عشية مناقشات الموازنة، هل نرى طحين النواب ام “جعجعه” بلا طحين

15 يناير 2021
عشية مناقشات الموازنة، هل نرى طحين النواب ام “جعجعه” بلا طحين

نضال ابوزيد

في ظل ما أشار اليه تقرير صادر عن وزارة المالية مساء الخميس بأن عجز الموازنة بلغ 65٪ قبل احتساب المنح الخارجية، تدل التوقعات إلى أن استباق نشر تقرير الموازنه من قبل وزير المالية  المحنك محمد العسعس هي خطوة استباقية تضع النواب امام متاهة الأرقام، فيما يبدو أن رئيس اللجنة المالية الدكتور نمر العبادي يحاول جاهدا الخروج بمقاربة مع مشروع الموازنة ولو على الاقل مفهومة من قبل النواب.

ثمة مؤشرات توحي بأن النواب يتحضرون لمطالب قواعدهم الانتخابية بعيدا عن محاولة بذل جهد لدراسة الموازنه و ارقام العجز والتي يبدو أيضا ان وزير المالية من خلال نشر هذه الارقام مبكرا والإشارة إلى العجز الذي بلغ 65٪ قد أراد إرسال رسالة واضحة بأن المطالب ستكون ضمن الامكانيات المتاحة دون تزلف او تكلف،  بمعنى اخر تقشف غير معلن لحين يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وتتضح معالم المنطقة خلال المرحلة المقبلة ويتضح معها حجم المساعدات التي يمكن او من الممكن أن تصل إلى خزينة الدولة وما هي الأوجه المفروضة على الحكومة الإنفاق بها لأنها مفروضة وليست مطلوبة رسالة يبدو أنه من الصعب على نواب التاسع عشر فهمها وهي تتلخص بأن الإنفاق اجبارياً وليس اختيارياً.

ويبقى تيار البانكرز هو الاقوى في معادلة المعالجة المالية حيث القروض المطلوبة والتي أشار إليها اكثر من قطب اقتصادي وطرحها رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي في أكثر من مناسبة، فيما تتجنب أدوات الدولة المالية وبشكل أدق البنك المركزي اية مناورة مع البانكرز، باعتبار انها قدمت ما عليها خلال جائحة كورونا، فيما الواقع يقول ان حالة التجنب نابعه من كون البانكرز أدوات تأثير قوية تفضل الدولة عدم الاشتباك معها بسبب امتلاكهم أدوات القوة والتأثير.

بالمقابل ضمن اُطر الحالة الاقتصادية، تداول الأردنيين بشغف تولي السفير ألامريكي الأسبق في عمان وليم بيرنز مدير لأهم جهاز امني في العالم وهي وكالة الاستخبارات المركزية، ويمكن تفسير هذا الشغف في تداول خبر بيرنز في عمان!.. لان بيرنز هو من أبرز الداعين لزيادة المساعدات للأردن وصاحب مقولة ” الاردن دولة مهمة في المنطقة ولايجب ان يترك وحيدا “، بمعنى ان الشارع والساسة يتطلعون بارتياح لوصول قيادات امريكية هي بالأساس قد تعزز او تساعد في تعزيز مكانة الاردن الاقتصادية والسياسية في المنطقة، ويبدو أن النواب ومن دار في فلكهم سيتعاملون مع مناقشات الموازنه على اساس ان اجابة سؤال هل الدولارات قادمة؟ ، هي نعم، وهم اي النواب كلهم اوجلهم لايدرك ان المساعدات الأمريكية وغيرها وان جاءت فهي ليست مجانيه.

بالمقابل يربط النواب في مناقشة الموازنه بين اقرارها وبين تلبية الوعود لمطالبهم دون الالتفات إلى واقع الحال المالي وهو مايعني اننا امام مشهد اخر من الخطابات الرنانه التي سنشهدها الأسبوع المقبل في جلسات مناقشة الموازنه، المراد منها استعراض النواب امام قواعدهم الشعبية، فيما ارقام الموازنه لا تقبل القسمة والوضع المالي يزداد تعقيدا والوضع المعيشي بتدهور مستمر فكيف سيتم المقاربة بين الحالة المعيشية للشارع وموازنه أُعلن مبكراُ عن ارقام العجز فيها بنسب مخيفه ماليا، وبين حالة النشوة والاستعراض التي لايزال نواب التاسع عشر يستمتعون بها وراء منصة الخطاب وفي اروقة المجلس يتاملون في حلاوة الكرسي تحت القبة،  والواقع يؤكد ان اغلب النواب سيتعامل مع مناقشات الموازنة وكانها جلسات اعتيادية لن نسمع صخب النقاش ولن نرى ضجيج مناقشات الأرقام لأنهم اي النواب سيصيبهم ملل الأرقام وضجر النسب المئوية من اول جلسة، بعد أن ينجح طاقم وزير المالية المحنك محمد العسعس بادخالهم في متاهة الأرقام التي لايعرف اغلبهم كيف تناقش موازنة دولة تحمل مصير شعب سنة كاملة قادمة.