زواج القاصرات …… جريمة مبكرة وإغتصاب لحق الطفولة

8 مارس 2021
زواج القاصرات …… جريمة مبكرة وإغتصاب لحق الطفولة

بقلم الاعلامية رهف العلي

تقليد متبع في الكثير من الدول والمجتمعات ، كما انها تعتبر ظاهر من ظواهر الاجتماعية الخطيرة و البشعة التي تسلب حقوق الاطفال.

القاصر هو مصطلح قانوني يطلق للدلالة على الطفل الذي لم يبلغ سن الرشد , وسن الرشد قانوناً هو إكمال ثمانية عشرة عاماً ميلادية . فلا نقول عن الشخص راشداً إلا إذا أنهى السنة الثامنة عشرة وليس إذا بدأ بها.

وفي المادة 10/أ من قانون الأحوال الـشخصـية الأردني رقم (15) لسنة 2019 يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين ، وأن يتم كل منهما ثمانية عشرة سنة شمسية من عمره. ولكن حسب الفقرة (ب) من ذات المادة وذات القانون والتي نصت على أنه يجوز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة أن يأذن في حالات خاصة بزواج من أكمل الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره وفقاً لتعليمات يصدرها لهذه الغاية إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة ، ويكتسب من تزوج وفق ذلك أهلية كاملة في كل ما له علاقة بالزواج والفرقة وآثارهما.

وفي عام 2019عدّل البرلمان الأردني سن الزواج ، إذ أصبح من الممكن عقد القران إنطلاقا من سن السادسة عشر “في حالات خاصة” وإذا إستوفى جملة من الشروط من بينها موافقة قاضي القضاة وإذا كان الزواج “ضرورة” تقتضيها المصلحة .

هناك العديد من المجتمعات حول العالم – وبعيداً عن أي ضروريات او مقتضيات للمصلحة العامة – تنتشر فيها ظاهرة تزويج القاصرات , حيث انها ظاهرة اجتماعية لها العديد من الاثار السلبية على الأسرة والمجتمع على حد سواء ، لأن الفتاة فى هذه المرحلة العمرية الصغيرة تكون غير مهيأة من الناحية النفسية والاجتماعية والثقافية والعقلية والجسدية او العاطفية كى تقوم بمسئولية بيت وزوج وتربية أطفال ، فتتحمل عبئا لا قدره لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقا ، فمثل هذا الزواج يُعد إغتصاباً للحق في الطفولة وإعتداء صارخ على كرامة الطفل فهو يمثل جريمة مكتملة الأركان فى حق بناتنا والمجتمع بأكمله.

فالقاصر الزوجة لم يتح لها المجال لتطوير مهاراتها وتنمية إمكاناتها المعرفية ، واكتشاف ذاتها ، ومعرفة مدى قدرتها على تحمل المسؤوليات العامة والأسرية . وتصبح أسيرة وضع لم تتنبأ به ، حيث تصبح في أقل من عام ، أُمّاً وهي طفلة , وبالتالي يتكرس دورها المحتوم ، وتصبح مشاركتها في المجال العام ، مسألة شبة مستحيلة , وفي غالب الاحيان ما يكون المصير الطلاق المحتوم والضياع والتشتت.

تتنوع أسباب زواج القصّر وتتعدد ، والضحايا هم نفسهم ، أطفال بعمر الزهور يفرض عليهم الزواج بعمر صغير في وقت لا يملكون فيه حق تقرير مصيرهم ومستقبلهم ليصبحوا هدفا سائغاً لرغبات الأهالي وطموحاتهم. ويمكننا إجمال أهم اسباب الزواج المبكر أو زواج القاصرات بما يلي :

أسباب زواج القاصرات :

– العادات والاعراف السائدة : إن الموروث الإجتماعي وضعف الإلتزام بالقانون وتنفيذه والاعتماد على العادات والتقاليد الاسرية , لا سيّما أنّ كثيراً من الأفراد والجماعات يرون أنّ التقاليد والأعراف أقوى من القانون والمؤسسات . وهذه العادات والتقاليد تندفع من وراء المطالبة باستمرار نسل العائلات والمكانة الاجتماعية كما ساعدت القوانين على الاستمرار في مثل هذه الحالات , فعلى سبيل المثال لا الحصر , افغانستان والباكستان لا يوجد فيها نص قانون حرفي يمنع زواج القاصرات , ومن هنا يمكننا القول انه في بعض المجتمعات والدول , يعتبر زواج القاصرات والاطفال جريمة يحميها القانون , بسكوته عنها وعدم تنظيم قوانين منظمة لها.

– الوضع الاقتصادي السيء والفقر : دفعت سوء الحالة الاقتصادية والفقر إلى قيام بعض الأسر بتزويج بناتهم بأعمار صغيرة للتخلص من أعبائهم المالية والمعيشية . وهنا تظهر الفتاة كأنها صفقة تجاريّة دون النظر إلى إنسانيتها المتمثّلة في حقها بالحياة ، واختيار شريك حياتها، وهذا الأمر يعادل تماماً الاتجار بالبشر.

– الجهل الفكري ومحدودية التعليم : إنتشار الجهل وتدني المستوى التعليمي , الذي ينتشر بين بعض أولياء الأمور يدفعهم لتزويج بناتهم في سنٍ مبكّرة ، دون إدراكهم بأنها ما تزال صغيرة ، ولن تتمكّن من تحمّل الزواج بكافة تبعياته من مسؤوليّة رعاية بيت ، وزوج ، وحمل ، وإنجاب ، وتربية ، وتكوين أسرة ، دون أدنى إهتمام بمستقبل تلك الصغيرة ، وكلّ ما ينتظرها نتيجة هذا الإرتباط.

– إنعدام الأمن المجتمعي وإنتشار الحروب والأزمات : بعض المجتمعات التي تعاني من انعدام الامن المجتمعي والازمات والحروب , تتعرّض فيها الفتيات إلى خطر المضايقات والاعتداء البدني أو الجنسي ، يتجه الآباء نحو تزويج بناتهم لحمايتهنّ والحفاظ على سلامتهنّ ، كما أنّ نسب حالات الزواج المُبكّر تزداد في المناطق التي تُعاني من الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية والحروب ، وتلك التي ينتشر فيها العنف والفقر.

و علينا أن نطرح الأسئلة التالية , من هو المسؤول عن هذه الظاهرة , الحكومات أم المجتمعات أم الإثنين معاً ؟ هل تستطيع منظمات رعاية الطفولة الوقوف في وجه هذه الظاهرة والقضاء عليها ؟