رجل الدولة!!

6 فبراير 2021
رجل الدولة!!

بقلم:المحامي د. مهند صالح الطراونة

أكاد اجزم أن معظم الاردنيين يتطلعون إلى ولادة جديدة بدلا الإدارات التي لها ردحا من الزمن، وأكاد أجزم أيضا اننا بحاجة لمعرفة من هو( رجل الإدارة والدولة الحقيقي) ، وهنا أقصد رجل الدولة وليس كبير موظفين ؛ نعم نريد ولادة قيصرية أو طبيعية لا يهم المهم أن تكون هناك إدارات جديدة مجددة، قادرة على نشر الفرح في قلوب الاردنيين
،وقادرة على تصويب الأمور ومخاطبة الشارع بصدق وبجرأة وقادرة على نزع الفتيل لأي ازمة لا قدر الله.

منذ فترة ونحن نعيش في مخاض إقتصادي وفي بعض الأحيان نفقد الثقة من متوسط إلى عسير وكأننا ندار بأزمة ولا ندير أزمة ، ومازلنا نراوح مربعنا الأول تارة نقف وتارة نترنح وأخرى نعتصر أو نتجمد ونتمسمر , ونفقد كل يوم مساند لجهد الدولة ويتحول الكثير للمعارضة إذا لم يجد له فرصة في الكعكة ، وهذا دليل على سوء الإختيار أو على الاقل لم يكونوا بالمستوى المطلوب أوالمأمول .

ولعل من حسن الطالع هنا تسليط الضوء على بعض حديث الشارع الاردني وأمنياته وتساؤلاته حول سمة رجل الدولة الحقيقي .

رجل الدولة هو الذي يعيد الثقة للحكومة ويجعل منها حكومة مهابة يحترم الصغير فيها الكبير وتنزل للر جال منازلها تعظم الإنجاز وتبني عليه .

رجل الدولة هو الذي لطالما حلم به الاردنيين من يعود معه حرمة التعدي على المال العام وحرمة استغلال الوظيفة وحرمة وحرمة الفساد المالي والإداري .

رجل الدولة هو من يحرك فينا العواطف الثقة في المسؤول ، ويحرك لدى الشباب الابداع والابتكار بدلا من الاحباط واليأس الذي يعتريهم ردح من الزمان.

رجل الدولة هو صاحب الخطاب الشعبي البسيط القريب من الشعب والمقنع في خطابه، حينها سوف تتحرك مراكز قياس الرضا الشعبي بشكل ايجابي رجل الدولة والإدارة الحقيقي من يحرك خطابه الحكومي مزاجنا السيء خوفا على الوطن الذي نفديه بالمهج والأرواح وخوفا من القادم .

رجل الدولة هو رجل الميدان الذي يترك ربطة عنقه ويحل ضيفا عند الحويطات ويمر بالكرك ويتناول المليحية عند بني عطية والرشوف عند بني حميدة وبني حسن ويتباحث بشان الدولة مع بني صخر ويجتمع في اهالي جرش ويطلب النصح من اهل اربد ويسهر في مخيم البقعة والوحدات ويكون قريب من كافة الاردنيين على اختلاف اصولهم ومنابتهم رجل يعيد لُحمة العشيرة ولُحمة الوطن ويزيل الغبار عن النفوس .

رجل الدولة هو صاحب الريادة الإدارية وصاحب الفكر الذي يعمل بروح الفريق الواحد، من خلاله يستقيم الوطن ويتوجه المزارع لزراعته والعامل لمصنعه والمعلم لمدرسته راضين بواقعهم مهما كانت الظروف لأنهم على يقين أن هناك عدالة إجتماعية وهناك سيادة قانون تشفع لكل ضعيف .

رجل الدولة هو صاحب النصيحة الصادقة وصاحب صرخة الحق في زمن أخرق لايعترف إلا بصوت خريج جامعة غربية يرتدي بدلة ايطالية وربطة عنق فرنسية وسيجار كوبي وابوه معالي وجده كبير مستثمرين ويعتقد أن الاردن هي فقط أم اذينة ودير غبار وعبدون مع احترامي وان الاردن فنادق خمسة نجوم واستراحات ومجاملات ونفاق إجتماعي وولائم لعلية القوم وليالي حمراء إذا إستلزم الأمر.

رجل دولة هو الذي يعرف ما هي الحصيره وما هو كوز الماء والحصيدة والمنجل ويعرف ان في الاردن قرى منسية وبوادي ومخيمات اعتلاها غبار الفقر والحاجة منذ زمن، وفيها شباب في زهرة العمر يجلسون على قارعة الطريق تتلاشى طموحاتهم وآمالهم كل يوم بسبب الفقر والبطالة والحرمان والشعور .

رجل الدولة الذي هو الذي يرفض امتطاء الكرسي وهدم البنيان ورفض النصح يرفض التراقص على تضحيات شعب لن يجد مثله على مر الزمان شعب وفيّ منتمٍ وشعب شجاع نقي السريرة محب للوطن والقائد والجيش فيبني على هذه القاعدة الحصينة ويبني عليها افضل منجز .

ولعل البعض الآن يطرح التساؤل حول اعتمادنا على رجل فقط ولا نعتمد على مؤسسات الدولة ؟ نقول إن في وجود قائد إداري نتيجة محتمة لترسيخ عمل مؤسسي تشاركي مع كل مؤسسات الدولة، ونتيجة محتمة لترسيخ الفكر الديمقراطية الإدارية في كل أركان الإدارية ونتيجة محتمة لترسيخ مفهوم الدولة المدنية الحديثة التي يتحدث عنها سيدي صاحب الجلاله في اوراقه النقاشية ويعمل عليها من خلال توجيهاته .

رجل الدولة هو من يعرف لهجات الاردنيين من مختلف منابتهم واصولهم ويعرف متى نحب ونكره ونغضب ويعلم علم اليقين أن مؤسسة العرش أردنية هاشمية ، وان نظام الحكم نيابي ملكي وراثي فمن هناك سيعمل ومن هناك سيقوي البنيان لتبقى الراية الهاشمية خفاقة ويبقى الوطن الغالي عزيزا منيعا كما كان وكما سيبقى.