درعا وبيت جن والقصير : مركز حزب الله اللبناني لتجارة وتهريب المخدرات

9 ديسمبر 2020
درعا وبيت جن والقصير : مركز حزب الله اللبناني لتجارة وتهريب المخدرات

وطنا اليوم – نضال العضايلة – حولت المليشيات الإيرانية واللبنانية، وعلى رأسها مليشيات حزب الله، محافظة درعا جنوبي سوريا، إلى مركز لتجارة وتهريب المخدرات داخليا وخارجيا نحو دول الجوار كالأردن والعراق.

يعتمد حزب الله اللبناني في عمليات التهريب على طريقين رئيسيين؛ الأول في منطقة “بيت جن” في ريف دمشق الغربي على الحدود مع لبنان والآخر في ريف حمص بمنطقة القصير.

تتم عملية النقل عن طريق مهمات يحصل عليها الحزب من الفرقة الرابعة التابعة للجيش السوري، وتسمى “ترفيق” لضمان عدم تفتيش الشحنات على الحواجز العسكرية، ويرافق الرتل مجموعة من عناصر الفرقة الرابعة لضمان وصول المواد دون أي اعتراض من الحواجز، وأما في ما يخص القسم الآخر من التجار، وهم التجار المحليون والذين تكمن مهمتهم في تسويقها في المنطقة الجنوبية، وبعد تسويق المواد يتم تسليم المبالغ للمسؤول المالي لمليشيا حزب الله “محمد جعفر” الملقب بالحاج فادي.

لم يعد «حزب الله» اللبناني مجرد حاضنة للإرهابيين وسلة لتجمع «الفاكهة الفاسدة»، بل تحول مع مرور الوقت إلى أداة من أدوات التخريب في المنطقة والعالم، ولم يكتف بما يتلقاه من أموال من ربيبته إيران، التي لطالما تفاخر زعيمه حسن نصر الله بأنه يتلقى أمواله منها، بل مد نشاطه الإرهابي إلى تجارة المخدرات والممنوعات، حتى وصل إلى قارة أمريكا الجنوبية، والهدف واضح، ويتمثل في تمويل الحرب التي يخوضها في سوريا، وتمويل الجماعة الحوثية المرتبطة بإيران في اليمن، خاصة بعد أن بدأت العقوبات تفعل فعلها في مفاصل نظام الملالي في إيران، لكن الحزب لا ينطلق من زاوية تكاليف الحرب فقط، بل من قاعدة تنويع تمويله، حتى وإن كانت عن طريق الاتجار بالممنوعات والمخدرات، التي صارت تملأ خزائنه في الفترة الأخيرة.

ولم تنطلِ حيل «حزب الله» على العالم، بالادعاء أنه يحصل على تمويل نشاطاته من مشاريع خيرية ومتبرعين بعد إدراج شخصيات لبنانية عدة على لوائح الإرهاب، فقد تأكد للكثير من دول العالم أن الحزب يتعمد ممارسة التضليل للتغطية على حقيقة النشاط الذي يقوم به، المتمثل في تجارة المخدرات، وهو ما أماطت اللثام عنه وسائل إعلام دولية فضحت ما يقوم به من وراء هذا الاتجار غير المشروع.

يكشف تقرير لمجلة «ذا بوليتيكو» الأمريكية في شهر ديسمبر/‏‏‏ كانون الأول الماضي أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ارتكبت عدداً من التجاوزات؛ من أجل إبرام الاتفاق النووي مع إيران، كان من بينها غض واشنطن الطرف عن عمليات تهريب المخدرات وغسل الأموال، التي تجريها ميليشيا «حزب الله» داخل الأراضي الأمريكية. ورغم إطلاق مكتب مكافحة تهريب المخدرات الأمريكي مشروع «كاساندرا» عام 2008؛ لاستهداف عمليات «حزب الله» غير الشرعية، إلا أن سلسلة من العقبات وضعتها إدارة أوباما حالت دون التمكن من ملاحقة أنشطة الحزب، وأدى ذلك إلى المساهمة في تعاظم قوة الميليشيات الإرهابية من الناحية المالية والعسكرية في آن واحد؛ إذ تجني ثلث ثروتها تقريباً من تهريب وتصنيع وبيع المخدرات، بحسب العضو البارز في لجنة المال بمجلس النواب ديفيد آشر.

