عن تطور العلاقات الأخوية بين الأردن و السعودية في مئوية الدولة الأردنية الاولى

11 مارس 2021
عن تطور العلاقات الأخوية بين الأردن و السعودية في مئوية الدولة الأردنية الاولى

المحامي د.مهند صالح الطراونة

مرت العلاقات الأردنية السعودية بمراحل عديدة كل مرحلة ترسخت فيها أواصر المحبة والمتانة بين البلدين الشقيقين حتى أضحى للناظر للعادات والتقاليد والتاريخ ووحدة المواقف انموذجا فريدا للعلاقات العربية العربية من التلاحم وفي معرض بحثنا هذا سوف نقدم وقفات لتطور هذه العلاقات في المئوية الأولى من عمر الوطن الغالي .

على الصعيد الرسمي الدبلوماسي ومنذ ان تاسيت المملكتين المباركتين تبادلت حكومتا المملكة العربية السعودية وإمارة شرقي الأردن الاعتراف المتبادل في عام 1933م، من خلال برقيتين تبادلهما الملك عبد العزيز رحمه والأمير عبدالله رحمه الله ، حيث أعربا فيها عن رغبتهما في تحسين العلاقات بينهما. وعلى إثر الاعتراف المتبادل شرعت الحكومتان الأردنية والسعودية بمباحثات نتج منها عقد معاهدة صداقة وحسن جوار لتنظيم العلاقات والتعاون بين البلدين وتنظيم الحدود بين الطرفين وقد عزز هذا الامر القرب القبلي و اواصر القربى بين القبائل الاردنية والسعودية وخاصة أن القبائل الاردنية كان لها دور في توحيد المملكة العربية السعودية حيث كان العتاد والسلاح يصل للمملكة من مدينة العقبة الى رابغ المدينة السعودية التيىتقع شمال جده في ١٥٠ كم تساهم هذه الامدادات قوات الملك عبد العزيز في توحيد الدولة .

وعن عمق العلاقات بين المملكتين منذ اول العهد قام الأمير سعود بن عبد العزيز ولي عهد السعودية آنذاك، بزيارة إلى شرقي الأردن عام 1935م، أقام فيها أربعة أيام، زار خلالها مختلف المناطق وقام بزيارة لفلسطين وحظي بالصلاة في المسجد الأقصى. وكان لتلك الزيارة دور كبير في تعزيز العلاقات بين الجانبين، وقد تلقى الأمير عبدالله رسالة من الملك عبد العزيز شكره فيها على حسن الضيافة التي لقيها ولي عهده في شرقي الأردن.

ولا يخفى على الجميع أن الأردن يرى في السعودية حليف عربيًا كبيرًا، في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية، كما ان أن الأردن يدرك وعلى الصعيدين الرسمي والشعبي أن المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى هي العمق الاستراتيجي وهي اللاعب المهم في الإقليم وفي العالم ، لذا اتسمت العلاقات الاردنية السعودية بأنها علاقات راسخة ومتينة وتوافق في المواقف المصيرية ، ومن جانب آخر نجد أن الاشقاء في المملكة العربية يدركون تماما أن الأردن _في قيادته الهاشمية وشعبه الوفي مهم جدًا للسعودية و واجهة اقتصادية واستثمارية وتعليمية علاوة علاة التنسيق المشترك بين المملكتين على كافة الصعد .

ويذكر الاردنيون جميعا كيف رابط الاشقاء من القوات السعودية ببسالة وشجاعة جنبًا إلى جنب مع القوات الأردنية على الأراضي الأردنية، حيث دخلت القوات السعودية على إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ودخلت مرة أخرى في الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة عام 1967م، وبقيت مرابطة في الأراضي الأردنية على خطوط الدفاع الأولى، إلى العام 1975م، وقد انطلقت القوات السعودية من الأراضي الأردنية في العام 1973 للمشاركة في الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة، وبعد انتهاء الأعمال الحربية في الجبهة السورية، عادت لترابط على الأراضي الأردنية ومازالت بعض المعالم لآثار الجيش السعودي في الكرك .

أحبتي الكرام إن مواقف المملكة العربية السعودية مواقف ثابتة وراسخة تجاه الأردن؛ فالسعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي وفت بالتزاماتها تجاه الأردن عقب إنهاء المعاهدة الأردنية – البريطانية عام 1957م، وتوقيع اتفاقية المعونة العربية.

