“الوَفَـاءُ بأسمـاء النسـاء” للدكتور محمَّد أكرم النَّدْوِيّ كتابُ القَرْن، وأعجوبةٌ في التأليف

16 يناير 2021
“الوَفَـاءُ بأسمـاء النسـاء” للدكتور محمَّد أكرم النَّدْوِيّ كتابُ القَرْن، وأعجوبةٌ في التأليف

“الوَفَـاءُ بأسمـاء النسـاء” للدكتور محمَّد أكرم النَّدْوِيّ

كتابُ القَرْن، وأعجوبةٌ في التأليف

وطنا اليوم – ادب وثقافة:  زفّتْ بالأمس “دارُ المنهاج” (بجُدّة) البُشْرَى السَّارَّة للمُعتنين بالحديث النبوي في الخافِقَين، بصُدور كتاب “الوفاء بأسماء النساء” في ثلاثة وأربعين مجلَّداً، وهو أوسَعُ كتابٍ في بابه على الإطلاق، بل هو بمثابة موسوعة عالمية ضخمة كَوْنها تجمع بين دَفَّتَيْها تراجمَ قرابة عشرة آلاف امرأة للرَّاويات والعالِمات وأستاذات الحديث النبوي منذ عهد النبيّ صلَّى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا، وهو حقّاً – كما وَصَفه البعضُ – بأعجوبة في التأليف، وكتابِ القَرْنِ، ودُرَّةِ معارض الكتب الدولية لهذا العام.

 

يُلقي هذا الكتابُ من خلال تلك التراجم على إسهام النساء المسلمات في الاعتناء بالحديث النبوي أداءاً وتحمُّلاً، روايةً ودرايةً، تعليماً وتدريساً للرجال والنساء، في كل بلد من بلدان العالَم الإسلامي والعربي عبر القرون الهجرية وتعاقُب العصور وتَوالِي الأزمان. وهذا الجانبُ المهمّ من جوانب الاعتناء بالحديث الشريف قد غفله الباحثون المعاصرون رغم أهميته القصوى، حيث لم يكن هناك كتابٌ أُفرِدَ بالتأليف في هذا الموضوع غير بعض الأبحاث والمقالات.

 

فسخَّر الله تبارك وتعالى للقِيام بهذا العملِ العلميِّ العظيمِ العالِمَ الهنديّ، البحَّاثةَ النَّفَّاعة، المحدِّثَ الْمُسنِد، المؤلِّفَ الْمُكثِر، المحقِّقَ الضليع: الشيخَ محمّد أكرم النَّدْوي، أحد أنبغ تلامذة الإمام أبي الحسن علي الحسني النَّدْوي، ومن خيرة خرِّيجي “دار العلوم – ندوة العلماء” في الهند.

 

لقد بدأ المؤلِّفُ مشروعَ تأليفِ هذا الكتابِ قبل عشرين عاماً، واستمرَّ في العمل به نحو خمسة عشر عاماً، وانتهى من إنجازه قبل خمس سنواتٍ، إلى أنْ تَمَّ صدورُه بالأمس.

 

واستند المؤلِّفُ في رحلة تأليف هذا الكتابِ إلى جميع أنواع كتب الحديث من الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم، كما استند أيضاً في سبيل ذلك إلى عددٍ من كتب الرجال والسير من المطبوعات والمخطوطات، وسافر للحصول على بعض منها إلى بلاد عديدة أثناء مدة العمل في تأليف هذا الكتاب.

 

وقد كتب له المؤلِّفُ مقدمةً علميةً قيمةً تحدَّث فيها عن ذلك الإسهام الجليل في هذا المجال المبارك، والتي قد تُرجِمت بالإنكليزية، ونالتْ إعجاباً كبيراً في الأوساط الدينية والعلمية في الغرب وغيره.

 

أمَّا هدفُ المؤلِّفِ من تأليف هذا الكتابِ فكما أخبر عنه (في حوارٍ أجرتْه معه جريدةُ “الوطن” الإماراتية عام 2014م): “الرغبةُ في تشجيع المرأة المسلمة نحو التعليم والتربية؛ اقتداءً بالعهد الإسلامي الزاهر، ودفاعاً ضِدّ التُّهَمِ التي يوجِّهها المستشرقون بأنّ المرأة المسلمة مظلومةٌ أو مضطهدةٌ”.

 

 

أمَّا شرارةُ البدايةِ، التي أَوْحَتْ للمؤلِّفَ بضرورة البدء في تأليف هذا الكتابِ، فهي مقالةٌ وقعت له في جريدة “التَّايمز” البريطانية عندما قَدِمَ إلى “أكسفورد” – باحثاً في مركز الدراسات الإسلامية فيها – أوائلَ تسعينيات القرن الماضي، وفيها اتِّهامٌ للإسلام بأنه يُعرقِل تعليمَ المرأة….، يقول حفظه الله تعالى: “كنتُ أعرف أنّ هناك نساءً مسلماتٍ روين الحديثَ النبويّ، فجمعتُ تراجمَهن، وكنتُ سأكتفي بمجلَّد أو مجلَّدين لدفع التُّهْمَة. وعند البدء في العمل والاطّلاع على المخطوطات في السعودية وسورية والمغرب والهند وتركيا؛ وجدتُ أنَّ المعلومات كثيرةٌ جدّاً وتحتاج إلى التوسُّع”، الأمرُ الذي دَفَعه إلى التفرُّغ التَّامّ لجمع تلك المعلومات فتحقيقِها وتحريرِها، فتوسَّع فيها أيّما توسُّع، إلى أنْ حَوَتْها مجلَّداتٌ ضخمةٌ تبلغ ثلاثة وأربعين مجلَّداً، فجاء كتابُه على طِراز كتاب “تهذيب الكَمال في أسماء الرجال” للحافظ جمال الدين الْمِزّي (ت742هـ).

 

فهنيئاً للمشتغلين بالحديث النبوي أساتذةً وطُلاّباً، وباحثين ودارسين: صدورُ هذا الكتابِ القيّم النافع، الذي طالما سمعوا عنه وانتظروه طويلاً بفارغ الصبر.

 

أسأل الله تعالى: أن ينفع بهذا الجهد العظيم، ويُجزي صاحبَه خير الجزاء وأوفاه، ووفَّقه وإيّانا بخدمة سُنّة نبيه المصطفى عليه أفضَلُ الصلوات وأتَمُّ التسليم، ويرزقنا فيها الإتقانَ، والإخلاصَ له تبارك وتعالى، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

 

——————————

كتبه / سيد عبد الماجد الغَوْرِي.

كلية دراسات القرآن والسنة.

جامعة العلوم الإسلامية الماليزية.