يقول آشر، وهو أحد مؤسسي مشروع «كاساندرا»، إن قرار إبعاد ممارسات «حزب الله» عن الضوء والملاحقة جاء بإيعاز سياسي، ويتهم التقرير وزارتي العدل والمالية في إفشال ملاحقات قضائية واعتقالات، بحق مدانين من الحزب بإيعاز من الإدارة العليا من خلال المماطلة والتأخر وبرفض تلك الطلبات. ومن بين الملاحقات التي تم توقيفها من قبل إدارة أوباما، كانت لواحد من أكبر المشغلين لميليشيا «حزب الله»، الذي يعد من كبار مهربي مادة الكوكايين، وداعمي رئيس النظام السوري بشار الأسد في سوريا بالمال والأسلحة الكيمياوية والتقليدية، وكان يطلق عليه اسم «الشبح»، وتؤكد التقارير أنه بعد توقيع الاتفاق النووي تم تفكيك مشروع «كاساندرا».

ثلث الدخل من المخدرات

تشير تقديرات لبحوث ودراسات إلى أن الدخل السنوي من تجارة المخدرات التي يقوم بها «حزب الله» يقدر بمئات الملايين من الدولارات، ويفوق الميزانية السنوية التي يحصل عليها الحزب من إيران والمقدرة بـ 320 مليون دولار،ففي عام 2009 أعلنت هولندا عن اعتقال 17 شخصاً يشكلون شبكة دولية لتهريب المخدرات مرتبطة بالحزب، ونقلت نحو 2000 كيلوجرام من الكوكايين بين دول عدة خلال عام واحد، وأرسلت الأرباح إلى لبنان، ويورد تقرير نشرته مجلة «دير شبيجل» الألمانية عن وصول محققين لدلائل بأن «حزب الله» يمول عملياته من تجارة المخدرات في أوروبا، وقد ظهر ذلك للمرة الأولى عندما تم اعتقال عائلة لبنانية يشتبه في أنها هربت مبالغ كبيرة من عوائد تجارة الكوكايين إلى لبنان عبر مطار فرانكفورت، وسلمتها لشخص على علاقة بالدوائر العليا لـ «حزب الله».

وبدوره يكشف «معهد رند» الأمريكي عن منظمات إجرامية تعمل في المثلث الحدودي للبرازيل والأرجنتين والباراجواي، تمول أنشطة «حزب الله»، مشيراً في تقرير له إلى أن ملايين الدولارات يتلقاها الحزب من شخص يدعى أسد أحمد بركات، المدرج على لوائح الإرهاب الأمريكية، والمعروف بتعاملاته في مجال المخدرات، الذي حصل على خطاب شكر من أمين عام الحزب حسن نصر الله شخصياً؛ لتبرعه السخي لـ«صندوق شهداء المقاومة».

شواهد داخلية

إضافة إلى بركات، ضمت لوائح الإرهاب الأمريكية منذ عام 2006 صبحي فياض لتورطه بتجارة المخدرات لمصلحة «حزب الله»، وفايد بيضون، الذي اعتقل في مطار ميامي الدولي عام 2008 للسبب نفسه، قبل أن يعلن مجلس النواب الأمريكي أن تجارة المخدرات تشكل 30 % من مداخيل «حزب الله»، فيما أقر مجلس الشيوخ في 2005 مشروع قرار طالب بإدراج الحزب كمنظمة تهريب مخدرات أجنبية ومنظمة إجرامية عابرة للحدود.

يستخدم «حزب الله» ذريعة المؤامرة ضده. فتأتي الشواهد داخلية فجة؛ إذ أوقفت الجمارك اللبنانية في مارس/‏ ‏‏آذار 2012 عبر مرفأ بيروت آليتين لتصنيع «الكبتاغون» المادة الأكثر رواجاً في سوريا، وتكشف التحقيقات عن وجود مستودع لتصنيع تلك الحبوب في «الشويفات» على أطراف ضاحية بيروت الجنوبية، أما الأبرز فتورط 10 أشخاص بينهم شقيقا النائب عن «حزب الله» حسين الموسوي، واثنان من آل المقداد.

ويترافق كل ذلك مع غياب تام لأجهزة الدولة اللبنانية عن حقول البقاع الشمالي، التي تزرع بحشيشة «الكيف» و«الخشخاش»، فيما يعين تاجر المخدرات نوح زعيتر قائد كتيبة في لواء القلعة، الذي تشكل لمحاربة من سماهم «حزب الله» بالتكفيريين، فيطل عبر الإعلام متوعداً بمسح بلدة الزبداني في سوريا.

مشهد لبنان وخلافاً للعادة، يجد نقيضه في إيران؛ فنائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والعائلة، كشفت عن إعدام جميع رجال إحدى قرى إقليم بلوشستان جنوب شرقي البلاد؛ لإدانتهم بتهمة تجارة المخدرات. وهكذا تتغير فجأة قواعد ولاية الفقيه، التي اعترف أمين «حزب الله» أنه أحد جنودها بين إيران ولبنان، فيدرك المعارضون للحزب فداحة الخطأ في وصفه «دويلة في قلب دولة»، فيبدو الأصح أن الدولة غابت وبقيت الدويلة.