وقد كان للبلدين مواقف متطابقة في الكثير من الأزمات التي عصفت بالمنطقة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين؛ حيث اشتركت القوات الأردنية والسعودية في تثبيت الأمن والنظام إثر اندلاع الأزمة العراقية الكويتية عام 1961م في الكويت، وشارك الجندي الأردني مع الجندي السعودي، جنبًا إلى جنب، في الدفاع عن حدود المملكة العربية السعودية الجنوبية في العام 1962م بعد الأزمة اليمنية، وكان التنسيق الأردني والسعودي على درجة عالية من التطابق والترابط في وجهات النظر.
و في حقبة زمنية أخرى نجد أن الاردن قد تجاوب و بقوة مع دعوة الملك فيصل بن عبد العزيز للتضامن الإسلامي، وكان للأردن دور كبير في هذا الأمر، ونتيجة لهذا التطابق فقد قام الملك فيصل بزيارة للأردن في العام 1966م، تجول في ربوع الأردن وزار المسجد الأقصى المبارك. وقد نتج من تلك الزيارة أن رسمت الحدود الأردنية السعودية بشكل كامل، وسمحت السعودية للصيادين الأردنيين بدخول المياه الإقليمية السعودية للصيد فيها. كان لوصول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ إلى السلطة في المملكة، لحظة تحول تاريخية في العلاقات الثنائية، إذ إن خادم الحرمين الشريفين يكن للأردن مشاعر دافئة، ويقول المقربون منه إنها تعبير عن روح قومية تتملكه، وتقدير خاص لموقف الأردن الحساس وأهميته في المنطقة.

وكانت مواقف القيادة السعودية، ممثلة في الملك خالد والملك فهد، مواقف راسخة وثابتة تجاه الأردن؛ فقد التزمت السعودية، عقب مؤتمر بغداد عام 1979، بتقديم مساعدات للأردن بعد أن أقرّ العرب في هذا المؤتمر تقديم الدعم والمساندة لها، ولم توقف السعودية تلك المساعدات طوال تلك المدة، على الرغم من كل الظروف السياسية الصعبة التي عصفت بالمنطقة.

وتجاوب الأردن مع دعوة الملك فهد بن عبد العزيز للسلام في العام 1981م، مثلما تجاوب مع دعوة الملك عبدالله بن عبد العزيز للسلام في العام 2001، في قمة بيروت، وأصبحت تلك المبادرة محورًا للدبلوماسية الأردنية، كما أنها محور للدبلوماسية العربية من أجل حل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس من العدل والحق. وهذا مما يدلل على عمق العلاقات الثنائية والتطابق في وجهات النظر، ووحدة الرأي لحل الأزمات العربية العربية والعربية والدولية.

ولعبت الدبلوماسية السعودية والأردنية بقيادة الملك عبد العزيز والأمير عبدالله دورًا كبيرًا في إنهاء الإضراب الفلسطيني الذي حدث في ثلاثينيات القرن الماضي، من خلال النداء الذي وجهه إلى الفلسطينيين لفك الإضراب والعودة إلى الحياة الطبيعية في فلسطين.

كما شاركت المملكة العربية السعودية وإمارة شرقي الأردن في تأسيس الجامعة العربية، وكانت من الدول السبع التي وقعت على بروتوكول الإسكندرية. وتسعى المملكتان إلى التعاون والتكاتف العربي، وعندما حصلت شرقي الأردن على استقلالها في 25 عام 1946 بعث الملك عبد العزيز ببرقية تهنئة إلى الملك عبدالله الأول.

وفي عام 1948م زار الملك عبدالله الأول ملك الأردن، الرياض، وكان يتطلع لهذه الزيارة منذ زمن بعيد، وقد لقي الملك عبدالله حفاوة كبيرة من لدن الملك عبد العزيز، وقد استمرت الزيارة ثلاثة أيام تبادل الملكان خلالها الأحاديث والآراء حول قضايا العرب ومستقبل الصراع في فلسطين. وقد عبّر البيان الختامي عن الرغبة في توثيق عرى العلاقات، وعن اتفاقهما في الغاية والهدف، وفي تأييدهما للجامعة العربية.
وللحديث بقية …….
Tarawneh.mohannad@yahoo.com