البلقاء نموذج لحالة جامعاتنا في غياب الرقابة

3 أبريل 2021
البلقاء نموذج لحالة جامعاتنا في غياب الرقابة
أ‌.د. سيف الدين الفقراء/ جامعة مؤتة
في آخر مقال لي نشرته عن الرقابة الغائبة عن جامعاتنا أشرت وبوضوح إلى أنّ بعض الجامعات تدار بأسلوب العصابة, وبعقلية المزارع الخاصة, وأنّ مجالس الأمناء غائبة مغيّبة, وأن وحدات الرقابة المنصوص عليها في قانون الجامعات عبارة عن دمى كرتونية في أغلبها, ولا تنهض بمسؤولياتها, وأنّ تقارير مجالس الأمناء مجرد نسخة من تقارير تقدمها إدارة الجامعات إلى الجهات الأعلى عن إنجازات وهميّة. وبعيداً عن كيل الاتهامات في قضية رئيس جامعة البلقاء التي تخضع لتحقيق, نقول إنّ التعامل مع أعضاء هيئة التدريس في الجامعات يفتقد في معظم حالاته إلى المؤسسية والمهنية والأكاديمية, فقانون الجامعات هلاميّ الضوابط في تعيين الرؤساء ونواب الرئيس والعمداء والكادر الإداري الأكاديمي, ويحتاج إلى رجع نظر عميق لترسيخ المؤسسية, وتحصين الضوابط, وتفعيل الرقابة, وتحديد المسؤوليات, وتعظيم المساءلة القانونية, ونحتاج قانوناً يحصن مجلس التعليم العالي ويغير آلية اختياره لئلا يكون أداة في يد الوزير, فأي مؤسسية تلك التي تسمح لمجلس تعليم عال أقر أسساً للقبول في الجامعات في عهد وزير سابق, ثم وافق على تغييرها في أول جلسة له برئاسة الوزير الجديد؟ لقد طالبنا مرراً بديمقراطية التشكيلات الإدارية الأكاديمية في مناصب نواب الرئيس, والعمداء ونوابهم, ورؤساء الأقسام لئلا تكون الإدارة أداة في يدّ الرئيس, وطالبنا وما زلنا أن يحدد لرئيس الجامعة مدة واحدة مقدارها أربع سنوات قابلة للتمديد سنة واحدة فقط, وطالبنا أن تضمّ لجنة التعيين والترقية أعضاء منتخبين من الكليات لا يخضعون لسلطة المسؤول لتحصين القرارات ومأسستها, وطالبنا بمعايير للجان في التعليم العالي وهيئة الاعتماد. نعم هناك تسلط من بعض الرؤساء, وإقصاء للكفاءات وتهميش لها في بعض الجامعات, وهناك شللية ومناطقية في التوزيع, وهناك إجحاف في إحقاق الحقوق؛ فأحد أفضل أعضاء هيئة التدريس في إحدى الكليات بل أفضلهم أكاديمياً تأخرت ترقيته خمس سنوات؛ لأنّه قدّم شكوى بحق رئيس جامعته, ولم يرقَّ إلى رتبة أعلى إلا بعد أن غادر ذلك الرئيس جامعته, وهناك من مضت ترقيته في أشهر وهو لا يجوز أن يعدّ في الأكاديميين, وهناك عمداء تمّ التمديد لهم لثلاث دورات في مخالفة صريحة لقانون الجامعات, وما يزالون يرتعون في مخالفتهم على نظر من إدارة الجامعة الجديدة العاجزة عن التصويب. والتعيينات تفصّل تفصيلاً, وتحويلات الإداريين والمحاضرين إلى أعضاء هيئة وزعّت على الخلان والأصحاب فقط, دون أدنى ضوابط أكاديميّة, وثمّة إنهاء للخدمات في الجامعات الخاصة بلا أدنى معيار غير الربح والخسارة والعلاقات الشخصيّة. أمّا التراجع المالي في الموازنات, والمشاكل والمخالفات الماليّة, والتراجع الأكاديمي والتجاوزات الإدارية فحدّث ولا حرج, لقد آن لنا نقول: إنّ دولتنا في غفلة عن الرقابة على الجامعات, وأنّ مجالس أمنائها تقدّم شهادات عجز يومياً بظهور هذه المخالفات, ويكفينا شهادة هيئة النزاهة في تراجع جامعاتنا, ويكفينا قراءة واعية لموازنات الجامعات لندرك الحقيقة التي تتوارى عن أنظار المسؤولين, وتكفينا شكاوى الأكاديميين في المحاكم, وفي منابر الإعلام لنصحو من هذه الغفلة.