الـ130، تطالب بطرد السفير الإسرائيلي، واستدعاء سفير المملكة من “تل أبيب”، ردا على العدوان الإسرائيلي على فلسطين.
وعلّق رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة على هذه الخطوة، قائلا إن “الحكومة ستدرس هذه المذكرة، إضافة إلى خيارات أخرى، للرد على العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني”.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 10 مايو/ أيار الجاري، شهد الأردن الذي يرتبط بمعاهدة سلام مع “إسرائيل” تظاهرات حاشدة؛ تضامنا مع الفلسطينيين، طالبت الحكومة باتخاذ مواقف حازمة تجاه “العدو الصهيوني”، في مقدمتها طرد سفير “تل أبيب”، وإلغاء اتفاقية وادي عربة الموقعة بين البلدين عام 1994، واتفاقية الغاز الموقعة في 2016.

إجماع شعبي ونكوص حكومي

واستهجن عضو البرلمان الأردني محمد أبو صعيليك عدم استجابة الحكومة لمطلب نواب الشعب بطرد السفير الإسرائيلي، قائلا: “يبدو أن القرار ليس بيدها”.
وأضاف أن “طرد السفير الصهيوني ليس مطلبا حزبيا ولا فئويا، وإنما هو مطلب كل الأردنيين من جميع المنابت والأصول والتوجهات”، مؤكدا أن امتناع الحكومة عن طرده “مخيب للآمال”.
ورأى أبو صعيليك أن مجلس النواب يملك أدوات قانونية ودستورية للضغط على الحكومة كي تمضي في قرار طرد السفير، مضيفا: “إذا كانت المذكرة التي قدمها النواب لطرد السفير غير ملزمة للحكومة من الناحية القانونية، فطرح الثقة بالحكومة ملزم، وكان بإمكان النواب أن يلوحوا بهذا الخيار للضغط عليها كي تستجيب لمطلبهم”.
وأوضح أن طرد السفير الصهيوني “مطلب شكلي لا قيمة له”، مؤكدا أن المطلوب هو “نزع الشجرة الفاسدة المسماة اتفاقية وادي عربة؛ كي نحرر أنفسنا من أي ارتباط مع العدو الصهيوني”.
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية البروفيسور أحمد سعيد نوفل، إنه “لا يوجد أي مبرر لعدم طرد الحكومة الأردنية السفير الإسرائيلي واستدعاء سفيرنا لدى الكيان الصهيوني”.
وأضاف أن طرد سفير الاحتلال مطلب وطني وشعبي، تتفق عليه جميع فئات المجتمع، لافتا إلى أن هذه فرصة حقيقية وملائمة للحكومة لتتخذ هذا القرار؛ بحجة أنه ينسجم مع الإرادة الشعبية والديمقراطية التي تتغنى بها الدول الغربية وتطالب بتطبيقها في الشرق الأوسط.
وأوضح أن العلاقات الأردنية مع الكيان الصهيوني متوترة، ليس فقط بسبب العدوان الأخير على القدس وغزة، “فحكومات الاحتلال المتعاقبة تتحدى الأردن بشكل مباشر منذ سنوات طويلة، وتحرج حكومته”، مذكِّرا بمحاولة “إسرائيل” اغتيال القيادي في حركة حماس خالد مشعل في عمان، بعد سنوات قليلة من توقيع اتفاقية وادي عربة مع الأردن.
وأكد نوفل أن “هذا العدو لا يتصرف إلا بناء على مصالحه الخاصة، وهو كيان عنصري يسيء للأردن وغيره من الدول العربية”، مضيفا أن على الحكومة الأردنية ألا تكتفي بمقابلة هذه الإساءة بإصدار بيانات الاستنكار، وأن تقدم على أفعال تنسجم مع إرادة الشعب الأردني وممثليه في مجلس النواب.
أما المحلل السياسي وليد حسني، فقال إن أهم أسباب عدم استجابة الدولة الأردنية للمطالب النيابية والشعبية بطرد السفير الإسرائيلي من عمان هو إيمانها بأن استمرار وجود السفير يساعد الأردن في تقديم الدعم السياسي واللوجستي للفلسطينيين في مواجهة الاحتلال.
وأضاف أن الأردن يعتبر اتفاقية وادي عربة مصلحة استراتيجية عليا لا يمكن له المساس بها أو التنصل منها، وهو ما أكدته الدولة الأردنية مبكرا حين وقعت على تلك الاتفاقية قبل 27 عاما، حيث اعتبرت آنذاك أنها منحت الأردن حماية إضافية من الأطماع الإسرائيلية.
وحول مذكرة مجلس النواب، قال حسني إن توصيات مجلس النواب وقراراته غير ملزمة للحكومة، لافتا إلى أن النواب بمجملهم لم يكن لديهم أي خيارات أمام الموقف الشعبي العارم والداعم للمقاومة الفلسطينية سوى التوقيع على مذكرة طرد السفير، رغم إدراكهم أن هذه التوصية ليست ملزمة قانونيا للحكومة.

