الهيئات المستقلة إلى أين؟

12 مارس 2021
الهيئات المستقلة إلى أين؟

كتب الدكتور سلام نواف المومني

تتعرض الهيئات والوحدات الحكومية المستقلة بين الفينة والأخرى إلى إنتقادات لاذعة وإلى سهام النقد حيث انها تعتبر سببا رئيسا لعجز ومديونية الدولة، من هنا طالب الكثير من الخبراء الإقتصادي والماليين بإلغائها وذلك لوجود وزارات بنفس الإختصاص تستطيع القيام بنفس المهام بل بكفائة أكبر.
إن التقاطع بالمهام مع بعض الوزارات قد أوجد فجوة في الصلاحيات والمسؤوليات مما أدى إلى تضارب كبير في اتخاذ القرار واكبر دليل على ذلك وزارة الإستثمار وهيئة الإستثمار فإذا كان هناك وزارة للإستثمار فلا معنى لوجود هيئة الإستثمار، فالمستثمر أصبح حائر بين الوزارة والهيئة.

إن الهيئات والوحدات الحكومية المستقلة في الأردن تجاوزت الهدف الذي أنشئت من أجله وتحولت إلى عبئ ثقيل على الموازنة العامة مع توسع نفقاتها وتضخم كوادرها ذوي الدخول المرتفعة وأصبحت بيئة للتنفيعات والترقيات مبتعدة عن الغاية التي أنشئت من أجلها لإصلاح القطاع العام وتنظيم عمله.
فشلت الحكومات المتعاقبة كافة في إيجاد حل لهذا الملف وهذا يعود إلى غياب الإرادة الجادة في معالجة هذا الملف، إلى جانب المقاومة الكبيرة من أصحاب النفوذ في هذه الهيئات الذين يرفضون عملية الدمج مع الوزارات أو الحل التي ستقضي على المكاسب والحظوة التي حصلوا عليها من هذه الهيئات.
إن دمج الهيئات بالوزارات ذات الإختصاص سيساعد بتخفيف النفقات الجارية مما يعني تحسين أداء الاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة.
بعض الهيئات يجب دعمها والإبقاء عليها مثل هيئة الأوراق المالية وهيئة الإعتماد وضبط الجودة لمؤسسات التعليم العالي وهيئة الطيران المدني والأخيرة لا بد من وجودها لان القانون الدولي يفرض ذلك.

العديد من الإجراءات التي أطلقتها الحكومة مؤخرا بهدف تنشيط الاقتصاد، والحديث عن دمج العديد من المؤسسات والهيئات المستقلة، وإعادة هيكلة الوحدات الحكومية، إلا أن الحكومة لم تتحرك قيد انملة بهذا الإتجاه قد يكون سببه المجاملات للعديد من السياسيين وأصحاب النفوذ الذين لهم مصلحة في بقاء هذه الهيئات ولكن الحقيقة أن الوطن اكبر من الجميع ولا مجال للمجاملات في ظل وضع إقتصادي متردي، كما ان جلالة الملك أكد في العديد المواقف إلى أن تطوير القطاع العام واعادة هيكلته ضرورة ملحة لتنشيط الوضع الإقتصادي ولكننا نقول أن موضوع الهيئات بحاجة لجراءة بإتخاذ القرار لأنها أصبحت حملا ثقيلا على موازنة الدولة ووجود بعضها غير مبرر إلا من المنتفعين هم من يبررون وجودها. ان وجود الهيئات المستقلة كان ولا يزال على حساب قوت المواطن الأردني.
من هنا إن الإصرار على وجود بعض الهيئات هو إنهاك للإقتصاد الوطني والموازنة العامة للدولة واكبر دليل على ذلك كافة الموازنات السابقة كانت ولا زالت هذه الهيئات تحمل الدولة مصاريف غير مبررة لا يجب السكوت عليها، كما ان موازنات هذه الهيئات يمكن أن توجه لمشروعات تنموية إستثمار ية تنهض بالإقتصاد الذي يعاني من ركود لا مثيل له ولم يسبق أن حدث.

لا يوجد مبرر منهجي علمي لوجود الهيئات المستقلة، وان مبررات الحكومة غير علمية و غير منطقية ، فما هي المبررات مثلا ،لوجود هيئة قطاع النقل في ظل وجود وزارة النقل هذا فالمبررات لا معنى لها وأن سكة النقل الحديدية كانت آخرها ايام الدولة العثمانية. وهذا عبارة عن مثال ينطبق على العديد من الهيئات المستقلة التي لا معنى لوجودها في وضع إقتصادي متردي وعجز بالموازنة دائم، إلغاؤها سيوفر على خزينة الدولة مليارات تساعد في النمو الإقتصادي والتنمية المستدامة وتخفيض عجز الموازنة للصفر.

الخبير الإقتصادي والمستشار المالي

12/3/2021

 

.