لنعقد اتفاق..!

30 نوفمبر 2020
لنعقد اتفاق..!

 

هبه الحجاج

في البداية ، قد يكونُ عنوان المَقال غريباً نوعاً ما ، لأنه قد يجعلُ ذهنك تدورُ فيها تساؤلاتٌ عدة ، ما هو الاتفاق ؟! وعنْ ماذا سيكون ؟! وبين من ومن ؟! وما هي مُدة الاتفاق؟! وما هي أيضاً شروطُ هذا الاتفاق؟!

 

والآن أُريد مِنك أن تتوقفَ عن جميع هذه التساؤلات ، ودعني أُجيبك .

قد أكونُ استخدمتُ كلمةَ اتفاق ، مُدعماً الفكرة بمثلٍ فرنسي يُعجبني بعضَ الشيء ألا وهو “الاتفاق السيئ يجلبُ النقاش الطويل” وأنا أريدُ أن يكونَ هذا الاتفاق ، اتفاقٌ جيد من الألف إلى الياء، حتى نصلَ إلى ما نُريد ، حتى تصلَ أو تصلِ إلى حلمك .

اقترب قليلاً، ماذا كُتب على هذه الورقة ؟! كُتب عليها

بُنود الاتفاق،

المُتفق ” ……….”

المُتفق معه ” الدنيا ”

تاريخُ الاتفاق ” قد يكونُ من بداية عمرك ، أو من هذه اللحظة إلى نهايةِ عمركَ لا قدر الله، أو في ظروف استثانية : عندما تستسلم” .

كيف يتم دفع الاتفاق ” أن تكون اصم عن كلامِ الآخرين الذي يؤدي بك إلى الاحباط واليأس، وقد يؤدي بعض الأحيان إلى انكسار، وهذا مرفوض في هذا الاتفاق.

أن لا ترى أو تلمح هؤلاء الآخرين الذين يشاورون عليكَ بأنك فاشل، يُشاورون عليكَ بأنك إنسان عاجز لا تستطيع، أو ينظرون إليك بأعينهم بأنك إنسان ليسَ لهُ قيمة ، هؤلاء مرفوض أن تجعلَ عينك تنظرُ إلى أعينهم و إن كان بمحضِ الصدفة، يجب عينيك أن لا تراهم .

أريدك أن تلبسَ درعاً يحميكَ من هؤلاء الأشخاص، من كلامهم، نظراتهم، أُسلوبهم الذي قد يؤدي بك إلى الفشل ، وقد يجعلُ شمعتكَ تنطفئ التي لطالما داريتها عن الرياح حتى تبقى مضيئةً لك الطريق ، إياك والكسر، إياك والخوف، إياك والانسحاب، أريد أن يكونَ شعارُك في هذا الاتفاق (أكون أو لا أكون) ” .

والآن سأنتقل إلى شروطِ العقد ، في كُلِ اتفاقياتِ العالم ، يجبُ أن يكونَ المُتفق على دِراية بشروطِ الاتفاق، حتى يُقرر يُكمل أم ماذا في هذا الاتفاق ، لكنه لا يُوجد بهذا الاتفاق سِوا شرطٌ واحد، هو أن تستمِع أو تقرأ هذه القصة وعلى ضوءِ ذلك تُقرر هل ستتفق معي في هذا الاتفاق أم أنكَ ستنسحب وتقول ” أنا اعتذر هذا الاتفاق لا يُناسب شخصيتي” لنرى ، إليكَ القصة :

 

في أحد الأيام، عندما كان أديسون في الثامنة من عمره، عاد إلى البيت من المدرسة وهو يشعر بالأسف، لأن معلمه كلَّفه بتسليم مذكرة إلى والديه.

قرأتها أمه، نانسي إليوت (1810-1871)، أمام نظرات ولدها المترقبة لمحتوى المذكرة.

سألها قائلاً “ماذا يوجد بها؟”

بدموع في عينيها قرأت نانسي لابنها محتويات تلك الرسالة المقتضبة:

“ابنك عبقري، هذه المدرسة متواضعة جداً بالنسبة له، وليس لدينا معلمون جيدون لتعليمه.. من فضلك، علِّميه في المنزل”.

 

عانقت نانسي توماس وأخبرته ألّا يقلق، وأنها مِن تلك اللحظة ستهتم بتعليمه بنفسها، وهذا بالضبط ما حدث.

 

ما الذي كان سيحدث لو أن والدتهُ سمحتْ لنفسها أن تقولَ لهُ على الرسالة التي كان نصها:

“ابنك غبي جداً، فمن صباح غد لن نُدخله المدرسة” ؟ ما الذي كان سيحدث لو أن والدته سمحتْ لنفسها بفعل ما يفعله مُعظم الآباء الذين يُطالبون أبناءهم بالصمت؟ ما الذي كان سيحدث لو طلبت منه أن يستمع فقط ولا يتحدث، وأن يتبع ما يمليه عليه معلمه بدقةٍ متناهية؟

ربما لم يكن لدينا كهرباء الآن.. على الأقل.

يعجبني كثيراً قول أحمد ديدات ” لا تكن هشاً، أي ضربة تسقطك، وأي صدمة تضعفك، وأي فشل يعقدك، وأي خطأ يقتلك، كن قوياً، فلا مكان للضعفاء في هذا الوقت” .

والآن بعد أن قرأتَ الاتفاق، ووضحتُ لكَ ما لكَ وما عليك، إذا أردت أن تُوقع على هذا الاتفاق تذكر قول “من لا يحترم كلمته لا يحترم توقيعه”.

عمر فاخوري

أما إذا لم يُعجبك هذا الاتفاق تَستيطع أن تُمزق الورقة و” يا دار ما دخلك شر “.