“قنبلة” إعلامية

وكان رئيس الوزراء الأردني الأسبق، طاهر المصري، قد قال في تصريحات إعلامية، الأربعاء، إن طرد الأردن للسفير الإسرائيلي لا يشكل عبئا كبيرا عليه، مؤكدا أن اتفاقية وادي عربة لم تحقق شيئا للأردن والعرب.
وكانت تصريحات المصري بمثابة “قنبلة إعلامية” حركت المياه الراكدة في الصالونات الدبلوماسية بالأردن، وخصوصا أنها صادرة عن شخصية سياسية وازنة، سبق لها أن ترأست السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأيد النائب محمد أبو صعيليك ما قاله المصري؛ “لأن الأردن فعليا لم يستفد شيئا من وجود السفير الصهيوني في البلاد، كما أنه لم يستفد من اتفاقيتي الغاز ووادي عربة”.
وقال إن “الدولة الصهيونية لم تقدم على حل أيّ من القضايا التي كانت عالقة بينها وبين الأردن، وضربت بعرض الحائط كل الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين”.
وأكد أن الأردن يحتاج إلى تقوية جبهته الداخلية على طريقة مختلفة “ترتكز على حتمية المواجهة مع العدو الصهيوني”، بحيث تحضر القضية الفلسطينية مجددا في إعلامه ومناهجه الدراسية ومؤسساتها الحكومية والشعبية.
من جانبه، رأى البروفيسور أحمد سعيد نوفل أن ما قاله المصري ليس رأيه وحده، وإنما يمثل إجماعا للشعب الأردني، لافتا إلى أن الحكومة وإنْ كانت غير ملزمة قانونيا بالاستجابة لمذكرة النواب المطالبة بطرد السفير، إلا أن النظام الديمقراطي يقرر بأنه لا داعي لبقاء حكومة لا تقوم بتنفيذ رغبة إجماع السلطة التشريعية.
وأوضح أن الإرادة السياسية غير مرتبطة بسلطة واحدة، “وحينما يكون هناك إجماع على قرار معين، فإن واجب السلطة التنفيذية هو إنفاذ هذا القرار”، مشيرا إلى أن إحجام الحكومة عن تنفيذ إرادة الشعب يؤثر سلبا على الاستقرار السياسي في البلاد.
وحول القول بأن بقاء السفير الإسرائيلي في عمان يحافظ على وجود قنوات اتصال بين الأردن و”إسرائيل” تتيح للأول الضغط باتجاه تخفيف العدوان على الشعب الفلسطيني، بيّن نوفل أن هذا الكلام لا قيمة له، “فهل خفف ذلك شيئا من العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة والقدس التي هي تحت الرعاية الأردنية؟ الجواب: لا”.
أما المحلل السياسي وليد حسني، فقال إن طرد السفير الإسرائيلي ربما يشكل أزمة من نوع ما على الصعيد الدبلوماسي، “ولكنها تبقى أزمة ناعمة، حيث إنه يمكن لاحقا استعادة السفير”، مشيرا إلى أن “هذا إجراء طبيعي تقوم به الدول ضمن السيادات والقانون الدولي”.
وأيد حسني القول بأن اتفاقية وادي عربة لم ولن تحقق شيئا للأردن وللدول العربية، مستدركا بالقول إن قناعات الدول وحساباتها تبقى مختلفة عن حسابات المراقبين والشارع، ولذلك فإن الدولة الأردنية تعتقد بأن هذه الاتفاقية تقدم لها شيئا ينسجم مع مصالحها، رغم أن العكس هو الصواب.