مزدوجو الشخصية….مزدوجو الهوية

8 ديسمبر 2020
مزدوجو الشخصية….مزدوجو الهوية

 

بسام الياسين

ازدواجية الشخصية هي التعايش بشخصيتن متناقضين في آن واحد، بينما ازدواجية الرؤية، رؤية صورتين لذات الشيء في ذات الوقت .اسباب الازدواجية الرؤيوية كثيرة ،اهمها حَوَلٍ البصر،إعتامً عدسة العين، ورم خبيث في الدماغ….فيما ازدواج الشخصية اضطراب نفسي حاد يضرب الذات الانسانية،فيتّولد منها اكثر من شخصية،هو ما يعرف في علم النفس بـ ” اضطراب الهوية الانشقاقي”،اذ ان لكل شخصية سلوكها المنفرد،رؤيتها المغايرة للقضية الواحدة عن الشخصيات الاخرى.

مزدوج الشخصية طبياً مريض، و بالتالي له اعذاره الاجتماعية، القانونية، الاخلاقية التي تبرر تصرفاته المتناقضة. مكانه ،مصحة نفسية كي لا يؤذي نفسه و الاخرين الى ان يبرأ من مرضه،و يتحرر من شخصياته الزائفة التي يعيشها او تعيش فيه… ـ حمداً لله ـ ان ازدواج الشخصية ـ من الامراض القليلة لكن المشكلة في الانتهازيين السياسيين الذين يتقمصونها للوصول لمآربهم الشخصية.

لذلك اشتهرت سينمائياً، وجرى العبث بها بعيداً عن العلم. مكمن الخطورة في الازوداجية حين تلعبها شخصية سوية،ذات قدرة بارعة على خداع الناس.هي لا تعاني من خلل نفسي ،انما تلعبها بدهاء مرسوم ومكر مدروس للحصول على مكاسب مادية،معنوية،إقتصادية،اجتماعية،سياسية.واحدهم يتظاهر بالمثالية،وهو خسيس،.يدعي الوطنية وهو مطبع، يتظاهر بالتدين وهو فاجر. يدافع عن حقوق المرأة وهو زير نساء..

يتحدث عن الطهارة الوظيفية و يده ممدودة تحت الطاولة لتلقي الرشوة .يسرف في الدفاع عن العروبة و الاسلام لكنه على استعداد لبيعهما للحصول على منفعة.بارع في العمالة لذكائه المفرط، لا ينكشف بسهولة كالجاسوس اليهودي “الياهو كوهين” الذي اعدم في ساحة المرجة بدمشق اواسط الستينيات من القرن المنصرم،حيث كان يجن جنونه اذا طعن احد برسولنا الكريم او ” سب الدين” من اصدقائه السوريين المسلمين امامه، لتكتمل اللعبة.ولولا لم ينكشف لحمل حقيبة وزراية . .

خطورة المزدوج تكبر، كلما كبر موقعه، وكان مؤثرا، لانيحازه لمصلحته على حساب المصلحة العامة.اذ ان من المستحيلات المستحيلة استقرار الولاء عنده . لذلك قيل اذا كان الشرف يقتضي الانتساب لاب واحد،فمن الشرف الانتساب لوطن واحد.فحب الوطن فطرة إنسانية في السوي لما فيه من عمق وجداني، لكن المزدوج لا اب له.لذلك لا يرتبط الا بنفسه ويعيش عالة على غيره كفايروس الكورونا ولا يتركه حتى يوسده قبره.

في الاخطار يندفع الوطني للتضحية،بينما ” المزدوج ” يغادر البلاد على اول طائرة مغادرة .هنا يتميز المنتمي عن اللا منتمي بان الاول يلتصق بارضه والثاني يطير من فوقها.انصافاً للحقيقة ان الدولة العربية القمعية الاستبدادية، ساهمت في ” تطفيش” الكثير من ابنائها البررة، اما بتضييق لقمة الخبز عليهم او مطاردتهم وقلب حياتهم الى جهنم،فاضظروا للهجرة بحثاً عن السلامة والحرية. اما مزدوج الشخصية امره مختلف.هو ينعم بخيرات بلده،من مال،نفوذ،سلطة،.ورغم هذه المكتسبات ينظر لوطنه كفندق للاقامة او مشروع استثماري للتجارة.هنا تكمن ذروة الوصولية،و مقتل الدولة في الاعتماد على هؤلاء المرتزقة.

الدرس الابلغ في حب الوطن تعلمناه، من قدوتنا سيدنا محمد صلوات الله عليه،عندما خرج من مكة المكرمة تحت ضغط ” لوبي عتاولة الكفر”، نظر اليها كسيراً، قبل ان تغرب عن عينيه وقال :” انتِ احب بلاد الله الى الله،و انت احب بلاد الله اليَّ،ولو ان المشركين اخرجوني لن اخرج منك…….. ” . المفكر الاسلامي الدكتور محمد السماك يروي درساً في الدهاء المتبادل بين اليهود والانجليز حيث يقول : ـ في عام 1982 عينّ مناحيم بيغن رئيس وزراء العدو تعيين سفيراً ( لاسرائيل ) في لندن.فاختار مواطناً انجليزياً يدعى غوبي هافيز. وعندما قدم اوراق اعتماده للملكة اليزابيت قالت له :ـ هذه المرة الاولى، اتسلم فيها اوراق اعتماد مواطن انجليزي سفيراً لدولة اجنبية….في اليوم التالي سلم ” غوبي” جوازه الى وزارة الخارجية البريطانية،وحمل جوازه الاسرائيلي باسمه العبري ” ايهود افنير”. فخرج من ثنائية الولاء. فهل يفعلها “اهل التقية السياسية العرب”،باستلهام شجاعة اليهودي،في الكشف عن بشاعة وجوههم ؟!.