النائب واقع وطموح…!

23 يناير 2021
النائب واقع وطموح…!

 الصحفي عمر الصمادي

على مدى عقود من عمر الدولة، تناوب فيها 19 مجلسا للنواب الأردني، تذبذب فيها مستوى الأداء النيابي، وشابها فهم مشوه، انحرف خلالها وبشدة، المسار المناط بموقع النائب عن وجهته الصحيحة، نتيجة لممارسات، كثير من السادة النواب ممن أساءوا الفهم لطبيعة دورهم الدستوري، في الرقابة والتشريع وتعسفوا في استعمال (سلطة النائب) متجاوزين حدود ما أوكل اليهم من واجبات وصلاحيات، الأمر الذي شوه الصورة العامة لمجلس الأمة، وافقده المصداقية والثقة الشعبية نهجا وإرادة.

ولا شك أبدا بأن هذا الانحراف، في بوصلة بعض السادة النواب، رسخ في ذهنية عموم الناس حالة يأس ونكوص، من رغبة النائب أو قدرته على تصويب مسار المجلس عموما، او تغيير الصورة النمطية، مما دفع المواطن ( أيضا ) إلى تعزيز توجه ورغبة، بعضا من السادة النواب، في تقزيم دورهم لينحصر في تقديم الخدمات البسيطة المباشرة، مثل التوسط والتعينات وخدمات كثيرة لا علاقة لها من قريب أو بعيد بالممارسة البرلمانية الدستورية ( رقابة وتشريع ) إلا من رحم ربي من بعض نواب حافظوا على مكانتهم والتزموا بقواعد العمل النيابي كممثلين للشعب كل الشعب دون مغنم او مغرم.

ولان النظام البرلماني الأردني يعتبر من أكفاء الأنظمة البرلمانية، التي ترسخ النهج الديمقراطي، برغم من يدور من احاديث عن العلاقة التي تجمع السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية)، التي يعول الأردنيون كثيرا على تناغمها وانسجامها في اطار من التعاون البناء، يضمن لكل سلطة القيام بواجباتها حسب ما نص عليه الدستور دون استئثار أو تنازع أو خلط، فان الأمل يبدوا كبيرا بهذا المجلس ان يعيد رسم الصورة كما يجب ان تكون ويتوقف النائب عن النظر لموقعة كفرصة وغاية لتحقيق أمور يعلمها كل اردني.

ان ميلاد المجلس النيابي التاسع عشر، الذي جرى تقييمه في مرحلة مبكرة، وقبل ان تنعقد أولى جلساته، بناءا على أراء عامة الناس، وارتكازا على ما أسلفت من صور ذهنية ترسخت لدى الرأي العام، كان سببها الجوهري، قبول بعض السادة النواب الكرام، بتقديم أداء باهت وسطحي مكشوف، اعتمد اقتناص المكاسب الشخصية، وتقديم الخدمات لمن انتخبه حصرا، أو لمن يرى فيهم قوة إضافية تدعم ترشحه للدورة القادة، وبالتالي فان قضايا وطنية كبيرة، مثل الفقر والبطالة والمديونية والفساد وارتفاع الأسعار وغيرها من القضايا الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية، لا يمكن ان تحل من خلال الاستعراض الإعلامي أو العضلاتي والخطب الهادرة الرنانة، ولا بفرد القدرة على السجع والطباق والجدال، التي اصبح الشعب الأردني يشمئز منها ومن أصحابها عندما يقارن بين قوة الصوت وضحالة الفعل على الارض.

وفيما يتعلق بالسادة الأكارم نواب محافظتي (العقبة) الذين اعتز بهم وبها، فإنني أود إيصال رسالة خالصة لوجه الله تعالى، لكي يترك كل واحد منهم بصمات محفورة في الصخر ثابتة باقية، من اجل المدينة الأكثر إفاضة للخير، على خزينة الدولة وعلى مساحة الوطن كله، فقد أفرزت العقبة ثلة طيبة من خيرة أبناءها وقدمتهم كممثلين لهم تحت قبة البرلمان، وقد حملوا على عاتقهم مسؤوليات كبيرة أعانهم الله على أداءها وتحقيق الأهداف التي تتطلع الهيا العقبة كمحافظة، يفترض أنها الأكثر في نسبة النمو الاقتصادي، وكمنطقة اقتصادية خاصة ولدت برؤية ملكية سامية، من اجل ان يلمس المواطن في إقليم الجنوب وفي محافظة العقبة وبقية الوطن ثمار خيرها وتطورها.

وقد اثلج صدري كغيري من أبناء العقبة صورة التلاحم بين السادة النواب الأربعة وانطلاقتهم يدا واحدة، متفقين على استراتيجية واحدة، هدفها الاسمى إعادة الألق للمنطقة الخاصة، وتصويب مكامن الإخفاق هنا أو هناك، ودعم مسيرة التنمية ومتابعة الشأن التشريعي، لإعادة قانون المنطقة الخاصة إلى سابق عهدة، لا بل المطالبة بأجراء تعديلات باتت ضرورية على هذا القانون، لكي تمنح قيادة العقبة الخاصة مزيدا من الصلاحيات، وتكون يدها الطولا في كافة الشؤون المتعلقة، في تعزيز بيئة ومناخ الاستثمار وحماية الاستثمارات القائمة وبالتالي خلق فرص عمل وافرة، وتحسين مستوى معيشة الناس وامتيازاتهم للسكنى والمعيشة في العاصمة الاقتصادية.

وأود هنا التذكير بان الناخب، لم يعد ورقة تنزل في صندوق الانتخاب، أو أسما مدرجا في لوائح الناخبين، أو صوتا قابلا للمقايضة، فلا بد ان يعي النائب انه ممثل للشعب كله، وينوب عنه في مجلس التشريع على كافة الصعد، سندا للدستور الذي حدد اختصاص النائب بالتشريع ورقابة أداء الحكومة، ولم يمنحه سلطة تنفيذية تتيح له التدخل في شؤون إدارية بحتة لوزارة أو أي مؤسسة عامة، وبمجرد ان يتدخل النائب في شؤون إدارة الدولة البحتة، تسقط منه صلاحياته كنائب عن الشعب ويصبح نائبا لدى الحكومة .

ان تمثيل المواطن يقتضي بالدرجة الأولى، الانشغال بالقضايا الرئيسية للوطن، وبذل الجهد للدفاع عنها، ومتابعة الأداء الحكومي والرقابة عليه والمساءلة، وفق الأدوات الرقابية دستوريا وان يعي النائب اختصاصه دون تجاوز أو خلط، بين مهام الحكومة ومهام البرلمان دون تنازع للصلاحيات.

وبالتالي فان النائب يمتلك من السلطة ما يخوله الإحاطة بمكامن التجاوز، من خلال دوره الدستوري الرقابي على الممارسات الحكومية، وكشفها وتقديم مقترحات لتصويبها، عبر توظيف صلاحياته كمعايير أداء وضغط على عمل الحكومة لتصحيح مساراتها بصورة موضوعية.

هي دعوة مفتوحة إلى إدامة التواصل مع القاعدة الانتخابية والأصغاء لها ونقل شجونها ومشاكلها، فالعقبة اليوم في امس الحاجة إلى نواب متوافقين متعاضدين من اجل تحقيق الحلم الملكي كما أراده سيد البلاد جلالة الملك حفظه الله، فان النجاح في استقطاب استثمار واحد يوفر العديد من فرص العمل، افضل بكثير من النجاح في اقتناص فرصة لتعيين شاب واحد على حساب حق شاب أخر.