عالم بلا مبادئ

12 أبريل 2022
عالم بلا مبادئ

بقلم: أنس معابرة

ما فتئت المواقف الدولية تثبت لنا في العالم العربي والإسلامي أن العالم الغربي لا يقوم على مبادئ في جميع تعاملاته معنا، بل ما زالوا يؤكدون لنا أن المبادئ عندهم قد تتغير أو تتبدل بما يخدم مصالحهم هم وحلفاءهم بعيداً عنا.
لقد أثبتت الحرب الروسية على أوكرانيا أن الغرب ما زالوا يكيلون بمكيالين، ويسعون الى تدشين جميع الأنصار والحلفاء بما يخدم أهدافهم ويحقق الهزيمة النكراء لروسيا في أوكرانيا، ليس لمصلحة أوكرانيا، بل من اجل أهداف خاصة قد تتضح للجميع لاحقاً.
في الوقت التي أدانت فيه معظم دول العالم الغزو الروسي لأوكرانيا التي تسعى الى تأمين حدودها من الهجمة الغربية للولايات المتحدة وأوروبا عبر الناتو، والدفاع عن المياه الدافئة التي تقع عليها موانئها عبر البحر الأسود، ما زالوا يغضون الطرف عن الغزو الصهيوني على فلسطين العربية المسلمة، بل ويسعون بكل قوتهم وإمكانياتهم الى دعم النظام الصهيوني إقتصادياً وعسكرياً وسياسياً.
وفي الوقت الذي سكت العالم فيه عن تكوين عصابات من مختلف دول العالم لقتال الروس في أوكرانيا، ما زالوا يعتبرون المقاومة الشرعية ضد الصهاينة المحتلين لفلسطين نوعاً خاصاً من الإرهاب المدان والمحرم دولياً.
لماذا تسمحون للمتحمسين بالدفاع عن أوكرانيا بالقتال ضد الروس، وتدعمونهم بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، وتقدمون لهم تسهيلات العبور والوصول الى أوكرانيا؟ وفي ذات الوقت تضيقون الخناق على أهل فلسطين وإخوانهم من العرب والمسلمين، وتمنعونهم من الدفاع عن أنفسهم امام نظام صهيوني متطرف يسعى الى هدم البيوت، وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية، ويحرمونهم من ابسط الحقوق الإنسانية في الحياة والتعليم والصحة والماء والكهرباء.
الغريب في الموضوع أن العديد من القنوات الإخبارية والصحف العربية التي تعرفونها جيداً تقف وقفة صامدة الى جانب الأوكرانيين، وتحتفل بكل إنتصار يحققونه على الأرض، أو أي تراجع روسي عن مناطق قام بالسيطرة عليها.
أين كانت تلك القنوات والصحف من عمليات الهدم المبرمجة التي يقوم بها الاحتلال لبيوت الفلسطينيين، والحفر تحت مقدساتهم بهدف هدمها، وتدنيسها بالشعائر الصهيونية المتطرفة؟ أين كانوا من الهجوم الهمجي على حي الشيخ جراح في القدس، والمحاولات المستمرة لإخراج أهله منه وإستبدالهم بالمحتل الغاشم؟ أين كانوا من الهجمات المستمرة على غزة المحاصرة منذ عشرات السنوات، ولا يُسمح لأبنائها وأهلها بالحياة الكريمة والتعليم، في ظل المحاولات المستمرة للتضييق عليهم وحرمانهم من الخدمات الأساسية؟
بل والأنكى من ذلك أن نبادر عربياً وإسلامياً الى إستنكار العمليات البطولية التي يقوم بها شباب بعمر الورد ضد المحتل الصهيوني، وهم يدافعون عن أعراضهم وأرضهم وأوطانهم وأمتهم العربية والإسلامية، كل ذلك يتجلى في شكل واضح من أشكال ظلم ذوي القربى الأشد مرارة.
خلاصة القول:
ربما لا يكون لنا في الحرب الروسية الأوكرانية ناقة ولا جمل، ولكن لا بد أن نستخلص منها الدرس الواضح بأن العالم اليوم أصبح بلا مبادى، يغير من أفعاله وأقواله بما يناسب مصالحه وطموحاته، ويضرب بكافة المبادئ التي ينادي فيها دائماً عرض الحائط، وعلينا البدء بالبحث عن مصلحتنا ومصلحة شعوبنا وأهلنا، والتوقف عن الجري خلفهم دون طائل.