المواقف لا تحتمل الصمت ..!

11 أبريل 2022
المواقف لا تحتمل الصمت ..!

المحامي بشير المومني

كان مسؤول المخابرات السوفيتية ( كي جي بي ) في محطة سفارة بلاده في المانيا الشرقية يرقب بقلق التطورات المتسارعة للاحداث .. كانت المظاهرات العارمة تغزو الشوارع .. الحشود الغاضبة تتوجه نحو الجدار الفاصل بين شقي مدينة برلين .. المتظاهرون يتسلقون الساتر الحديدي لتتساقط معه كل قيم المعسكر الشرقي .. فجأة صمتت بنادق حرس الحدود وموسكو ( لا تجيب ) .. يتصل ضابط المخابرات ( بالمقر ) ليبقى الوضع ( قيد الانتظار ) .. لا احد في القيادة لديه جواب ولا مسؤول قادر على اتخاذ قرار والصمت سيد المشهد ..

في لحظة حرجة وعلى مسؤوليته الشخصية يقوم ضابط مخابرات الكي جي بي ( فلاديمير بوتين ) باتخاذ قرار حاسم حفاظا على ما بقي من وجه الامبراطورية المتلاشية وتطبيق القواعد الاستخبارية المرعية ليتلف جميع الوثائق السرية في السفارة والتي تشتمل على جزء مهم من اسماء عملاء ومصادر ووكلاء جهاز الكي جي بي في اوروبا والمانيا الشرقية والعمليات والمعلومات ذات الصلة .. حيث توصل بوتين الى قاعدة حكيمة مفادها ان الصمت في المواقف التي تتطلب اتخاذ القرارات الوجودية يعني امرا واحدا (( انهيار منظومة اتخاذ القرار )) وهذا الانهيار له نتيجة واحدة فقط (( سقوط النظام )) ..

في عالم السياسة وفن الممكن كل شيء متاح والادوات كثيرة وعندما تتراخى منظومة اتخاذ القرار او تتردد او تخفق او تكون عاجزة عن اتخاذ القرار خصوصا في القضايا الوجودية بالرغم من بحبوحة الادوات ونطاق الاتاحة فهذا يعني سقوط المنظومة وتصدعها تمهيدا لزوال النظام ومن قبيل ذلك القاعدة الاساسية في الحكم (( إياك ان تتخذ قراراً لا تستطيع تنفيذه )) ويبنى على ذلك أيضا أن الاخفاق في تنفيذ خطة موضوعة سلفا او التراجع عنها لوجود تقاطعات مستجدة او عدم القدرة على التصدي لمستحدث مفاجيء ضمن نطاق معالجة ملف محدد فهذا يعني شكلا اخر من اشكال سوء التخطيط المؤدي بالنتيجة لتفكك المنظومة وزوال النظام .. الخلاصة الجوهرية التي يمكن ان ننتهي اليها هي (( الصمت في القضايا الوجودية مقدمة زوال )) .. هل وصلت !!!؟؟؟