لم يعد الوقت يسعفنا !

26 نوفمبر 2020
لم يعد الوقت يسعفنا !

بقلم:د. مرام أبو النادي

لماذا بات الوقت سيفا لا يرحم ليس أعناق المتكاسلين فحسب؛ بل أعناق الأفراد الطبيعين أي أولئك الذين يعيشون حياتهم ضمن خططهم بالروتين اليومي الذي اعتادوا عليه؟؟

هذا السؤال لا يقاوم الفكرة الإيمانية القائمة على الحمد و الشكر لله تعالى على ما أعطانا من قوت يومنا و من أرزاق لا تعد و لا تحصى؛ و التي ألفناها في حياتنا؛ لكن قول الله تعالى : ” و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون و ستردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون”. يثبت أن الله  كلفنا بالعمل وليس أي عمل بل الذي سيكون عليه شهود وهذا يعطي مؤشرا واضحا أن العمل الذي يجب فعله لا بد من أن يكون صالحا خيّرًا و فعل الأمر خطابي يدل على استمراريته في المضارعة و المستقبلية..

نحن نعيش في زمن لم تعد الأمور المألوفة صالحة بكليّتها له؛ فالتجديد بالعمل سمة أساسية للتكيف مع متطلباته، قد نصادف بعض المواقف أو المشكلات الجديدةفنبحث عن حلول لها؛ فنستعير و نسترجع من مستودع الذاكرة بعض الحلول المألوفة لهذا النوع من المشكلات غير المألوفة فحتى نتمكّن من استيعابها وفهمها بشكل أفضل نقوم بالتفكير فيما يناظرها أو يشابهها في المخزون المعرفي للفرد أو الجماعة وفقا لاستراتيجة تأليف الأشتات، وبالتالي تصبح الفرصة مهيأة للتوصل إلى حل إبداعي لها. 

ذكر في الأدبيات أن المعرفة تتضاعف مرة كل ثلاث إلى خمس سنوات…. هذه الإحصائية تنتمي إلى ( التسعينيات) أعتقد أنكم تستطيعون تقدير الكم الهائل من التسارع و التضخم المعرفي  في الألفية الثالثة التي نعيشها !

 فهل سيسعفنا الوقت و سيمهلنا لأن نعتمد الحلول ذاتها أو حتى طريقة التفكير ذاتها؟

لن يعود هناك مكان لمن يتمسك بطريقة واحدة في التفكير، أو من يعمل على اجترار الحلول لمشاكل تتطلب الاستثناء في التناول؛ فالقاعدة الأساسية التي تعتبر من أبجديات التفكير النظمي: أن حلول الأمس لا تصلح لمشكلات اليوم!   المسألة تتلخصفي اختصار الجهد بإعمال العقل و شحذ التفكير فيمكن  تشبيه ذلك الشخص التقليدي بحلوله و تفكيره بالذي يمسك قالبضرب العملات المعدنية؛ ليحصل على النقود بضربها ؛ بينما يتداول الجميع( البتكوين) إلكترونيا !!  صاحب الفكر التقليدي التلقيني لن يسعفه الزمن و لن يلحق بالركب.. سيكون في عالم قديم يغلق على نفسه أبواب عقله و يوصدها جيدا؛ لأنه لن يتكيف مع الجديد سيعيش مع ذكرياته وخبراته القديمة التي ستقتله يوما ما عوضا عن خوض غمار المعرفة و سبر الغوامض، و التلذذ بأفكار أصيلة و تجريب متعة التحليق في التفكير، و الوصول إلى حلول لم يسبقه إليها أحد هذا العمل المجدي النافع الذي سيشهد الجميع له به .

هذا العمل سبب الوجود … هو ليس سباقا بل متعة العيش تكون بالتورّط المفيد بالإنهماك و الإنجاز .. لأن أجمل متعة فعليا هي متعة خلايا دماغك و هي تتعلم أمرًا جديدا فتخترقه لتكوّن معرفتك الجديدة فتقدم عملًا إبداعيّا جديدا .