طبول الحرب الأهلية تدق .. كيف يستعد الأمريكيون لحماية الأرواح والممتلكات

11 أكتوبر 2020
طبول الحرب الأهلية تدق .. كيف يستعد الأمريكيون لحماية الأرواح والممتلكات

وطنا اليوم:الشركات الأمريكية، وحكومات المدن والولايات، وحتى أجهزة الشرطة المحلية والفيدرالية تضع خططها النهائية لمواجهة تصاعد العنف والاضطرابات مع اقتراب يوم التصويت الأخير في الانتخابات الرئاسية، فهل الأمر فعلاً بهذه الخطورة؟

جماعات تحظى بدعم رئاسي
منذ القبض على الخلية التي كانت تخطط لخطف حاكمة ميشيغان غريتشن ويتمر، أصبح خطر اليمين المتطرف الداعم للرئيس دونالد ترامب يشكل كابوساً حقيقياً للمسؤولين عن العملية الانتخابية في البلاد بشكل خاص، ولأصحاب الشركات ورجال إنفاذ القانون والمواطنين بشكل عام.
فغالبية الرجال الـ13 الذين تم القبض عليهم يتبعون أيديولوجيا مجموعة “بوغالو” اليمينية المتطرفة، وغالبتيهم كانوا أعضاء في مجموعة محلية مسماة “وولفرين واتشمِن”، وتهدف مجموعة “بوغالو” التي تضم نازيين جدداً وفوضويين من اليمين المتطرف إلى إسقاط الحكومة عن طريق الحرب الأهلية، ويعرف مؤيدوها بارتداء قمصان هاواي الزاهية فوق الأزياء العسكرية.
وشارك العديد من أعضاء “وولفرين” بالتظاهرات المناهضة للقيود في ميشيغان، التي فرضتها الحاكمة غريتشين ويتمر، معتبرين أنها انتهاك لحقوق الإنسان، وهم غالباً ما يحملون السلاح “استعداداً لما يسمونه بوغالو، في إشارة إلى تمرد عنيف ضد الحكومة أو حرب أهلية بدوافع سياسية”، وفق البيان الصادر عن السلطات القضائية في ميشيغان.
فمع وصول ترامب إلى البيت الأبيض أصبحت المجموعات المسلحة ذات الأيديولوجيا اليمينية جزءاً من المشهد السياسي الأمريكي، وبدأت تظهر أكثر فأكثر على الساحة، وجاءت إشارة الاستعداد التي وجهها ترامب نفسه خلال المناظرة مع منافسه جو بايدن لواحدة من تلك الجماعات، وهي Proud Boys، في هذا التوقيت، لتكشف عن مدى خطورة الوضع.
لكن جماعة Proud Boys ليست الوحيدة أو حتى أشهر تلك الجماعات المتطرفة، فهناك أيضاً “ثري بيرسنترز” و”أوث كيبرز” و”براود بويز”، وكذلك “بوغالوس بوا” و”باتريوت براير”، وتشترك تلك الجماعات في دفاعها عن حق امتلاك السلاح والعداء للحكومة والسلطة والأفكار اليسارية، كما أن بعضها مؤيد للأفكار الداعية لتفوق العرق الأبيض، ولديها ارتباطات بحركات للنازيين الجدد، وتعتبر أن قوات الأمن عملاء حكومة استبدادية، فيما تحضر أخرى لثورة وطنية أو حرب عرقية.
وفي بعض الأحيان، يعتنق أصحابها أفكار حركة اليمين المتطرف “كاي أنون” المؤمنة بنظرية المؤامرة، والتي تعتبر أن ترامب يخوض حرباً سرية ضد جماعة ليبرالية عالمية مؤلفة من متحرشين بأطفال وعبدة شياطين، وبحسب خبراء، تضم هذه المجموعات آلاف المؤيدين في البلاد، وهي تتواصل برسائل مشفرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

الإرهاب المحلي الأخطر
يعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن ناشطي اليمين المتطرف المعزولين أو المنضوين في جيوب هم التهديد الإرهابي المحلي الأكبر في الولايات المتحدة، ويتهمونهم بالمسؤولية عن وفاة العشرات خلال السنوات الثلاث الماضية، وأكد مدير المكتب كريستوفر راي، في أيلول/سبتمبر، أن المؤمنين بتفوق العرق الأبيض يشكلون التهديد المتطرف الأساسي، لكن معظم عمليات العنف القاتلة نفذت من جانب ناشطين مناهضين للسلطة ومناهضين للحكومة، مثل اغتيال أحد مؤيدي بوغالو شرطيَّين في كاليفورنيا في مايو/أيار.
وباتت هذه الجيوب تشكل تهديداً محتملاً لانتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني، خصوصاً منذ أن دعا دونالد ترامب، الذي أعرب مراراً عن مخاوفه من حصول عمليات تزوير هائلة يديرها الديمقراطيون، مؤيديه إلى التوجه لمراكز الاقتراع من أجل “حماية” بطاقات الاقتراع.
وقال الرئيس الجمهوري خلال المناظرة التي جمعته مع خصمه الديمقراطي جو بايدن، أواخر سبتمبر/أيلول “أدعو مناصريَّ إلى التوجه لمراكز التصويت ومراقبة ما يجري هناك بانتباه”، وأثار الجدل بدعوته مجموعة “براود بويز” إلى أن تكون على “أتم الاستعداد”، ليجيبه جو بيغز أحد قياديي المجموعة التي غالباً ما تدخل في مناوشات مع نشطاء اليسار، “نحن مستعدون”.
وفي الولايات التي تسمح بحمل السلاح في الأماكن العامة، يصعب منع الناشطين المسلحين من التجمع أمام مراكز الاقتراع، ما داموا لا يشكلون تهديداً مباشراً، لكن هؤلاء يمكن أن يستخدموا كأداة تخويف، كما أن الانقسام الحاد الذي تشهده البلاد منذ مقتل جورج فلويد، في مايو/أيار الماضي، واندلاع الاحتجاجات المنددة بالعنصرية، يهدد بتحول مراكز الاقتراع إلى ساحة حرب حقيقية قد تخرج عن السيطرة تماماً.
وهذه النقطة بالتحديد حذر منها مؤخراً كريستوفر راي، مؤكداً أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يخشى حصول مواجهات عنيفة بين ميليشيات اليمين المتطرف والنشطاء “المناهضين للفاشية” قبل الانتخابات، مضيفاً “هناك الآن عامل إضافي قد يدفع إلى تفجير العنف”.