أمريكا الجنوبية

الخط البياني لاستفادة «حزب الله» من تجارة المخدرات، أن شبكات الحزب أصبحت تمتلك نشاطاً رهيباً في أمريكا الجنوبية، وأمريكا الوسطى والمكسيك، وتمتد إلى أنحاء أخرى في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا وغرب إفريقيا، فضلاً عن لبنان والبلدان العربية. وفضائح «حزب الله» في الاتجار بهذه السموم والترويج لها، أكثر من أن تحصى. ففي يونيو/‏‏‏ حزيران 2005 تناقلت وكالات الأنباء خبر نجاح السلطات في الإكوادور في إلقاء القبض على شبكة دولية لتهريب المخدرات، يديرها صاحب مطعم لبناني في العاصمة كويتو، اسمه راضي زعيتر، اعتقل مع ستة آخرين. وكانت هذه العصابة تقوم بتمويل «حزب الله» بما نسبته 70 ٪ من أرباحها، وتزامن ذلك مع إعلان ألمانيا والبرازيل إلقاء القبض على أكبر مافيا لتهريب المخدرات في العالم يقودها 20 لبنانياً، ينحدرون من عائلة واحدة!.

في ديسمبر/‏‏‏ كانون الأول 2006، قامت وزارة الخزانة الأمريكية بإدراج المدعو صبحي فياض كـ «إرهابي» مصنف وهو من كبار مسؤولي «حزب الله» في منطقة الحدود الثلاثية (الأرجنتين والبرازيل وباراجواي)، وقد خدم كضابط اتصال بين السفارة الإيرانية ومؤيدين لـ «حزب الله» في تلك المنطقة، كما سبق لفياض، الذي يعد من ناشطي «حزب الله» المحترفين أن تلقى تدريباً عسكريّاً في لبنان وإيران، وشارك في أنشطة غير مشروعة تتعلق بالاتجار بالمخدرات وتزوير الدولارات الأمريكية.

وفي أغسطس/‏‏‏ آب 2008، اكتشفت الولايات المتحدة، بالتعاون مع محققين في كولومبيا، عصابة دولية مكونة من كارتل مخدرات في كولومبيا وأعضاء من «حزب الله»؛ لتهريب الكوكايين وتبييض الأموال، كان مقرها خارج كولومبيا، وقامت بتفكيكها. وكانت تقوم باستخدام أجزاء من أرباحها التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات سنويّاً؛ لتمويل عمليات«حزب الله»في الخارج.

وفي العام ذاته ألقي القبض على المدعو فايد بيضون، من أنصار«حزب الله»، وهو معروف تحت اسم«ميغال غارسيا» في مطار ميامي الدولي. وبيضون ينتمي لعائلة معروفة بتأييدها لـ«حزب الله»، وهو يحمل عدة جوازات سفر، وكان يعمل على تهريب كميات من الكوكايين يعود ريعها لمصلحة«حزب الله»، وهو حاليّاً قيد المحاكمة.

وكانت الـ«واشنطن تايمز» نشرت في مارس/‏ ‏‏آذار 2009 إفادات لمسؤولين يؤكدون فيها ضلوع «حزب الله» في عمليات تهريب مخدرات جنوبي الولايات المتحدة عبر استخدام نفس طرق التهريب، التي يستعملها تجار المخدرات والمهربون المكسيكيون، الذين يشكلون تكتلاً للمافيا في هذه المنطقة من العالم؛ وذلك بناء على تصريح مايكل براون، المساعد السابق للمدير العام لوكالة مكافحة المخدرات ورئيس العمليات الحالي فيها. وقد أكد هذا الحديث ستة من المسؤولين الآخرين الضالعين في قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب والقانون والدفاع. وقال براون:«إن حزب الله يستخدم مغتربين من لبنان في الخارج؛ للتفاوض على عقود مع أرباب الجرائم المكسيكية».

شبكات في أوروبا

في إبريل/‏‏‏ نيسان 2009 أعلنت السلطات الأمنية الهولندية في بيان لها، أنها تمكنت من إلقاء القبض على 17 شخصاً ينتمون إلى شبكة دولية لتهريب المخدرات مرتبطة بـ«حزب الله»، وأن هذه الشبكة قامت بنقل شحنات من مادة الكوكايين المخدرة بين دول عدة من ضمنها فنزويلا وبلجيكا وإسبانيا والأردن؛ حيث تشتبه السلطات بأن المجموعة تاجرت بنحو 2000 كيلو جرام من الكوكايين خلال عام واحد.

