صواعق كهربائية ومليارات هوائية

24 يناير 2021
صواعق كهربائية ومليارات هوائية

بقلم: محمود أبو هلال
حسب وزارة الطاقة فإن الأردن يحتاج ل 3200 ميغاواط “3200000 كيلوواط”، بينما ننتج ضعف هذا الرقم. وحين قالت الوزيرة زواتي أننا لدينا قدرة على تصدير الكهرباء، كانت صادقة، ولكنها لم تخبرنا كيف ولماذ ننتج ضعف الكمية المطلوبة.
القصة باختصار هي إحدى الصواعق التي ضربت المواطن الأردني والتي رافقت ملف الخصخصة وتوابعها وما نتج عناها.
البداية كانت حين تمت خصّخصت شركة الكهرباء وبيعت محطة الحسين الحرارية، ففي حينها وقعت الحكومة الأردنية اتفاقية مع شركتين أمريكيتين لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة التقليدية “ibb2 و ibb4” لتوليد 570 بسعر 8.7 قرش للكيلوواط!، وألزمت حكومتنا نفسها بشراء كامل الإنتاج!، أو دفع قيمته في حال عدلت عن الشراء لأي سبب كان!.
الشركتان بدأتا بالانتاج بكامل طاقتمها، الأمر الذي أدى لزيادة الأحمال على شركة الكهرباء الوطنية، خاصّة أن محطة الحسين قريبة من الخربة السمراء، والتي تغطي ثُلث احتياج المملكة لوحدها. فطلبت الحكومة من الشركتين التوقف عن الإنتاج، وبحسب الاتفاقية الموقعة لمدة عشرين عامًا راحت تدفع لهم 3 مليون دينار يوميًا، أي ما يعادل مليار دينار أردني سنويًا تقريبا بدل ما يسمى “توافرية” أي عدم إنتاج، وهذا أحد أهم أسباب ارتفاع مديونية الكهرباء الوطنية والتي وصلت ل 5.6 مليار دينار أردني تقريبا، وبالتالي أدت لارتفاع أسعار الكهرباء على المواطن الأردني.
القصة لم تنتهي هنا، إذ قررت الحكومة الاستثمار في الطاقة المتجددة مع أنها تدفع مبلغا ضخما بدل “توافرية”!.
قرار إنتاج الطاقة المتجددة وضع على مرحلتين وبعقود تلزيم، “تخيلوا عقود تلزيم” مع ثلاث شركات لإنتاج “375 ميغاواط” أي “375000 ألف كيلواواط” بسعر 13 قرش للكيلوواط. الشركات الثلاث التي وقعت معها الحكومة هي: شركة “شمسنا” ويرأس مجلس إدارتها سامر جودة. وشركة “أنوار الأرض” مُلك وزير البيئة السابق خالد الإيراني. وشركة “جوردان سولارون” مملوكة لكريم قعوار سفير الأردن لدى الولايات المتحدة من عام 2002-2007.
القصة لم تنتهي هنا، حيث قررت الحكومة بدأ المرحلة الثانية في الطاقة المتجددة لإنتاج “702 ميغاواط”.
الشركات الثلاث أخذت عطاء المرحلة الثانية بالتلزيم أيضًا بسعر 4.8 فلسات بفارق 8.2 قرش عن سعر اليكيلوواط في المرحلة الأولى وبتأكيد هي تربح بهذا السعر.
ومؤخرا طرحت الحكومة من خلال وزارة الطاقة المرحلة الثالثة، وتقدمت للعطاء شركات صينة بسعر “1.7” قرش وسبع فلسات للكيلوواط.
وبحسبة بسيطة فإن الفرق بين سعر الكيلوواط للشركات الثلاث في المرحلة الأولى وبين الشركات الصينية 11 قرش تقريبا في كل كيلوواط، ونتسائل هنا: لماذا لا يقوم أصحاب تلك الشركات “وهم ومن كان يحدثنا عن الانتماء” بتعديل اتفاقية المرحلة الأولي حسب سعر المرحلة الثانية وكيف يقبلون أن يتقاضوا ميار دينار سنويا بدل فرق سعر؟.
من خلاصة ما سبق وحسب خبراء الطاقة في الأردن والأرقام أعلاه فإن الكلفة الحقيقة للكيلوواط هي 3 قروش مع مراعاة كامل خليط الانتاج من الطاقة المتجددة والتقليدية بالغاز المسال ..الخ. وكل قرش يدفعه المواطن زيادة عن هذا السعر هو نتيجة الاتفاقيات السابقة وما نتج عنها. وفي السياق فإن المنازل والشركات التي أقامت شبكات انتاج طاقة متجددة تعامل بما يسمى “صافي العبور” ولا يستبدل الفائض منها بذات المقابل “أي كيلو بكيلو” بل بالسعر فتشتري منهم الشركة فائض الإنتاج بسعر 3 قروش حسب “التكلفة الحقيقة” وتبيعهم بسعر 7 قروش، وهذه معادلة غير عادلة بالمطلق. وفي عين السياق أيضًا ما زالت طلبات لشركات كبرى ومصانع وحتى بلديات بانتاج الطاقة المتجددة تقابل بالرفض!.
عودا على بدأ، فإن تصدير الكهرباء أشبه بالمستحيل، لأن أعلى سعر لإنتاجها في المنطقة هو “3.2 قرش للكيلوواط”، فكيف سيتم التصدير والتكلفة لدينا أكثر من ضعف هذا السعر؟.
على أهمية ما سبق تطرح مجموعة من الأسئلة المرافقة: أهمها لماذا وقعت اتفاقية الغاز؟. وماذا كنا سنفعل في ال2000 ميغاواط الذي كان من المفترض أن ينتجها المفاعل النووي الذي أنفقت عليه الملايين والحمد لله أنه لم يكتمل؟.

ختاما
المواطنون الأردنيون ما زلوا يبحثون عن كِسرة فهم لما جرى ويجري، ومجبرون على دفع مليارات الدنانير سنويا جراء اتفاقيات وعقود أبرمت دون علمهم، في ظل صمت رسمي وحتى عدم وجود أجوبة على تساؤلاتهم وحيرتهم.