هل تستطيع أرامكو أن تجعل الأردن دولة نفطية؟

27 يناير 2021
هل تستطيع أرامكو أن تجعل الأردن دولة نفطية؟

 

الدكتور عامر الشوبكي

 

في حال أراد الاردن أن ينجح في إستكشاف الغاز والنفط فلا بد له من خبرات عالمية حقيقية واستعمال تقنيات متطورة للمسح الجيولوجي الحديث، وتلك الامكانات والخبرات غير متوفرة الا عند القليل من الشركات العالمية.

تجمع المملكة الاردنية الهاشمية و المملكة العربية السعودية حدود تمتد لما يقارب 744 كيلو متر وهي الأطول بين الاردن ودول الجوار ، وحبا الله السعودية بثروات طبيعية ضخمة و بشركة آرامكو التي تحتل المرتبة الاولى على العالم من بين الشركات النفطية بنشاطاتها المتعددة ومنها التنقيب عن النفط الخام والغاز والإنتاج والتكرير والتسويق والشحن، كما تمتلك آرامكو أجود سلاسل القيمة في اسواق النفط العالمية.

والاهم انها تعمل في العديد من التكوينات الجيولوجية المشابهة للموجودة في الاردن كما انها اثبتت جدارتها في الاستكشاف و التعامل مع الغاز الصخري والغير تقليدي مؤخراً، عدا عن الاكتشافات النفطية في مكامن معقدة والذي هو على الاغلب ما يحويه باطن الارض الاردنية وفي المناطق الحدودية الاردنية السعودية و الممتدة من مثلث طريف الريشة امتداداً الى الصفاوي و وادي السرحان المشترك طبيعياً وجيولوجياً مع المنطقة الشمالية في السعودية وصولاً الى الجفر معان والعقبة جنوباً .

كما أعلنت أرامكو السعودية مؤخراً عن حاسوبٍ جديد فائق حمل اسم “الدمام7” يُعدّ من بين أقوى عشرة حواسيب في العالم. ويتيح الحاسوب الجديد فرصًا جديدة في مجال التنقيب والتطوير، ويعزّز قدرات اتخاذ القرار في مجال التنقيب والاستثمار، ضمن إستراتيجية التحوّل الرقمي في أرامكو السعودية، التي تضم مجموعة تقنيات متطورة تسهم في إعادة تشكيل العمليات الرئيسة، وتعزيز الكفاءة، وتمكين ريادة الشركة في مجال علوم الأرض

 

حيث يمكن للحاسوب الفائق التعامل مع نماذج أرضية ثلاثية الأبعاد أكثر تفصيلًا، مما يحسّن قدرة الشركة على اكتشاف النفط والغاز واستخراجهما، وفي ذات الوقت الحدّ من المخاطر المرتبطة بالتنقيب والتطوير، فضلًا عن تعزيز عملية اتخاذ القرار في مجال التنقيب وتطوير الموارد الهيدروكربونية، وتوجيه الاستثمارات المستقبلية في الإنتاج وتخصيص الموارد.

و عدا ان تجربة الاردن كانت فاشلة مع الشركات الاجنبية لأن هذه الشركات اما ضعيفة الامكانات والخبرات او متقدمة وقوية لكنها مسيسة لصالح قوى دولية ومصالح قد تمنعها من اكتشاف الغاز او النفط في بعض المناطق، وذلك كما حدث بعد خروج احد الشركات العالمية من الأردن سنة 2014 بشكل غامض ، وكما حدث مع تركيا التي لم تستطع اكتشاف الغاز في البحر الاسود الا عندما طورت قدراتها الذاتية رغم فشل شركات عالمية في نفس المنطقة، وكما حدث مع مصر التي اكتشفت حقل (ظُهر) اكبر حقولها عبر شركة ايطالية رغم فشل عدة شركات كبرى مرموقة في نفس الموقع.

 

وللعلم ما زالت واردات الغاز والنفط الاردنية صفرية لصالح الخزينة رغم اكتشافات الغاز الاخيرة في الريشة وذلك لقلة الامكانات التكنلوجية والبحثية وزيادة الكلف التشغيلية و ضعف الانتاج من الغاز الطبيعي فقط الذي لم يتخطى 7% من حاجة المملكة ، عدا انعدام الحافز نتيجة شروط الزمتنا بالإستمرار في استيراد الغاز وذلك في الإتفاقية مع شركة نوبل انيرجي (شيفرون حالياً) ،

ونعلم جميعا بأن العديد من المناطق في الاردن مؤملة بوجود النفط والغاز وأن المسح والاستكشاف لم يطل 80% من الأراضي الاردنية وأن ال 20% تم استكشافها فقط و بتقنيات قديمة .

 

لذا فاني ادعوا المسؤلين في البلدين الشقيقين ان يوطدوا سبل التعاون وان يذللوا الصعاب لما فيه مصلحة الشعبين والمصلحة العامة في البدء باتفاق يسهل عمل شركة ارامكو للتنقيب واستكشاف النفط والغاز في الاردن على الشريط الحدودي وفي العمق الاردني .

وفي حال اكتشاف الغاز بكميات تجارية فإن الاردن يستطيع عبر هذا الاتفاق تخطي عقبة اتفاقية إستيراد الغاز بين شركة نوبل انيرجي وشركة الكهرباء الوطنية، وبالتالي تسويق الغاز او حتى النفط المكتشف عن طريق شركة آرامكو ، مما يعزز الامكانيات الاقتصادية الأردنية ويدعم الناتج المحلي الاردني ويعزز من دخل الفرد و يعطي مثالاً حياً على مخرجات التكامل و التعاون العربي العربي .

كما ان المناطق الحدودية التي تشهد تطور كبير من الجانب السعودي يستطيع الجانبان استغلالها في بناء مناطق حرة و تنموية و أنشطة صناعية وتجارية وزراعية ، تجلب الاستثمارات التي تعود على اقتصاد البلدين وشعوبهما بالخير وتساهم مساهمة هامة في تعزيز مكانة البلدين كمركز دولي للتجارة والصناعة والزراعة، وتؤمن للبلدين استدامة في تأمين الغذاء والدواء وغيرها،

كما ان المناطق الحدودية الجنوبية الاردنية السعودية تحوي مياه جوفية وفيرة للمشاريع الزراعية ، وستستفيد المشاريع الصناعية في المرحلة الأولى من اسعار الطاقة المنخفضة من الجانب السعودي ، كما أن هذه المناطق معتدلة المناخ ما يجعلها أيضاً منطقة جلب سكاني ، وقد مر البلدين بتجربة جائحة كورونا عند بداية الاغلاقات العالمية وقد عرفنا حينها الاهمية البالغة لحسن الجوار وتأمين اساسيات الحياة في مختلف الظروف الصعبة .