المناهج والتفوق: رؤى مستقبلية بقلم الدكتور محمود المسَّاد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج

1 فبراير 2021
المناهج والتفوق: رؤى مستقبلية بقلم الدكتور محمود المسَّاد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج

نحن أمام موضوع شائق وشائك
ليس من باب تعقيدات هذا الموضوع، بل من خلال معادلة التعليم العام كنظام، وكيفيات التعامل مع فئات الطلبة المختلفة والمتنوعة ومفهوم المدرسة الشاملة ومفهوم التعليم للجميع، وحتى الاختلاف فيما بين أفراد الفئة الواحدة من الطلبة…
لذلك سنتحدث باختصارات وإثارات ونبدأ بالتفوق

التفوق

وأبسط تعريف بهذا الموضوع أن نقول أنه التميز عن الأقران، لكن بماذا
بمعدل درجات أعلى بمستوى الذكاء 130 فأعلى
بالتفوق بعديد من الصفات والقدرات
باكتشافات جديدة في الميدان العام
باستعدادات وميول موهبية في مجال من المجالات…تحقق شهرة ما
وعليه هل نخلص إلى علاقات ارتباطية قوية بين: التفوق العقلي، والموهبة، والإبداع، والابتكار، والاختراع، والعبقرية….

ولمزيد من التعمق في التفوق لا بد: من النظر إلى جودة الحياة والتفوق
هل الأولى تصنع الثانية، أم الثانية تصنع الأولى، أم هناك تبادلية قد نضع اليد عليها.. وقد لا نستطيع

ونقصد بجود الحياة: مدى شعور المتفوق بالرضا (وليس المتعة) والسعادة وقدرته على اشباع حاجاته من خلال نوعية البيئة التي يعيش بها، والخدمات التي تُقدم له في المجالات الصحية، والاجتماعية، والتعليمية، والنفسية، مع أن إدارة ناجحة للوقت والاستفادة منها في غاية الأهمية

وهنا أستطيع أن أُنّبه إلى
ارتباط الفرد ببيئته
هل يتفق مستوى رضا الفرد عن جودة الحياة التي يعيشها مع أهدافه وتوقعاته وقيمه واهتماماته؟ ما مدى تقييم الفرد لذاته وظروفه وحياته؟
وهنا تتكشف جملة من التساؤلات حول
التفوق والثقافة العامة للمجتمع
ارتباط التفوق بالقدرات القيادية
تعدد أفراد المجتمع وتمايزه

كما ولا بد من تسليط الضوء على

التفوق والموهبة

التفوق: مرتبط بالقدرات التي تنمو بشكل منظم، لذلك الحديث عن الأداء
الموهبة: مرتبطة بالاستعدادات، لذلك الحديث عن طاقة كامنة
لهذا فالتفوق يحتاج الموهبة وليس العكس
والأشخاص الموهوبين لديهم قدرات خاصة تدل على تفوقهم بشكل متميّز
وربما من الأفضل أن لا يفوتنا الحديث حول

حوافز التفوق

فهي موجهات السلوك وضامنة استمراره لبلوغ الهدف
مثل
حافز النقص أو التعويض.. ولفت الانتباه
والأمثلة كثيرة: في طه حسين (أعمى) وبتهوفن (أصم)، …وغيرهم الكثير

حافز الإنجاز

نظرية توجيه الواقع
نظرية مرايا الكون
من أهم خصائص المتفوقين القابلية العالية للتعلم والاتقان والفضول والإبهار والتواصل.. مع أن ذلك يرتبط أيضًا بمعدل التفوق
وفي هذا السياق لا بد من تسليط الضوء على مفهوم

فئات غير العاديين

غير العادي هو من اختلف عن المألوف في جانب أو أكثر من جوانب الشخصية ( عن الجماعة التي يعيش بينها)، باعتبار أن
غير العادي يتطلب تقديم خدمات مختلفة له
وغير العاديين مختلفون فيما بينهم في الاستعدادات، والقدرات، والأداء، والدافعية، والإنجاز، والالتزامات، وطرق التفكير، ومدى التكيف، والتواصل
والآن لا بد من طرح التساؤل الآتي
هل يعرف مخطط المنهاج ذلك؟ أي أن هناك فئة غير عادية
وهل يعرف المعلم ذلك؟
وهل يعرف مدير المدرسة ذلك؟
وماذا نحن فاعلون؟ كنظام تعليمي، أم نحن ما زلنا أسرى للواحدية؟
وعليه آن الأوان أن نربط كل ذلك مع مفهوم المنهاج

المنهاج

المفهوم: ويعني كل ما يُخطط للمتعلم أن يتعلمه داخل غرفة الفصل أو في مجال المدرسة أو خارجها
وهذا يعني أن المفهوم شامل لكل العمليات
وأنه لا بد من التخطيط له
وأن المعلم هو جزء رئيس من المنهج
وأن بيئة التعلم الحاضنة هامة كمساحة يقوم عليها الفعل التربوي التعلمي
وأن أساليب التعلم القائمة على الحاجات التعلمية المفردة للمتعلمين في غاية الأهمية
وعليه، فقد جاءت هذه المنطلقات لتشكل (مكونات مفهوم المنهاج)
أن الطلبة متمايزون، ومن حقهم أن يحصلوا على فرص متكافتة (عدالة)
أن الطلبة ثروة الدولة ومستقبلها وبالذات فئة الموهوبين والمتفوقين
تهيئة البيئة التعلمية لفئات الطلبة وأفرادها، وخاصة عند الحديث عن الموهبة والتفوق ومتطلبات تنمية استعداداتهم وقدراتهم
الاهتمام بمتوسط الطلبة يثير المتاعب وضعف التكيف يوسع فجوة المعرفة

لكن لبناء المنهاج لطلبة التعليم العام لا بد من تحقيق التوازنات الآتية
النظر إلى حق جميع الطلبة في التعلم، وكون المدرسة جامعة وشاملة لكل فئات الطلبة، فإنه لا بد من الموازنة بينهم جميعًا
عدد المدارس وتباين البيئات والظروف، وعدد المعلمين وتباين الخبرات والمؤهلات…
التباين في توافر الإمكانات المادية والتحضيرات وتباين الكفاءة في التدريس والبرامج الموجهة..

إذن: أمام كل هذه التحديات ماذا سنعمل؟
بناء منهج يقوم على التمايز
ترجمة المنهاج إلى محتوى يلبي الحاجات المتمايزة كما يلبي متطلبات المستقبل
تدريب المعلمين على منطلقات بناء المنهج (نمو الشخصية المتوازنة، تعليم التفكير، تشرب القيم، الحداثة والتكنولوجيا، الهوية الوطنية)
رفع نسبة التعلم القائم على المهارات المتضمن للمفاهيم العابرة للمواد والصفوف
توظيف التكنولوجيا وتقديم المحتوى بأساليب تدريس متقدمة
بيئات تعلم غنية مثيرة