وكان محققون من سلطات الجمارك الألمانية بالتعاون مع محققين من الشرطة الجنائية، ألقوا القبض على شخصين من عائلة لبنانية في أكتوبر/‏ ‏‏تشرين الأول 2009 تعيش في مدينة شباير، يشتبه في أنها هربت مبالغ كبيرة من عوائد تجارة الكوكايين في أوروبا إلى لبنان عبر مطار فرانكفورت، وسلمتها لشخص على علاقة وثيقة بالدوائر العليا بـ«حزب الله» وأمينه العام حسن نصر الله، ذكرت ذلك مجلة «دير شبيجل» في تحقيق نشرته على موقعها الإلكتروني في يناير 2010، التي أشارت إلى أن التحقيقات مع المعتقلين اللبنانيين أثبت خضوعهما لدورات تدريبية في قواعد تابعة لـ«حزب الله»، فيما نفى أحد أبناء العائلة ما نسب للمعتقلين من تهم.

تورط قيادي بارز

وكشفت وسائل أعلام أرجنتينية، أن اللبناني الذي جرى القبض عليه في مطار ايزيزا الدولي في العاصمة بيونس أيريس، الذي حاول الدخول بجواز سفر بارغواني مزيف تحت اسم محمد جليل السيد، تبين أنه جليل المحمد القيادي في «حزب الله» اللبناني والمطلوب من قبل وزارة العدل في الولايات المتحدة ووكالة مكافحة المخدرات للاتجار غير المشروع بالمخدرات وتهم تتعلق بالإرهاب.

ونقلت صحيفة «أنفو بايي» الأرجنتينية عن مصادر أمنية في بيونس أيريس، أن جليل المحمد الذي ينحدر من منطقة البقاع البنانية، الذي كان يعيش بين البرازيل وباراغواي منذ عشر سنوات، ويشرف على أنشطة «حزب الله» في منطقة المثلث الحدودي بين البرازيل والأرجنتين وباراغواي، منسقاً لعمليات التهريب والتبييض والتجنيد واستقطاب الدعم لفائدة الحزب، خاصة بين أبناء الجالية اللبنانية، أو المهاجرين من أصل لبناني في المنطقة.

ووفقاً لمصادر تعمل في التحقيق مع جليل المحمد أنه عرض التعاون وتبادل المعلومات مع السلطات في الأرجنتين حول المهام التي كان يقوم بها إلى جانب تعاونه في الإخبار عن المتواطئين معه في الدول الثلاث بشرط عدم تسليمه للولايات المتحدة أو البرازيل.

يشار إلى أن جليل المحمد بجانب مطالبة واشنطن بالقبض عليه وتسليمه إليها لنشاطاته الإرهابية وتجارة المخدرات لمصلحة الحزب هو مطلوب أيضاً لدى سلطات الأمن في البرازيل، التي تتهمه بإدارة شبكة كبرى تخصصت في تزوير بطاقات الائتمان والسحب البنكي عليها فيما تلاحقه السلطات في باراغواي لضلوعه في تجارة وتهريب الأسلحة.
وبحسب الصحيفة أن جليل المحمد وعد أجهزة الأمن الأرجنتينية بمدها بقوائم اسمية ومعلومات دقيقة عن نشاط الشبكات الإرهابية والإجرامية التي كان يعمل من خلالها في المثلث الحدودي، مقابل قضاء مدة عقوبته في العاصمة بيونس أيريس والامتناع عن تسليمه إلى أي دولة أخرى.

بوابة «حزب الله» للمخدرات

تعتبر كولومبيا موئل أباطرة المخدرات المحطة الأبرز في عمليات «حزب الله» غير المشروعة في أمريكا اللاتينية. وقد أعلنت دونا مايلز المتحدثة الصحفية باسم الشرطة الإكوادورية في بيان صحفي في يونيو 2005 أن إيران تعزز من وجودها في أمريكا اللاتينية، وتقوم برعاية تجارة المخدرات بالتعاون مع «حزب الله»، وذلك من البوابة الكولومبية.
وفي أكتوبر 2008، كشفت السلطات الكولومبية أنها ضبطت شبكة لتهريب المخدرات وغسل الأموال، بينهم ثلاثة أشخاص يشتبه في أنهم كانوا ينسقون عمليات لتهريب المخدرات لإرسال بعض أرباحها إلى جماعات مثل «حزب الله، مستخدمين طرقًا عبر فنزويلا وبنما وجواتيمالا والشرق الأوسط وأوروبا لجلب الأموال من بيع هذه المواد المخدرة.