“فيديو جريمة الزرقاء”

14 أكتوبر 2020
“فيديو جريمة الزرقاء”

د. هيا عاشور 

جامعة الصداقة بين الشعوب/كلية الاعلام/ موسكو

يقول بعض المختصين ان صحفيي الفيديو يمكن ان يقتربوا من الرواية الصحفية، ويطلق على صحفيي الفيديو VJ . مختصرة من مسماها صحافة الفيديو videojournalism

وهم يعملون بشكل أكثر كصناع الأفلام الوثائقية المستقلين، باستخدام القدرة على التنقل للإنتاج الميداني الإلكتروني ،وسهولة الوصول إلى القصص التي لا تكون مواعيد عملها محددة. ومن أمثلة ذلك صحفي الفيديو الذي حاز على الجوائز ساسا بتريسيك، الذي يعمل في نشرة الاخبار اليومية في سي بي سي، ذا ناشونال، ويقوم بعمل المراسلات منفردًا من مختلف أنحاء العالم. وصحفيون فيديو أخرون يقومون بالعمل مع العديد من المنافذ الإخبارية والمحطات التلفزيونية من مناطق الصراعات . والمعدات الصغيرة الخاصة بصحفي الفيديو تسمح له بالتحرك وهو متخفي بشكل أكثر سهولة في المخاطر الشديدة الموجودة في اماكن الصراعات، والوصول إلى الأماكن التي لا يمكن أن تصل إليها طواقم الأخبار التقليدية بدون أن يصبحوا مستهدفين.

ومع انتشار الهواتف الذكية وتمتعها بكاميرات تصوير جيدة جدا ،ومساهمتها باطلاق مفهوم المواطن الصحفي، وصحافة الهواة او صحافة اللجوء،الذي نشط في فترة الربيع العربي .

ولان الصحافة تعتمد كثيرا على المهارات اللغوية والمواهب المتعددة، وبسبب اعتماد هذا الاسلوب من قبل شبكات التلفزة ولانها منخفضة النفقات والتكاليف.

ومع اشتداد قوة تاثير منصات التواصل الاجتماعي، اصبحت الفيديوهات التي تنتشر عبر منصات التواصل الاجتماعي هي اخبار بحد ذاتها.

خاصة اذا اجابت على الاسئلة الاخبارية ماذا What : ماذا حدث؟ ويكشف تفاصيل الحدث،من Who : من هم الأطراف المرتبطة بالحدث؟،متى When : متى وقع الحدث؟ ويحدد زمن وقوع الحدث

أين Where : أين وقع الحدث؟ ويحدد مكان وقوع الحدث،لماذا Why : لماذا وقع هذا الحدث؟ لتفسير أسباب وملابسات الحدث، كيف How : كيف وقع الحدث؟

ولان ناشر الفيديو غالبا هو غير المختص بالصحافة فقد لا يجيب على الاسئلة الستة كلها من خلال الفيديو.

وقد يلحقه عمل المحرر الصحفي الذي قد يلتقط هذا الفيديو وهو يسعى دائما ليضمن الخبر بالإجابات .ويراعي الاصول بالنشر بتغطيه المناظر المؤلمة او يتلاعب بالصورة ليخفف من وقعها على عين المشاهد.

وهذه الفيديوهات كفيديو جريمة الزرقاء، هي الاقوى في التاثير على المتلقي والرأي العام واسرع للنشر والاكثر تصديقا، خاصة اذا كانت تتمتع بالحيادية والمصداقية والموضوعية.

والهدف العام من الصحافة هو توصيل ونقل الاخبار واظهار القضايا العامة التي يتبعها حالة من تكوين رأي عام يساهم بتسليط الضوء على القرارت والسياسات والقوانين وبالتالي تعديلها بما يتناسب مع المصلحة العامة، او نشر حالة من الوعي العام ازاء امر ما.

وفي حالة تم استخدام هذه الفيديوهات من قبل ناشرها بالابتزاز والتشهير من اجل الكسب والتربح أفقدت هذا الصنف من الإعلام مصداقيته واستقلاليته ونزاهته.

وقد تستخدم مثل هذه الفيديوهات لممارسات العلاقات العامة ،بطرق مبتكرة لتغذية وسائل الإعلام في المحتوى الرقمي، بالمادة الإعلامية التي لا تمت للمهنية بصلة، اذا اتت دون سياقها التحريري الاخباري ،ولم تنطوي على أية مسؤولية تجاه المواطن والمجتمع، وما لحق هذه الجرائم في الفيديوهات من اجراءات وعقوبات ومحاكمات. يكون كل ما قدمته هو تنميط وصورة ذهنية عن مجتمع ما، وربطه بالجريمة .

وبرأي حول نشر مثل هذه فيديوهات او الملاحقة القانونية لناشرها ومصورها، خاصة اذا كان غير المختص بالصحافة، يجب ان ينظر الى الامر بضمان التوازن بين حقوق الفرد والمجتمع وحق الصحفي او المواطن في حرية التعبير والابلاغ والاخبار وطلب النجدة والمساعدة وتوضيح الاحداث والمُلابسات وغيرها ،من خلال مجالس صحفية ولجان إعلامية مستقلة وذات مصداقية، وتنص على قوانين تكون دعائم لاخلاقيات العمل الاعلامي ،دون أن يعني ذلك طبعًا استبعاد دور القانون والامن في تقيم هذه الفيديوهات وضبطها ومراقبتها وربما من خلالها يتم تتبع مسرح الجريمة وادواتها مما يساعدهم في تتبع الخطوات لملاحقة المجرمين والامساك بهم .