سد النهضة يثير أزمة بين إثيوبيا ومصر والسودان
سد النهضة يثير أزمة بين إثيوبيا ومصر والسودان

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بإمكانية أن تلجأ مصر إلى ضربة عسكرية ضد سد النهضة الإثيوبي، تساؤلات حول ما إذا كان ذلك خيارا مطروحا لدى القاهرة، فيما يرى خبراء مصريون أن الولايات المتحدة تستطيع أن تحل الأزمة بدون نشوب حرب.

وانتقد ترامب الجمعة إثيوبيا التي بنت سدا ضخما قد تعمد مصر “إلى تفجيره” بحسب قوله، لكن القاهرة نفسها لم تعلق على تصريحات ترامب.

ويقول مدير مركز البحوث الإفريقية بجامعة القاهرة، أيمن شبانة لـ”موقع الحرة” إن “عدم الرد المصري مقصود، بأن البلاد حريصة على تسوية تفاوضية، ولو كانت حريصة على ضربة عسكرية كانت قد نفذت ذلك بالفعل من البداية”.

وبينما يرى العميد سمير غريب، الخبير الاستراتيجي، أن تصريحات ترامب لم تعط لمصر الضوء الأخضر، إنما أعطت “الضوء الأصفر” فقط للتحرك عسكريا، وهو نابع من رؤية أميركية مؤمنة بعدالة الموقف المصري وحقه في مياه النيل”.

هل الخيار العسكري مطروح؟ 

ويقول شبانة إن مصر لو وصلت إلى مرحلة معينة، ستضطر فيها إلى اتخاذ قرار قسري باستخدام الحل العسكري، “ولن تنتظر ضوءا أخضر من الولايات المتحدة، لأنه في هذه الحالة، سيكون دفاعا عن الحياة والوجود، ولن تكون مسألة اختيارية ولن يكون فيها مساومة”.

ويؤكد المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية اللواء، محمود خلف، في حديث لـ “موقع الحرة” أن “استخدام القوة العسكرية خيار موجود ومطروح فعلا، لكن أتصور أن مصر مصممة على المفاوضات، وتعتقد أنها لم تستنزف حتى الآن الحلول السياسية، لأن مصر علاقتها وثيقة بجيرانها وأعتقد أن الخيار العسكري أمر مستبعد”.

أما عن شكل التدخل العسكري إذا حدث، فقد أوضح غريب، في تصريحات لـ”موقع الحرة”  أن مصر ستعمل على تدمير أضعف جزء وأهم جزء في السد، وهي محطة توليد الكهرباء بالقرب من البوابات، وبالتالي سيتم تدمير هذه البوابات وستتدفق المياه، وبالتالي سيصبح السد “حمام سباحة” في نهاية الأمر.

وتوقفت المفاوضات الثلاثية منذ آخر اجتماع جمع مصر والسودان وإثيوبيا عُقد برعاية الاتحاد الإفريقي في 28 أغسطس الماضي، حيث فشلت الدول الثلاث في دمج مقترحاتها بشأن طريقة ملء سد النهضة وتشغيله، بسبب خلافات واسعة حول عدد من النقاط القانونية والفنية.

سد النهضة الإثيوبي ومسار نهر النيل

وتطرق ترامب، خلال اتصال هاتفي مع رئيس المجلس السيادي السوداني، عبدالفتاح البرهان، ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك من جهة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، من جهة أخرى أجراهُ أمام بعض الصحفيين على أزمة سد النهضة بالقول “إنّه وضع خطِير جدا، لأنّ مصر لن تكون قادرة على العيش بهذه الطريقة”، مضيفا: “سينتهي بهم الأمر إلى تفجير السدّ. قُلتها وأقولها بصوت عال وواضح: سيُفجرون هذا السدّ. وعليهم أن يفعلوا شيئا”.

الضغط الإيجابي

وأعلنت الولايات المتحدة في أوائل سبتمبر تعليق جزء من مساعدتها المالية لإثيوبيا بعد قرار أديس أبابا الأحادي ملء سد النهضة على الرغم من “عدم إحراز تقدم” في المفاوضات مع مصر والسودان.

 

لكن شبانة يقترح ألا يكون التفكير فقط في العقوبات، “الحوافز قد تكون إيجابية، لماذا لا نفكر فيها بهذه الطريقة”.

 

ويقول “الضغط لا ينبغي أن يجعلنا نفكر فقط في جانب العقوبات، الضغط قد يكون إيجابيا”.

 

ويوضح أن الضغط الإيجابي يمكن أن يشمل مثلا حوافز استثمارية، أو تجارية، قد يكون دعما سياسيا أو مساعدات، أو تجمعا إقليميا تدعمه أميركا لإقامة منظومة أمنية في البحر الأحمر وتشرك فيها إثيوبيا، قد يكون تفاهما رباعيا بين مصر وإثيوبيا والسودان والولايات المتحدة على استثمارات وامتيارازات في منطقة البحر الأحمر وشرق التفريعة وقناة السويس”.

 

ويضيف شبانة أن “فرص الضغط الإيجابي كثيرة ومتعددة ويمكن أن تحل الأزمة وأميركيا يمكنها أن تثبت بذلك أنها صانعة للسلام العالمي”.

 

ويقول شبانة إن “رد الفعل الإثيوبي يقول إن هناك إملاءات من الخارج.. وبهذا الشكل عندما نأتي لنوقع اتفاقا فإن الرأي العام الإثيوبي سيقول إن حكومته رضخت للضغوط الأميركية”.

 

فيما يرى خلف أنه يجب أن يكون هناك تعاون دولي وممارسة ضغوط سلمية لحصول مصر على حقها القانوني “والأوراق لم تنته حتى يكون هناك حديث استباقي على حرب، لأن ذلك بمثابة تهديد لدولة من دول حوض النيل وهذا عكس ما ترفعه مصر من شعار بأن هذه الدول يجب أن تتكاتف وتتعاون”.

 

وتقول إثيوبيا إن المشروع البالغة كلفته 4 مليارات دولار، ضروري لازدهارها، فيما تعتمد مصر بنسبة 97 في المئة على النيل في الري ومياه الشرب.