بكين تزيد ضغوطها على “علي بابا”

25 ديسمبر 2020
بكين تزيد ضغوطها على “علي بابا”

وطنا اليوم – صار جاك ما أشهر رجل أعمال في الصين ورمز الشخص العصامي في نظر مواطنيه، لكنه يواجه اليوم نقمة السلطات الصينية التي تبدو مصممة على أن تقطع عليه الطريق.

 

وكان الأستاذ السابق للغة الإنجليزية الذي تقاعد رسميا من مجموعة علي بابا العملاقة للبيع بالتجزئة على الإنترنت العام الماضي، يأمل في أن تتخطى ثروته 70 مليار دولار مع طرح مجموعة آنت الأولى عالميا للدفع على الإنترنت، في بورصتي هونغ كونغ وشنغهاي.

 

والثلاثاء، أعلنت سلطات الوصاية تعليق العملية وقيمتها 34.4 مليار دولار، لأن هذه السلطات متقلقة من أنشطة عمليات الدفع الإلكتروني لعلي بابا. وتكون بذلك وجهت ضربة قاسية إلى جاك ما (56 عاما) الذي يبقى المساهم الأول في المجموعة التابعة لعلي بابا.

 

وفي الساعات الأخيرة تراجع سهم علي بابا في بورصتي وول ستريت وهونغ كونغ، مهددا بمحو لقب صاحب أكبر ثروة في الصين وفقا لترتيب وكالة بلومبرغ للتصنيف الائتماني.

 

وشكّل ذلك ضربة للملياردير الذي ساهم في تحول الصينيين إلى الشراء عبر الإنترنت من خلال تأسيس علي بابا في 1999.

 

34.4

مليار دولار قيمة طرح آنت غروب الذي علقته الوصاية الصينية، ما يمثل ضربة لعلي بابا

 

ويسرد الإعلام الصيني بداياته، إذ نشأ في أسرة فقيرة، وبالكاد كان يستطيع والده تأمين حاجاتها، ولم يكن متفوقا في دراساته وكان يقوم بوظائف إلى أن أسس علي بابا من شقة في هانغزو بمبلغ قيمته 60 ألف دولار اقترضه من أصدقاء.

 

وقرر جاك ما التوقف عن التعلم في الجامعة بعد أن اكتشف الإنترنت خلال زيارة للولايات المتحدة، واستغلّ فكرة إمكانية أن تبيع الشركات منتجاتها إلكترونيًّا.

 

كما أدرك على الفور الإمكانات الهائلة التي توفرها الهواتف الذكية، وبفضل خدمته “علي بلاي” صار أول من قدم خدمة الدفع الإلكتروني على هذه الهواتف.

 

وقال لشبكة “سي.أن.أن”، “في المرة الأولى التي استخدمت فيها الإنترنت كتبت على لوحة المفاتيح وقلت لنفسي: هذا شيء سيغير العالم والصين”.

 

وفي 2006 أرغمت عملية بدء تشغيل منصة علي بابا الإلكترونية مجموعة “أي باي” الأميركية على الانسحاب من السوق الصينية، ما فتح الباب واسعا أمام منافستها.

 

وأطوار جاك ما الغريبة، والذي يقارن أحيانا بكائن فضائي، تبرز في العالم الرتيب للمقاولين الصينيين؛ ففي 2017 صعد إلى خشبة المسرح متنكرا بزي مايكل جاكسون خلال حفل أقامته مؤسسته.

 

ورغم ذلك فهو عضو في الحزب الشيوعي الصيني الحاكم.

 

من دافوس إلى وول ستريت، قابل كبار شخصيات العالم ووعد دونالد ترامب بإنشاء مليون وظيفة في الولايات المتحدة في يناير 2017 عندما كان الملياردير الأميركي يستعد لدخول البيت الأبيض.

 

لكنه تخلف لاحقا عن وعده متذرعا بالحرب التجارية التي شنها الرئيس الأميركي على بلاده.

