متاهة العربان في الزمان والمكان !

10 مايو 2022
متاهة العربان في الزمان والمكان !

بسام الياسين

 نقف على عتبات سنوات عجاف،وزمن فاصل بين انظمة أُستهلكت،وشعوب تعبت.مستقبل غامض مفتوحٍ على العدم،وتغريب قسري للانسان العربي،في سراديب الخوف والتخلف،من اجهزة،تفننت بتقزيمه والتستر على نفيضه الفاسد .مفارقة لافتة،ان مدراء الاجهزة العربية، اكثر اهمية وشهرة من علمائها و مبدعيها،رغم ثقافتهم المحدودة وشخصياتهم العادية / المتواضعة. عوامل مجتمعة ادت لاستئثار المتنفذين،”بالنعمة” وصب ” النقمة ” على رؤوس المواطنيين ،بدعم واسناد خبيث من اعلاميين نفعيين،مهمتهم تلميع الصورة ،وحرق البخور لتعطير السمعة،بثمن خسيس مال زائل وكرسي دوار.هم انفسهم صفقوا لمعاهدات العار.مستبدلين القداسة:ـ من يُفرط بوطنه يفرط بدينه،بالنجاسة :ـ الثقافة في خدمة المنفعة.

النظام السياسي العربي،لم يتقدم قيد انملة،بعضها شمولي،ادواته مقص الرقيب،زنزانة رطبة،هراوة صلبة.لهذا بقيت الاوطان،تراوح مكانها،لإنعدام البيئة السياسية الصحية،المحيط الاجتماعي النقي،المناخ النفسي السليم، حرية تعبير.كانت الحصيلة سلطة متسلطة،فامضي ـ الغلبان المدين ـ عمره،فاقد الوزن والاتزان. ليغدو اقصى مناه،نافذة للهرب او خط مجارٍ للنفاذ منه بجلده،لان اقسى ما في الحياة العيش غريباً بلا وطن.،لكن الاقسى ان تعيش غريباً في وطنك.

لعبة التغني بالاصلاح / التحديث لا تُطرب،ما لم يتحول الفرد من تقليدي الى حداثي ومن فوضوي الى حضاري.فالتحديث مشاركة شعبية للتحول الانساني و احداث انقلاب كلي في الحياة،على رأسها، نقل عقلية الفرد من ساكنة خاملة الى مبدعة خلاقة. و لن يحدث هذا،لفقدان الامن المائي و الغذائي،غلاء الطاقة،انهيار التعليم،تراجع الصحة،البطالة،المديونية،غياب الحاكمية الرشيدة،سوء الادارة،العبث بالمال العام،شلل المؤسسات من نخب فاسدة، لا تخفى افاعيلها على اعمى.ابسطها تحميل العامة،فواتير قراراتها الخاطئة.

ذلك يدل،ان لا قيمة للقوانين عند النافذين،ولا وزن للدساتير عند الحاكمين،ما اورث رغبة عند الاغلبية بالهجرة،بعد ان كشفت ما تحت الاقنعة، وما تُخفي اصباع التجميل من تجاعيد بشعة. فاسوأ الاوطان،تلك التي تعطيها عمرك، فَتُضّيق عليك عيشتك.إذاك، تلعن تاريخ ميلادك،ومسقط راسك.

 فالبيئة تَسِمُ الانسان بِسماتها وتُكسبه ملامحها.فمن الاستحالة اذاً، عزل اثر الزمان والمكان عن ساكنهما ـ الانسان ـ.فهما يشكلان دورة حياته وحركة تكوينه وجدلية الاثر والتأثير بينهما،القائمة منذ خلق الخلق الى يوم يبعثون.ما يدل على اهميتهما، في تكوين شخصية. ما يؤسف له، ان بلادنا طاردة للعقول،قاتلة للمواهب لانعدام البيئة المناسبة للانسان المبدع .

 بدهية، ان لا اصلاح دون كنس العفن، وشطف الدرج من اعلاه. ففساد مؤسسة صغيرة،يعني فساد السلطة كاملة،فما بالك اذا عمَّ الفساد في البلاد، حتى صارت مجوفة كقصبة فارغة،هشة كالفخار،سهلة التحطيب كغابة يابسة،لوجود نخب منتشرة كدمامل متقيحة،تحت جلد الامة،تضرب مناعتها ولا محاسبة ومجالس نيابية رخوة وصحافة غائبة مُغيّبة،اعلام مرعوب ،بشهادة النسخة الاخيرة من تقرير” مراسلون بلا حدود ” لعام 2022.

يصراحة، الامة العظيمة، لا يرفع شأنها الا رجالها، اما ” الطحالب الطفيلية ” الطافية بلا جذور على مائها.لذا ظلت المجتمعات العربية تقليدية، لم ترتقِ لمجتمع المواطنة. فالكل محلوب في دلو النخبة ومسلوب الارادة من الدولة العميقة.

فجاء الخراب، من استبعاد الناس عن قضاياهم المصيرية،باستعبادهم عن طريق تزوير ارادتهم في الانتخابات لصناعة مجالس كرتونية. مشكلاتنا جميعها يمكن تجاوزها، بتجاوز النظام الابوي السائد الى نظام شعبي حداثي واعد.غير ذلك “حكي مصدي وجوز فاضي “