استعدادات أمنية خاصة جداً
وفي هذا السياق نشرت شبكة CNN تقريراً بعنوان “المدن والولايات والأعمال تستعد للإضرابات الانتخابية”، رصد خطط تلك الهيئات والجهات للاستعداد لما وصفه المسؤولون بالكابوس الأسوأ في تاريخ البلاد منذ الحرب الأهلية، حيث تتراوح المخاوف بين حوادث العنف الفردية إلى احتجاجات ضخمة ومواجهات عنيفة بين المتطرفين من الجانبين وما بينها من حرق للممتلكات العامة والخاصة، وفي حال تأخر حسم نتيجة الانتخابات لأسابيع أو شهور كما هو متوقع فقد تخرج الأمور عن السيطرة بصورة كلية على مستوى البلاد.

مخاوف من خروج عنف الانتخابات عن السيطرة
وقد وصف جون كرانلي، عمدة مدينة سينسيناتي ورئيس مؤتمر عمداء المدن الأمريكية ورؤساء الشرطة الموقف بأنه “يحرمني النوم ليلاً”، مضيفاً أنه يخشى من محاولات “لمنع عمليات فرز الأصوات، وهو ما قد يؤدي أيضاً إلى أنواع متعددة من العنف لا أحد يمكنه توقع تداعياتها”.
والقصة هنا تتعلق بوجود ما وصفه مراقبون “بمراقبي الانتخابات” المسلحين من اليمين المتطرف وأنصار ترامب، بناء على دعوة الرئيس الذي لا يتوقف عن التشكيك المتكرر في نزاهة العملية الانتخابية، وهو ما يجعل أنصار الرئيس غير مستعدين لفكرة تقبل هزيمته من الأساس، رغم أن جميع استطلاعات الرأي تظهر تقدماً واضحاً لجو بايدن.
وفي ظل وجود احتجاجات في الشارع بالفعل من جانب أنصار اليسار بشكل عام والمنددين بالتمييز العنصري، وبينهم أيضاً متطرفون يقدمون على إحراق الممتلكات وخصوصاً مقار الشركات الكبيرة، تصبح الأمور مههدة بالانفجار، خصوصاً أن الانتخابات الحالية هي الأشرس وتسببت في انقسام حاد داخل المجتمع الأمريكي، وليس فقط الانقسام الحزبي المعتاد في كل انتخابات.
واللافت أن ترامب، في حديثه الأول للأمريكيين منذ إصابته بفيروس كورونا الجمعة، 2 أكتوبر/ تشرين الأول، اختار سكب مزيد من الوقود على نيران العنف المشتعلة بالفعل بقوله إن الانتخابات القادمة ستكون من أكثر الانتخابات “تزييفاً” على مر التاريخ بسبب انتشار التصويت عبر البريد.
وزعم ترامب عبر قناة Fox News اليمينية التي تدعمه، عكس شبكة CNN التي تقف ضده: “إنهم يرسلون ملايين وملايين وملايين بطاقات الاقتراع. لماذا يرسلونها؟ من الذي يرسلها؟ إلى أين يرسلونها؟ من أين تأتي؟ هل يتم التخلص منها؟ هل يتم بيعها؟ إنه أمر بشع”، مضيفاً: “ورغم كل ذلك أعتقدد أننا سنحقق نصراً هائلاً”.
وفي ظل هذه الأجواء التي تشبه الاستعدادات لحرب أهلية وليس انتخابات في دولة ديمقراطية، قال جوناثان واكرو، مدير إحدى شركات الاستشارات الكبرى أن “المخاطر مرتفعة جداً، وهذه الفوضى السياسية قد تتحول إلى شيء أسوأ، إلى أعمال عنف واسعة النطاق في حالة تقارب النتيجة أو تأخر إعلان الفائز، لذلك نعمل مع الشركات والمؤسسات المالية لوضع خطط أمنية مسبقة لمحاولة حماية مقراتها وموظفيها”.