 

وفي سبتمبر 2018 أعلن جاك ما أنه سيتقاعد في 2019 في عيد ميلاده الـ55. وينوي تخصيص وقته لأعمال خيرية في مجال التربية على غرار مثله الأعلى مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس.

 

ونجاحاته التي لا حدود لها أكسبته عداوات في الأوساط القيادية للنظام الشيوعي ما قد يفسر القرار الذي اتخذته الثلاثاء السلطات.

 

وعلى جاك ما ربما إعادة النظر في مدونة السلوك التي عرضها في منتدى دافوس في 2017 عندما قال آنذاك “تكمن فلسفتي في أن أعشق السلطة لكن دون أن أصل إلى حد الارتباط بها”.

 

وفي وقت سابق فرضت الهيئة الصينية لتنظيم السوق “سامر” غرامة على مجموعة علي بابا وشركة مدعومة من تينسنت بسبب عدم تقديم التصريحات المناسبة للسلطات بشأن عمليات الاستحواذ السابقة.

 

وجاءت الغرامات بصفتها إشارة أخرى إلى أن بكين تتخذ موقفا أكثر صرامة من شركات التكنولوجيا الكبرى في البلاد.

 

قطع طريق “علي بابا”

قطع طريق “علي بابا”

وحذرت الصين شركات الإنترنت الاثنين من أنها لن تتسامح مع الممارسات الاحتكارية وأن تستعد للمزيد من التدقيق، حيث فرضت غرامات وأعلنت عن تحقيقات في صفقات تشمل علي بابا.

 

وقالت إدارة الدولة لتنظيم السوق “سامر” إنها فرضت غرامة على علي بابا وشينا ليتيراتور المدعومة من تينسنت وهيف بوكس بقيمة 76464 دولارا لكل منها لعدم الإبلاغ عن الصفقات السابقة بشكل صحيح من أجل مراجعات مكافحة الاحتكار.

 

ويشير تحرك “سامر” بالرغم من القيمة الصغيرة للغرامات إلى نيّة المنظمين الصينيين تنظيم شركات التكنولوجيا، التي نما العديد منها إلى حد كبير دون عوائق على مدى السنوات القليلة الماضية، وتحولت إلى أجزاء رئيسية من الحياة اليومية في الصين.

 

ونشرت “سامر” الشهر الماضي مسودة للقواعد تتطلع إلى وقف الممارسات الاحتكارية لمنصات الإنترنت، ومثلت المسودة أحد المقترحات الأكثر شمولا في الصين لتنظيم شركات التكنولوجيا الكبيرة.

 

وتتعلق قضايا “سامر” بخطوة علي بابا للاستحواذ على الحصة الكبرى في مشغل المتاجر المتعدد الأقسام إين تايم، واستحواذ شينا ليتيراتور على ميديا نيوكلاسيك، واستحواذ هيف بوكس على شينا بوست سمارت لوجستيك.

 

ومع ذلك، لم تقيّد سامر أيا من عمليات الاستحواذ أو تلغيها، وذلك لأنها لا تلغي المنافسة وتنبع الغرامات من عدم قيام الشركات بتقديم الأوراق المطلوبة بموجب قوانين الاحتكار الحالية بشكل صحيح.

 

وقالت سامر في بيان نُشر عبر الإنترنت إن “منصات الإنترنت ليست خارجة عن رقابة قانون مكافحة الاحتكار”، في تعليق يستمر في تنبيه عمالقة الإنترنت بالصين.

 

وبالإضافة إلى ذلك، قالت سامر “إنها تراجع وتحقق في الصفقات الأخرى بناء على المعلومات التي تفيد بأن البعض من الشركات استحوذت على قدر كبير من القوة التشغيلية في قطاعات معينة، وهي عملية تتوقع أن تكون طويلة وتشمل عددا كبيرا من الشركات”.

 

ويذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تفرض فيها بكين غرامة على أي شركة إنترنت لانتهاكها قانون مكافحة الاحتكار لعام 2008 من خلال عدم الإبلاغ عن الصفقات بشكل صحيح.