ذوقان عبيدات يكتب: عبقرية الحلول

3 أبريل 2021
ذوقان عبيدات يكتب: عبقرية الحلول

بقلم الدكتور ذوقان عبيدات

في ندوة مهنية بمشاركة أربعة من كبار المربين، الذين لم نسمع لهم أي إسهام في أزمة كورونا ولا قبلها، تم الإجماع على مسلمات لا تحتاج نقاشا وهذه المسلمات هي :

  • التعليم الوجاهي أفضل من التعلم عن بعد.
  • لم نقدم تعليما عن بعد ناجحا .

فهل هذه المسلمات تحتاج نقاشا ؟ أغلب الظن أن أهداف الندوة كانت في مهاجمة وزارة التربية والتعليم والتقليل من دورها الرائد في إنقاذ التعليم .

لقد كانت الوزارة بعد أن فرض الوضع الوبائي إغلاق المدارس أمام خيارين :

  • وقف التعليم كليا أو

–  تقديم تعليم عن بعد بالإمكانات المتاحة .

ويقتضي الإنصاف أن تعطى الوزارة حقها في جهدها لإعداد منصة الكترونية واختيار أفضل ما لديها من معلمين لتقديم الدروس.

بعيدا عن هذا ، ففتح المدارس ليس قرارا تربويا، ولذلك ليس أمامنا إلا دعم التعلم عن بعد، وليس تهميشه والإبداع في تعداد عيوبه، وأسند ذلك من عيوب التجربة الأردنية إلى فلسفة التعليم عن بعد بذاتها !!

تباكى علماء التربية الذين شبهتهم بالعلماء الذين أرسلوا رسالة إلى الملك يقولون فيها :” لا بلاء إلا لمعصية ولا شفاء إلا بتوبة”سمعتهم يقولون منطقا مماثلا

وهذا ما قالوه:

  • المعلم قدوة ومن الضروري أن يتفاعلوا مع أشخاص قدوة لهم . قد يكون الكلام صحيحا، ولكن هذا كان حين كان المعلم هو الشخص الوحيد الفاعل في حياتهم. أما الآن فالقدوات عديدة، الرياضي قدوة، والفنان قدوة، والإعلامي قدوة ، وعامل النظافة قدوة، والمفكر قدوة، والشاعر قدوة.

 وهؤلاء هم الأكثر تأثيرا ليقتدي بهم الطلبة،

 علما بأن مبدأ القدوة يتضمن التقليد ونسخ التجربة، وليس في هذا أي إبداع!!

  • التعليم عن بعد يناقض الطبيعة الأردنية – وربما الإنسانية – ولا أدري هل سمع الدكاترة الأجلاء بالعمل عن بعد، والتداوي عن بعد، وإجراء العمليات الجراحية عن بعد، وتقديم الخدمات القانونية عن بعد؟ هل سمعوا بالتعلم الذاتي دون معلم ؟ وقيادة الطيارة دون طيار ؟ بل هناك تجارب في عمان على سيارة دون سائق!

فهل للأردنيين طبيعة بشرية خاصة بعم أيها الدكتور الفاضل ؟

  • قدمت الندوة حلا عبقريا للأزمة، حيث قال أحد أبرزهم بحماسة وبصوت واثق : يجب حجز المطاعيم والبدء بتطعيم المعلمين فورا، وفتح المدارس مع مطلع العام القادم .

أي عبقرية هذه؟ ولماذا يا صاحب القرار لم تطعم المعلمين ؟

  • وإبداع آخر، هو كيف نعلم بنفس الطريقة ملايين الطلبة ؟ مع أن ما ينفع في مدرسة لا ينفع طلاب مدرسة أخرى، وما ينفع في صف لا ينفع في صف آخر ؟ إن طلاب المنطق في سنة أولى يكشفون المغالطة في هذا الموقف!

ألم يأكل – وسأتحدث بأسلوبهم -جميع المسلمين نفس المأكولات وبيدهم اليمنى، ويمتنعون عن مأكولات أخرى؟فما الضير في ذلك؟ ألم نشارك في نفس التدريبات مع الملايين؟ ألم يعمل أستاذ الجامعة مهامه: نفس المنهاج وبنفس الأسلوب وبنفس الوقت وبنفس الامتحان دون تمايز!!  ألم يبدع طلابكم يا أساتذة مع أنهم درسوا بنفس الطريقة في التعلم الوجاهي؟

  • والتباكي على الغش كان سمة جامعة بين المتحدثين، فالتعليم عن بعد يجب أن يتوقف لأن التقويم عن بعد فيه غش!! لقد علمتنا الجامعات أن التقويم جزء من التعلم وليس أكثر، فإذا كان التعليم عن بعد فمن الطبيعي أن يكون التقويم عن بعد !

وعلمتنا الحياة أن الغش موجود قبل التعليم عن بعد وسيبقى بعده! موجود في البيت والشارع وفي المتجر، ولم أسمع أحدا دعا لمحاربة الغش! علما بأن الغش في الامتحان هو انعكاس للغش في المجتمع!!

أساتذتي :

هناك مدارس علمت طلابها الأمانة ولذلك لا يغشون . ويحق لي أن أسأل أحد الزملاء: لعل محاربة الغش تكون بالمراقبة أم بالنمو الأخلاقي؟ لأنكم اعتمدتم على أخلاق المنع، فإنكم ترون منع الغش بالعقوبة والمراقبة !!