تنصيب الرئيس تحت بنادق الحرس الوطني…!

17 يناير 2021
تنصيب الرئيس تحت بنادق الحرس الوطني…!

 

أ.د. أمين المشاقبة

 

أول مرة في تاريخ الولايات المتحدة يتم تنصيب الرئيس في هذه الأجواء العسكرية الأمنية خوفاً من اندلاع العنف من قبل مؤيدي الرئيس الخاسر ترامب اليمين المتطرف، والعنصرين البيض، حيث تم توزيع ما يزيد عن 20 ألفاً من قوات الحرس الوطني والشرطة لحماية حفل تنصيب الرئيس جو بايدن، كذلك الأمر في عواصم الولايات الخمسين، إذ شددت الحراسة على المقرات الحكومية خوفاً من الغوغاء والمتطرفين الذين يهددون السلم المجتمعي كما حصل يوم التصديق على نتائج الانتخابات في السادس من الشهر الجاري، وها هو يوم 20 من الشهر الجاري المقرر دستورياً في تنصيب الرئيس الفائز في الانتخابات يأتي وحالة الانقسام المجتمعي قائمة والتحدي والتهديد من العناصر المتطرفة في إثارة الشغب وحتى المسلح منه، وهذه أول مرة في التاريخ السياسي يحدث مثل هذا الفعل والاحتياطات لكي تجري عملية التنصيب بأمن وسلام، وعلى الرغم من اعتقال ما يزيد عن 200 من المتطرفين الذين هاجموا مقر الكونجرس في بداية الأسبوع، إلا أن الأمور جديّة لعاصفة من المؤيدين لترامب التي سوف تزحف نحو العاصمة واشنطن في الفترة الواقعة ما بين 17-19 الجاري للتخريب على مجريات احتفال التنصيب، ومحاولة اغتيال بعض السياسيين والمشرّعين.

إن الحالة الأمريكية الآن هي حالة من الانقسام والتشطّي بين فريقين وحزبين، ولن تنتهي الأمور بسهولة أو سرعة ستبقى آثارها ماثلة لسنوات عديدة إذا لم يتم إعادة اللحمة للوحدة الوطنية والحكم بعدالة ومساواة وتحسين الظروف المعيشية وتقليص معدلات البطالة، وقد أطلق جو بايدن مشروعاً اقتصادياً اجتماعياً بقيمة 1.9 تريليون دولار لإعادة العجلة إلى الطريق الصحيح، وبكل الأحوال سيتم التنصيب للرئيس الجديد مهما كانت الظروف لأن المؤسسة (الدولة العميقة) تريد ذلك ويبدأ فصل جديد.

أما محاكمة الرئيس ترامب ستسير قدماً بعد اتهامه من قبل مجلس النواب بــ 232 صوتاً، لكن هذا الاتهام لا يكتمل إلا إذا صادق عليه ثلثيْ أعضاء مجلس الشيوخ، ولن ينعقد المجلس إلا في 19 من الشهر الجاري، وبهذه الحالة يحتاج الديمقراطيون إلى 17 صوتاً من الجمهوريين لتأييد الاتهام وتحويل الرئيس ترامب إلى المحاكمة حتى لو كان خارج السلطة، وهو الرئيس الوحيد الذي تم اتهامه مرتين من قبل السلطلة التشريعية لمواقفه وإجراءاته وسلوكه السياسي المشين والمتعجرف، ولا تبدو الأمور واضحة في عملية التصويت، إذ صوّت 10 من الجمهوريين في مجلس النواب لصالح الاتهام، فهل سيكون هناك 17 من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ يدفعون بهذا الاتجاه أم لا؟

وبكل الأحوال، فإننا أمام مرحلة جديدة من السياسة الأمريكية على الصعيدين الداخلي والخارجي في العديد من القضايا، وما يهمنا في الأمر أن يكون هناك اعتدال تجاه القضايا العربية وخصوصاً القضية الفلسطينية وإلغاء صفقة العصر الذي يحاول وزير الخارجية الأمريكية بومبيو الإسراع في تطبيقها واستغلال كل لحظة لخدمة اليمين المتطرف الإسرائيلي، وإحداث قرار هو ضم إسرائيل لقيادة المتوسط العسكرية كجزء من المنطقة التي تعطي الأولوية في التدخل ورسم السياسات العسكرية في المنطقة، وأمام هذا كله نحن في الوطن العربي بحاجة إلى خريطة جديدة للنهوض والحفاظ على مصالح شعوب المنطقة وحقوقها، وهذا عهد جديد يجب أن يُبدأ به.